تقديم : مصطفى خريف
فى هذا الشهر يتجه شباب التعليم الثانوي والعالي الى معاهدهم . وفي قلوبهم رعب شديد من خوف مواجهة الانقلاب الذي سيجدونه في برامج التعليم
ويلوح لنا انه من الطبيعي ان تتحمل تلك الطبقة من رجال المستقل نصيبها من هذا الجهد العنيف الذى سخرنا له الجزيل من مصادر قوانا وما زلنا ندعو الى المزيد . لان الفوز في هذا الميدان اصل كبير من اصول مستقبلنا ، المستقبل الكريم الزاهر الذي نطمح اليه ونعترم تحقيقه لأولادنا . قبل احفادنا .
ومن هنا نؤمل من اولئك الشبان الابطال ان يستثمروا اوقات الفراغ في نشاط شخصي لاستكمال الملكة الادبية في لغتهم القومية ومعنى ذلك عدم الاعتماد الكلى على ما توفره لهم امكانيات البرامج الدراسية الرسمية
فانهم ، على الخصوص في هذا الزمن وفي هذا البلد ، مطالبون ببذل مجهود فوق المجهود العادي ، وعليهم ان يضحوا ، ويلتذوا بتلك التضحية .
انهم على ابواب عصر انقلاب عميق ، وانهم ليواجهون في مستقبلهم مصاعب وعقدات لا تذللها الا العزيمة الراسخة والارادة المصممة .
ومما يجب ان تتوفق له الجهود الشخصية عند استكمال الملكة الادبية مطالعة الآثار الانشائية التى يرخر بها تراث الآداب العربية ،
مطالعتها مطالعة فردية ، واحسن من ذلك مطالعتها مطالعة جماعية . اعني جماعات صغيرة تذاكر وتدارس
ونشير عليهم - ونحن ننصحهم عن تجربة - باختيار أعرق المنشآت الادبية في القدم نثرا وشعرا ، فان الضعف الملحوظ في اساليب الانشاء الحديثة لا يداويه الا استعراض عهود الازدهار الاولى للعربية ، القرون . الاربعة الاولى بعد الهجرة . وهضم آدابها وبذلك تتمثلها القرائح فتكتشف قوالب وصورا للتعبير عن ادق المعانى والممكنات . تسعفهم في التفكير والبيان .
وتوجد كتب كثيرة مطبوعة حديثا تضم تلك الآداب ، ومن اوفرها فائدة ما خلفه كبير كتاب العربية ابو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب ، الجاحظ .
ولسنا الآن بصدد التعريف بالحاحظ وادبه وكتبه ، فقد اطبق الناس منذ القديم على تفضيله واعتبار اسلوبه غاية الغايات وادبه احسن غذاء للعقول والاذواق
ولكننا لكي نرغب شبابنا الشادي في فنون الادب والانشاء والبلاغة العربية نقدم اليه هدية الموسم الدراسى الجديد . نصا مقتطفا من احد كتب هذا الاديب العربى الكبير لنضعه كانموذج لما تتضمنه اثار هذا العهد من لذة فنية ومتعة ادبية واسلوب شائق طريف هو بلا شك اجدر الاساليب التي تجتذب نشاط المطالع وتزوده بالتعابير الفصيحة ، والتراكيب الصحيحة ، وتعطيه مددا غريزا .
ولعل هذه التحفة النفيسة التي لها رمز فسيح ، يكون من اثرها توجيه الانظار الى مدارسة كتب الجاحظ وامثاله وايجاد ما نرجوه من شغف بالمطالعة والمذاكرة وتكوين الثقافة الادبية ، ببواعث البشاشة والنشاط .
