الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 288الرجوع إلى "الرسالة"

فاتنتي مع النهر. . .؟

Share

مَرَّتْ عَلَى النَّهْرِ. . فَقَالَتْ لَهُ ... وَمَوْجُهُ في خَشْعَةِ السَّاجِدِ:

يا نَهْرُ قاسِمْنِي الأَسَى مَرَّةً ... وهاتِ أخْبَارَكَ عَنْ عَابِدِي!

نَبِيُّ أَحْلامي، وشَادِي الهَوَى ... بِمُعْجِزَاتِ النَّغَمِ الْخالِدِ

طالَ عَلَيَّ الشَّجْوُ مِنْ بُعْدِهِ ... والصَّمْتُ مِنْ قيثارِهِ الزَّاهِدِ

أَضاقَتِ الدُنْيَا بِتَغْريدِهِ ... فَطَارَ عَنْ مَوْطِنِهِ الجَاحِدِ؟

أَمْ رَاحَ يُلْقِيهِ، فَيَمْضِي كما ... مَرَّ الصَّدَى بِالكَفَنِ الهَامِدِ؟

يَا نَهْرُ أَسْمِعْنِي حَدِيثَ الهَوَى ... وَهَاتِ عَنْ بُلْبُلِيَ الشَّارِدِ. .

فَغَمْغَمَ النَّهْرُ. . وَقَامَتْ لها ... أمْوَاجُهُ تُلْقِي صَلاَةَ الحَنِينْ

وَالشَّمْسُ فَوْقَ الشَّطِّ غَرْبِيَّةٌ ... صَفْرَاءُ كَالشَّكِّ بِوَادِي الْيَقِينْ

وَقَالَ: يا عَذْرَاءُ عِنْدِي لَهُ ... أّسْمَارُ دَمْغٍ، وَمَغَانِي أَنِينْ!

كَمْ مَرَّ بي، تَحْمِلُ أَقْدَامَهُ ... شُجونُ أَزْمَانٍ، وَبَلْوَى سِنِينْ

أّنْغَامُهُ مُرْتَعِشَاتُ الصَّدَى ... وَالنَّايُ مَفْجُوعُ التَّغَنِّي حَزِينْ

لَمْ تَتْرُكِ الدُّنْيَا لَهُ فَرْحَةً ... يَنْقِلُهَا مَوْجِيَ لِلعَاشقينْ

كَأّنَّمَا ذَوَّبَ أيَّامَهُ ... وَعَبَّ مِنْهَا سَكَرَاتِ الجُنُونْ

سَأّلُهُ: يا ابْنَ الأسَى رَحْمَةً ... فَالنَّوْحُ لا يُطْرِبُ سَمْعَ الصَّبَاحْ!

فَجْرُكَ رَفْرَافُ السَّنَا، والمُنَى ... فَوْقَكَ طَيْرٌ عَبْقَرِيُّ الجَنَاحْ

مَالَكَ لا تَلْهَمُ غَيْرَ الأَسَى ... وَلاَ تُغَنِّي غَيْرَ نَارِ الجِرَاحْ!

فَقَالَ: يَوْماً سَتُلاَقِي هُنَا ... بَيْضَاَء مِنْ حُورِ السَّماءِ المِلاَحْ

تَبْحَثُ عَنِّي. . فَأَجِبْهَا: مَضَى ... صَبُّكِ فِي الدُّنْيَا شَرِيدَ النَّوَاحْ

أّنْتِ الَّتِي أّسْلَمْتِهِ زَوْرَقًا ... فِي لُجَّةِ الدُّنْيَا لِهَوُجِ الرِّياحْ

فَمَرَّ كَالنِّسْيَانِ بي. . وَانْطَوَى ... صَبَاحُهُ عَنِّي شَقِيّاً. . وَرَاحْ!

فَاتِنَتِي! سِرُّ الْهَوَى سَابِحٌ ... فِي نُورِ عَيْنَيْكِ. . فَلاَ تَسْأَلِي!

فِي زَهْرَةِ المَرْجِ شَذىً نَائِمٌ ... أَخْشَى علَيْهِ يقْظَةَ المِنْجَلِ. . .

اشترك في نشرتنا البريدية