الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 754الرجوع إلى "الرسالة"

فصل الخطاب

Share

قم لنعكف على كؤوس الشراب ... وتزود من الشعاع المذاب

واسقني باسم   (غلوش)  من عصير ... قد براه الإله في الأعناب

خمرة أطلقت من الدن فافتر ... ت سروراً عن لؤلؤ من حباب

نورها الباهر المشعشع يسري ... نشوة في القلوب والأعصاب

تتنحى العقول حين تراها ... أقبلت في مواكب الأكواب

كرمها الأخضر الظليل تراها ... ثورة أعلنت على الألباب

مل إلى الحان واحتسيها وجاور ... معشراً تائه الهدى والصواب

واجعل اللهو والشراب سفيناً ... في بحار الهموم والأوصاب

لا تكن زاهداً ففي العصر زهد ... هو زهد المحتال والنصاب

ما احتفى الدين بالمظاهر لكن ... بقلوب صفت صفاء الشراب

ودعاء اللسان من غير قلب ... طاهر ليس بالدعاء المجاب

كم قلوب في الحان أصفى وأنقى ... من قلوب طغت على المحراب

هات هذا الأكسير ينسى شقائي ... في ابتعادي عن موطني واغترابي

فجعتني الأيام في خلق النا ... س وفي المشتهى من الآداب

إيه دنياكم انهبوها فمالي ... متعة في الحياة يا أترابي

أنا في رحلة عن الملأ الأع ... لى وهذا التراب سوط عذابي

وقد بلغت الستين عاماً وما ز ... لت كما كنت نيراً في شبابي

صقلتني الأيام صقلاً عنيفاً ... فصفا جوهري ورق حجابي

أنا بالله في ثراء وجاه ... قد حماني مذلة الأذناب

أهل جاه الدنيا ظلال أراها ... تتلاشى فمالها من إياب

رب ضخم الحياة منتفخ ألا و ... هاج أمست دياره في خراب

ثقتي بالحياة ضيعها المو ... ت فولت ولم تعد في حسابي

سبقت حكمة المشيئة في النا ... س بأن يرجعوا لهذا التراب

وبعيني رأيت مدرجة المو ... ت تواري الأخيار من أحبابي

أنا في إثرهم أجد ولي يو ... م احتضار يكون فيه ذهابي

خدعتنا حضارة الجيل باللين ... وأودت بنا بظفر وناب

الحياة التي نكابدها اليو ... م حياة الطغيان والإرهاب

قبضت كفها فهانت على الفضل=وضاقت على ذوي الألباب

لا تقل في الحياة ناس فما حو ... لك إلا فصائل من ذئاب

صافح البعض بعضهم مستريب ... ين بأيدي خناجر وحراب

وغدت حالة الممالك فوضى ... ومشى حربها على الأبواب

ينشدون السلام في كل يوم ... كظماء مخدوعة بالسراب

كم تغنت بالسلم في القوم بوم ... جاوبتها أنشودة من غراب

ويل هذا السلام من كل جبا ... ر عنيد مخاتل كذاب

اتخذته الشعوب رباً وما زا ... ل يسوق القطيع لقصاب

ما لنا نجحد الحروب وفي الحر ... ب هلاك لا نحس الأرباب

أيها الرب أن خوفك رباً ... لم يزل وجده العزيز الجناب

لا تغرر بالناس وافرح بما نلـ ... ت وباهي بالمجد والألقاب

إن عبادك الذين يحابو ... نك ضلوا وخاسر من يحابي

أقرضوك الثغاء منهم لشيء ... مثلما يقرض النقود المرابي

فارتقها من السماء ففيما ... قدرته السماء فصل الخطاب

(أبو الوفا)

اشترك في نشرتنا البريدية