الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 292الرجوع إلى "الرسالة"

غريب

Share

قرأت في عدد ٢٨٩ من   (الرسالة)  مقالاً دبجته براعة الأستاذ  عمر الدسوقي وقد أعجبني الشعور النبيل والثورة للكرامة المهانة  والدفاع عن القومية المثلومة

وأود أن ألفت النظر الأستاذ إلى الغلطة الكبرى التي وقع فيها.  إنه دافع عن نفسه خير دفاع وأبان حقيقة المدنية المصرية إبانة  لا ينكرها عليه عاقل، ولكنه حط مقام شعوب لها كرامة تعتز

بها وقومية ومدنية حافلة زاهرة، فإنه تبرأ من أن يكون   (زنجياً  أو هنديا ًأو نوبيا ًأو حبشياً)  وذلك ظاهر في كلام الأستاذ  الفاضل، إذ يقول: (بل إني مصري، تجري في عروقي أنبل الدماء  وحسبك أن تعرف أننا من أرقى الشعوب مدنية وحضارة قديماً  وحديثا ًولن أقبل من مخلوق مهما تكن سطوته أن يلحقني بهؤلاء الذين  ينظر إليهم بعين الازدراء والامتهان وبعدهم دونه في الذكاء والمدنية)

إنني لست في مقام جدال، وفي هذا الموضع لا يمكنني  إلا أن أذكر الكاتب الهندي كاراكا وكتابه   (إلى الغرب)   igo Westفإن هذا الشاب عند ما كان يدافع إنما كان يشمل  قضية المهضومين كلهم ولا يفرق بين اسود وأدكن وأسمر وقمحي.  كلهم سواء استعبدوا واستذلوا ظلماً وعدواناً. وكان الأحرى  بأستاذنا أن يحذو حذوه ويدافع عن   (قضية الظلم والاستعمار  والاستعباد)

لا شك في أن القوم هناك ينظرون إلينا   (الملونين)  بعين  ازدراء والاحتقار ويعتبروننا أقل ذكاء وعقلية منهم، ولكن  العلم الحديث برهن على خطل هذه النظرية التي روجها بعض    (العلماء التجار)  المغرضين كي يجعلوا له حقاً سماوياً منزلاً  لاستعباد الشعوب الضعيفة واستعمارها

إن الدافع الذي أملى على الأستاذ كتابة المقال، هو نفسه  الذي حفزني لأن أسطر هذه الكلمات التي لا تفي ولكنها تذكرة.  إن الحبشي لا يقبل أي إهانة لوطنه، والهندي لن يرضى بطعن  في عقليته أو وطنيته. ولا أدري كيف زل قلم الأستاذ هذه الزلة  فإن النوبيين قد مصريو الأصل. . . وربما رد الأستاذ هذا القول  بقوله إنهم سودانيون. . . وفي هذه الحالة ستزداد دهشتي لأن  المعروف لدينا أن مصر والسودان قطر واحد، ولكن السياسة  المغرضة جزأته ولعبت فيه ما شاء لها، وأرجو أن يعمل العاملون لرتق  هذه الثغرة. والغريب أن كثيراً من فقرات المقال ينافي قوله هذا!

الخرطوم)

اشترك في نشرتنا البريدية