الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 964الرجوع إلى "الرسالة"

غضبة مصر

Share

(. . . أن غضب الشعب كغضب الطبيعة، إن هاج  لا يقدع،  وإذا وقع لا يدفع):  (الزيات)  - الرسالة العدد ٩٦٢ -

حمى العرب في مصر من روعه؟ ... ومن عاث فيه ومن زعزعه

تغشى الشجون نهاراته ... وتسهد ليلاته المفزعة

تضرج آفاقه بالدماء ... وبالهول والنكبة المفظعة

وبالقلق المر يغشى الحمى ... ويدمعه حسرة موجعة

ويبتعث الفتية القاحمين ... أولى البأس والغبطة المشرعة

تنادى الكرام على خطبه ... ولبوه بالمهج الطيعه

ورووا أباطحه بالدماء ... وندوا بمخضو به أربعه

وكانوا الأضاحى يوم الفداء ... فكانوا العطاش على مشرعه

تهاووا على الموت فى لهفة ... فمر بهم سنة مسرعه

فذاقوه أعذب ما يشتهى ... فيالك من ميتة مطمعه

فياطيفهم أنت ملء الضلوع ... عزيز على القلب أن ينزعه

يعيش بذكراهم دائبا ... فتسهر ذكراهم مضجعه

وتغمره بالأسى والحنين ... فان شمته شمته أدمعه

كأنهم بسمات الربيع ... تجود بها روضة مونعة

كأنهم نفحات الخلود ... فلله عطرك ما أضوعه

حمى العرب فى مصر من روعه ... ومن عاث فيه ومن زعزعه

ومن أنت يا خزى هذا الأنام ... ومن أنت يا ناشد مصرعه

ومن أنت يا بدعة الظالمين ... أما آن للحق أن يقمعه

أتنحوا على الروض نظرا جناه ... تقصف فى حنق أفرعه

وتطوى مباهج سفر الوجود ... وما ضم من صور ممتعه

وتقذف بالرعب فى الآمنين ... وتلتهم الطفل والمرضعه

تزلزل بالناس سكناهم ... كان ديارهم بلقعه

وتأتي على بلد صابر ... عجيب لكرك ما أفظعه

بوجه تلفع بالموبقات ... تعف الخساسة أن تصفعه

وقلب تخلع من رعبه ... تشبث بالكهف والصومعه

تسلح بالغدر يوم الصدام ... فكان على الغدر أن يصرعه

فما ضره لو أماط اللثام ... وخلى لأربابه برقعه

وعقل من الطيش مستنبط ... قضى دهره كله إمعه

إذا أزمع الناس يوم الزماع ... تلجلج مستأنيا مزمعه

وإن نهضوا للعلى والرشاد ... مشى للخنا سالكا مهيعه

ولو كان أمعن في عقله ... لكان من الخير أن برقعه

أضاع الرشاد غداة الهياج ... ولا يعرف المرشد من ضيعه

فيالك مدعيا باغيا ... ولله بغيك ما أشنعه

ويالك من مورد آسن ... يمج ضروب الأذى والضعه

بنى النيل هبوا بيوم الفخار ... فلا خير فى العيشة المضرعه

بناء من الظلم جدرانه ... فلن نرجع الدهر أو نصدعه

ولا تهنوا فى مجال الكفاح ... ولا ترهبوا جاحم المعمعه

ألستم بنى العربى الأبى ... ومن عاش للمعتفى مفزعه

ومن مر بالأرض مثل الغمام ... وطوقها رحمة ممرعه

إذا هجته هجت ليث الشرى ... فهاجت على أثره مسبعه

وإن رمت تقبس من هديه ... أراك السنا سابرا منبعه

إذا كتب القوم تاريخهم ... فتاريخنا الخير والمنفعة

وتاريخنا حافل بالعلاء ... وتاريخهم ملؤه الجمجعة

سأنشر ما عشت أمجادنا ... وأبعث ماضينا اسطعه

بنينا على الحمد هذا الوجود ... وصغناه أنشودة مبدعه

فلا بد للحق أن يستفيض ... ولا بد للبطل أن ندفعه

هو الرزء يجمع أشتاتنا ... فاعلوا بحبكم مجمعه

تساقى الإخلاء أمواهه ... وطافوا بأكوابه المترعة

تلاقوا كما تتلاقى الدموع ... وتشتبك الدوحة المفرعه

وصانوا العلى والإخاء القديم ... وصانوا التراث ومستودعه

ومن عاق هذا الهوى والوئام ... فأنا عليه ولسنا معه

ومن يزرع الربح فى أرضنا ... فلا بد أن يحصد الزوبعة

دمشق

اشترك في نشرتنا البريدية