لا يمل حضرة العلامة الجليل الأب المستاس ماري الكرملي عضو مجمع فؤاد الأول للغة العربية من نشر الكتب المفيدة وإتحاف قراء العربية بها ، ولا سيما ما كان منها للسلف الصالح . فقد اصدر لنا في هذه الأيام العصيبة سفراً اسماء " النقود العربية وعلم النميات " وقد وقع في ٢٦٠ صفحة بقطع الثمن الكبير ، وأودع ما بين دفتيه كل ما قاله العرب علي النقود من أقدمين ومحدثين ، وصحح روايات ما نقله بعض النساخ ومسخوه ، مقابلا إياها بروايات اصح وأقدم . وكذلك فعل بما أعاد طبعه من تلك الرسائل . ففي هذا الكتاب نصيب تصحيح فصل البلاذري الذي ذكر فيه النقود في كتابه ( فتوح البلدان ) ( ورسالة النقود القديمة ) للمقريزي ، وما جاء في تاريخ ابن خلدون ، وماحققه القلقشندي في كتابه " صحيح الأعشي " ، وما صنفه الشيخ مصطفى الذهى ، وهو اخر من كتب في هذا الموضوع .
وبعد ذلك اودع في معجم صغير جميع اسماء النقود التي ورد ذكرها في الجاهلية وصدر الإسلام ، واغلب تلك الألفاظ لم ترد في معاجم اللغة ، وإن كان قد جاء فيها شئ يشوهه خطأ صححه وبين وجه التصحيح فيه .
وفي معجم آخر صغير هجاني أيضا جمع أسماء النقود التى ضربت بعد عهد العباسيين ، وقد دون منها ١١٦ رسما لم يرد أكثرها في ديوان لغة قديم أو حديث . فالكتاب كما تري من جهة تاريخ النقود هو أثمن
ذخيرة ، ومن جهة اللغة فإنه افخر كنز ، إذ فيه من المستدركات ما يجب أن تزين بها بحور تلك المعاجم ،
ويحسن بالمستعيين بمفردات اللغة وفوائدها ان يطالعوا ما كتب في المعجم الأول من معجميه المذكورين ، لا سيما ما جاء علي البدرية ( صفحة ١٤٤ ) والنفر ص (١٤٥ ) والرصيع والرصيعة ( ١٤٦ ) والستوف ( ١٤٧ ) والسميرية ( ٣٥ ) والدين ( ١٤٩ ) والغطريفية ( ١٥٠ ) والفوقية (١٥١ ) والمال ( ١٥٢ ) والنقد ( ١٥٨ ) والنميات (١٦١ ) والورق (١٦٣ (). ففيها من الاراء الحديثة والتصحيحات ما بعد مبتكراً لم يسبق إلي شرحها سابق .
وأما ما جاء من أسماء النقود المستحدثة فكلها لم يذكرها ارباب المعاجم ، فهي ثروة لغوية طريقة تضم إلي ثروة هذه اللغة الشريفة ؛ وعليها شروح ضافية تظهر بجلاء تام ما لحضرة الأب المحترم من المقدرة في اللغة والأطلاع على أسرارها ، والاضطلاع بأعبائها . فالكتاب كله مجموع فوائد وفرائد ومبتكرات ؛ ومن يقف على إحدي المقدمتين العربية والفرنسية يطالع على ما غاساء حضرة المؤلف في وضع هذا الكتاب فريدة الفرائد ؛ ولحضرة الأب المحترم عناية خاصة بوضع الفهارس الشاملة لمصنفاته ، كما نجد فهارس هذا الكتاب الذي نحن بصدده ، وهي عناية تستوجب الشكر . وقد سمعته يقول : إنه يجد في وضع الفهارس وتصحيحها مشقة وعناء لا يجدهما في وضع الكتاب .
