تفرد البلاط البطليموسي في العالم القديم بخصائص لم يشاركه فيها بلاط في الدنيا ، تفرد بالبذخ والترف والنعيم ؛ وكان ملوكه نصراء للآداب والفنون ، وحماة لجامعة الإسكندرية ومكتبتها الفريدة . ولكن أفرخت في جنباته رذائل الاغتيال والإثم ...
هنالك حيث الأقربون يقتل بعضهم بعضًا ، وحيث التبذل والفسوق ، تتناوح رغبات البطالسة الجامحة مع رغائبهم الصالحة ، فتشاد للأرباب هياكل ومذابح , وللفنون معابد ومعاهد ، ومن بين هذا ليال حمراء معربدة تصطخب في البلاط ، أزرت بليالي كانوبس (١) canopus التي اختطت ليؤمها رواد الخلاعة والهوى من مُجان الإسكندرية وبهاليلها السراة .
لم يستقر للبطالسة بعد بطليموس الثالث دِست تحت الجالس عليه ، ولم يكن في وسعهم أن يتجردوا عن غرائز الوراثات المتغلغلة في دمائهم ؛ فهم ، وهم اليونانيون أصلا ، قد كانت تجيش في صدورهم رغبات مستترة لا تستطيع أن تَصُم جوابًا عن تلبية نداء الجسم الصارخ المختلج ، ولا أن تجد في كنف الاعتدال والحشمة ما يكبت تلك الشهوات العارمة ، فاندفعوا وراءها مسوقين جيلا بعد جيل ، وغمرتهم حياة الدسائس والغدر والشهوات والامتاع بتيارها المتدافع ، فخرجوا على كل ما تعارف عليه الناس من مراعاة القربى وحرمة النسب والخلق والسلوك . ففي سبيل الملك بيَّت الابن لأبيه بليل ، وقتلت الأخت أخاها . ومضوا بعد ذلك ينحدرون في وهاد اللذائذ والرغبات ، يسيمون سرح اللهو كل مسام . " وفيهم امتزجت شهوات الإغريق السافرة بغواية الشرق المحتدمة ، وفيهم قدست طقوس إفروديت طقوسًا لم تعرفها سوريا ، ولم تحلم بها اليونان ، ولم تشهدها قبرص ، ولم تعليمها كورنبث (١) " .
من هذا العنصر ، وفي هذه البيئة الموروثة ، نشأت كليوبطرا ، نشأة فيها للتهذيب العقلي صقال ، وللوراثة مخايل ، وللجمال إشراق ، فاتسمت بالجرأة الفائقة والعزم الماضي ، وعرفت بقدرتها على اختيار الدسائس الفعالة في تنفيذ المؤامرات ، وحيل الشرق المزدوجة العميقة ؛ وكانت كما قال ديو كاسيس أعدى أعدائها : " ومهما يكن
من تقلص ظل جامعة الإسكندرية الزاهر ، حين تربعت على العرش ، فقد بقيت روح الأعلام الذين طبعوا الجامعة بطابعهم منذ عهد البطالسة الأولين ، وحكمة آلاف الأسفار التي زخرت بها مكتبتها العظيمة ، وصقال الفن والثقافة والعلوم ، كل ذلك تجلى واضحًا ومبينًا في عقلية كليوبطرا وروحها وتصرفاتها ؛ فكانت أيامها وعصر البطالسة بأسره كوضوح النور حين تنتفض ذُبالة المسراج فتشع بنور ووهج خاطف قبيل الانطفاء والفناء " .
واجهت كليوبطرا في مستهل ملكها ، وهي رَبا غصن الصِّبا ، الخلاف الذي نشب بينها وبين أخيها بطليموس الفتى اليافع على العرش ، فناصرها فريق وناصر أخاها فريق ، انضم إليه بوتنس Pothinus واخلاس Achilias القائدان المصريان ، فانتصروا عليها ودحروها خارج الحدود ؛ ثم أقبل يوليوس قيصر يتعقب خطى غريمه وصديقه القديم بومبي الأكبر . وكان بومبي وابنه ممن ناصروا أباها بطليموس الثالث عشر " نافخ المزمار " طمعًا في ذهبه وميرته ومساعدته لهما ضد قيصر .
أقبل قيصر إلى الإسكندرية حثيثًا في آثار بومبي ، فألقاه قتيلا رميت جثته على سيف البحر ، مقطوعة الرأس لا تجد من يقوم لها بطقوس الدفن . وكان أن قتل غَيْلة وهو يزايل بارجته الحربية في زورق إلى الشاطئ ، فأرداه مأجور من بني الرومان في الزورق . فبكى قيصر غريمه وصديقه ، ولا شمات بميت ، وأحرق جثته بما يليق بها من إجلال حسب الطقوس الرومانية ، ودخل الإسكندرية فاحتل الميناء ، وأقام في أحد القصور الملكية .
اعتزمت كليوبطرا أمرها ، وصممت أن تجد في هذا القائد الروماني ما وجدته في صديقه القديم وابنه من مساعدة ومناصرة ؛ فهي إذاً ذاهبة إليه مهما كلفها الأمر ، وقد ترامت إليها سمعة هذا القائد العالمي ، فقد زعموه بطلا مغوارًا ومهذبًا مكتملا ، وغَزِلا متندرًا ، حتى كان جنده يتغامزون إذا رأوه قادمًا ، " حذار أيها الرجال !! على نسائكم ، فقد أقبل الأصلع المتهتِّك " . وقد سمعت عنه أنه يحترم النساء ، ويعبد الجمال ، ويهيم بالحسن ,
ويتعلق بالفنون والآداب . وهي قد أخذت من كل هذا بحظ كبير ، وهو وإن أثقلته السنون والأيام ، فلا يزال فتي القلب مُحْتَدِم الصبوات ، وهو يفخر فيما يفخر به بأنه نسل السماء ، وابن فينس ربة الحب الحسناء ؛ وهي مثله من سلالة الأرباب وابنة الآلهة العظام .
وأقبلت إليه في أحد قصورها ، وَفْرًا نفيسًا يحمله ابولودورس الصقلي بائع التحف الفنان . فلما ألقى حمله أمام قيصر انتقضت ملكة مصر ، يحوطها جلال الملك وميعة الشباب ؛ فأعجبته جرأتها ، وخوضها للمهالك من أجل موقفها السياسي ؛ حتى قال ديو كاسيس : " لقد أوثق جمالها وسحر حديثها ، عيوف النساء الزاهد فيهن قيصر " , وقال بلوتارخ : " إن تدابيرها المحكمة قد فتحت لها طريق الوصول إلى قلب قيصر ، وقد استطاعت بحديثها المعسول ، ومعارفها الواسعة ، أن تستمر في انتصاراتها عليه " .
قالوا إن قيصر العبقري ، لم تقو نفسه على مدافعة ذلك الجمال الفاتن ، والشباب المتفتح ؛ وقد رأى في دنياه ، ومغامراته ، وحروبه المتعددة ، وفي جولاته وصبواته , نساءً عديدات ، فما استطاعت واحدة منهن أن تسلبه لبه أو تقهر قاهر الأمم من أول نظرة ، ولكن كليوبطرا الطفلة التي لم يكن بها نقص في أوضاعها الجسمانية أو العقلية ، قد تركت أحاديثها في ليلتها تلك أثرًا سحيق الغور في قلب قيصر . " وقد انتزعته من أحلامه الكبرى ، وأنسته وقار السنين ، فركن إليها يستروح في حديثها وَقْدة الركود العقلي ، ويستظل في جنبات شبابها وتهذيبها ، أفياء الرغبات ، فيستعيد أيام لهوه الماجن ، وتهتكه القديم " .
وأقامت له وليمة ، كأنها وليمة التهادن ، لعل قيصر يستطيع أن يخمد نيران الخلاف بينها وبين أخيها . أما ذلك القصر الذي أولمت فيه وليمة العشاء ، " فلم ير الناظرون في ذلك العصر القديم بلاطًا فاق البلاط البطليموسي ، فخامة بناء وطنافس ، وغالي رياش ، وجميل أثاث ، ورائع
نقوش . ولم يقم على ضفاف التايبر ، أو لدى الإغريق ، قصر فاق ذياك النعيم والترف الذي أحاط قيصر في ليلته تلك " . كانت المأدبة في ردهة كأنها معبد في عمدها وسقفها ، وقد كسيت تلك العمد بصِفَاح الذهب الخالص ، وحلِّيت جدرانها بالرخام النادر المطعم بالعاج . وكانت بعض العمد من اليَشب الجميل ؛ وأما أرض الردهة فقد كسيت بالعقيق اليماني المُعَرق . وأقبل الغلمان يحملون أطباق الذهب وهم في ميعة الصبا ، لم تر العيون مثلهم حسنًا ، في جدائلهم المسْدَلة المتموجة ، وقسماتهم النضرة وثيابهم المزركشة ، وأدب سلوكهم الرفيع .
وأقبلت الملكة وجلست ، وجلس أخوها وقيصر ، وجند الرومان ، وقادة المصريين وأهل النباهة منهم ، والملكة تألقت جواهرها ، وبدا صدرها من وراء غلالة رقيقة تسترها ولا تسترتها ، وتمنطقت بزنار من الجوهر النادر . وكانت موائد الطعام كلها من العاج ، تعلوها أطباق الذهب ، والعَسْجَديات المُفَوفة ، وملئ الخوان بكل نادر المذاق ، لذيذ الطعم ، مما زخر به البحر ، وفاض به البر ، وازدحم به الجو ، ودارت كؤوس الراح المعتقة التي لم يذقها قيصر .
لم يشأ قيصر أن يدع هذا الجو الذي يفيض على وعظمة ، تمثل فيه مجد قرون وقرون مرت بمصر ، يمضي في أكل ولهو ، وشراب وسماع ، وتقصف ومجون ، فأدار الحديث في الأدب ، والفن ، والفلسفة ، والعلوم .
وقيصر لم يك يدري أنه ملاق في بلاط مصر صفوة العلماء والشعراء ورجال الفن ، ممن لم تضمهم روما أو أثينا ؛ وجال الحديث كل مجال ، وقيصر يخوض مع الخائضين في كل فن ، والملكة الشابة تعاطيهم النقاش ، وتجادل العلماء ، وتساجل الشعراء .
ووقف قيصر ، وقد أنساه ما سمع وما رأى ، الموقف السياسي ومفاوضات الصلح ؛ وطافت به طوائف العلم
والأدب ، فأخذ يقول : " إنه مشتاق إلى أن يعرف كل ما يتعلق بأصل المصريين ، ولهذا فقد اعتزم دراسة النقوش والكتابة المسطورة فوق المعابد والقبور ، وإنه ليرجو أن يحاط خُبرًا بأخلاق المصريين وعاداتهم ؛ وإن غايته الكبرى أن يحل مسألة جالت بعقول الفلاسفة من إغريق ورومانيين فاستعصت عليهم ، وهي البحث عن منابع النيل المقدس ، فإن زعم الرومانيون أنها ضرب من المستحيل ، فإنه ليثلج صدره أن يحاول إمكان المستحيل " .
ثم التفت إلى الكاهن الأكبر أخورس وسأله باسمًا : هل له أن يفض السر المحجب ؟ فقال له : " إنه يود لو سُمح (١) له بذلك . ولكن السر المكنون لن يقال لغريب " . ثم استطرد يقول : " إن عطارد حين يقف في السماء في النقطة التي يكون فيها برج الأسد مقترنًا بالسرطان ، يقذف بنيرانه المتأججة منابع النيل . هنالك تتدفق مياهه العاتية منطلقة دون قيد ، مكتسحة أمامها كل شئ ، كأنها المحيط المتوثب ، ويدفعها القمر إلى الأمام ، ويظل الماء متدفقًا عاليًا ، لايهبط ولا يكف عن الدفقان ، إلى أن تُرجع الشمس ساعات الصيف إلى الليل ، أي إلى أن تتساوى ساعات النهار والليل " .
وانقلب خطاب قيصر إلى نقاش علمي ، ومضى أخورس الكاهن يستكمل حديثه ويقول : " وإن هنالك لأخطاء كبيرة متداولة بين الأقدمين ، فيما يتعلق بفيضان النيل وهبوطه ، وإني لأحسب أن سبب فيضان الإله المقدس هو ذوبان الثلوج التي تكسو قنن الجبال في أثيوبيا ، لأن الدب الأكبر والرياح الشمالية ، ليس لها من قوة في تلك الأنحاء ، كما يبدو من ألوان سكانها ، ومن تلك الرياح الجنوبية الحارة ؟ والنيل ليس كغيره من الأنهار التي تفيض في فصل الربيع ؛ ولكنه يتدفق حينما يحكم القاضي
السماوي ليبرا Libra بتساوي الليل والنهار . وأما الخرافة القائلة بأن النيل يتدفق ماؤه حينما ترتد مياه البحر إلى الوراء ، فخرافة لا أصل لها " وأخذ الكاهن يستعرض بعد ذلك كل ما اتصل بهذه المسألة في ثنايا التاريخ ، وفي الأغاني الشعبية ، وفي الاعتقاد العام . وقال : " إن كثيرًا من ملوك الفراعنة الأقدمين والفرس والمقدونيين ، أرادوا ما أراد قيصر من اكتشاف منابع النيل ؛ وإن الإسكندر وقت أن كان بمصر أرسل بعوثًا من الأثيوبيين إلى هذه الغاية ؛ ولكنها ارتدت عن الوصول إليها خاسرة ، حيث اعترضت سبيلهم قبة السماء القانية ، وحيث لم يبصروا غير لظى الشمس المتوقد ، ينعكس على الماء المتدفق ؛ وإن سيزوستريس قد أرسل الباحثين ليكتشفوا مواطن المنابع فوصلوا إلى نهاية الأرض دون أن يقعوا على ما يطلبون ؛ وإن قمبيز بعث إلى الشرق بآخرين ، إلى بلاد قوم سبقوا البشر في سكنى الأرض ، ولكنهم كغيرهم قفلوا بصفقة المغبون " . ثم ركع مناجيًا : " أيها النيل المبارك !! إن العالم لا يدري في أي البلاد مولدك ، ولم يشاهدك قوم من بني البشر ، يوم أن استهللت على الكون وليدًا ، ويوم أن حبوت طفلا ، فبارك في عبادك ، وتحدر بالخير على شطآنك " .
كان أخورس متهدج الصوت عميقه ، وقد سكن كل شئ ، وخفت جلبة الجالسين ، فرأى قيصر أن يقف عند ذلك الحد ، إلى أن تواتيه فرصة أخرى سانحة ، وانتثر القوم يتجولون في أبهاء القصر ، وفي حديقته . ووقف بوتنس وأخلاس وحدهما يتساران .
قال بوتنس : " ما رأيت كالليلة ، طعامًا شهيًا ، وشرابًا سائغًا ، وحديثًا ممتعًا . أتراه أحبها ؟؟ أيحب رجل أَربى على الخمسين ، كثير المشاغل ، جم بلابل الصدر ، متصل الحروب ، موفور الأعداء ، متسع الأحلام ؟؟ " قال أخلاس :
" ولم لا يحبها ؟ إنه أخو صبوات ، وخدين غواية ، لم يدع في حياته الذاهبة ، يوم كان رطيب غصن الشباب ، مَجَانةً إلا وتعلق بها ، ولا لذة إلا وتذوقها . ثم هو بعد ذلك وكما رأيت يزينه عقل راجح ، وعلم وفير " .
فزم بوتنس شفتيه وقال متعقلا : " إني لا أعتقد أنها في سنها هذه تهيم بهذا الكهل الأصلع الحاد الملامح المجمد المحيا . إنه فاجر عِربيد "
فابتسم أخلاس ساخرًا وقال له : " كلا يا صديقي ، يبدو لي أن كليهما قد أحب صاحبه . إن قيصر قد عرف من النساء ما لم يعرفه أحد . عرف الحسناء الساحرة ، والمثقفة الفاتنة ، والبهيمية الهلوك . ولكني - وقد رأيته يستمع إليها دهشًا ، وينظر إليها متفرسًا ذاهلًا - أيقنت كأنه لم يجد مثلها صورة اكتملت فيها مزايا الجمال المطلق ، جمال الجسم ، والنفس ، والتثقيف ، والتهذيب ، ثم جلال الملك ورونق الشباب . ومن أين له ، في عمرها الغض ، أن يلقى المرأة اللَّعوب التي تساقيه الهوى ، فإذا أطفأ غلته ناقلته حديث العرفان والثقافة ، ثم إن بك قبل اليوم قد ارتوي من كل ذلك فأترع ، فلن يجد دنيا تفيض بالنعيم واليسر كجو هذا البلاط البطليموسي .
" لقد أرصدتها نظرائي ، وهو يجادل الكاهن ، ويتحدث إلى العلماء ، فرأيته لم يخرجه التَّندر والسمر وعنف الحوار عن وقاره الموسوم ، ورأيتها تستمع إليه فكأنها جميعها آذان مرهفة ، وتنظر إليه ، فكأن كل جوارحها عيون متفرسة ، فكلاهما قد رمى حبائله ، وكلاهما قد صاد " .
فقال بوتنس " بلى يا صديقي . إنها كذويها الذين تحدرت منهم ، إنها في سبيل الخلاص من أخيها ، والتفرد بالملك ، وقهر أعدائها ، لاتتقيد بعرف ، ولا تصد عن جرم ، ألا تذكر أنها كان لها مع كانيس بومبي (ابن بومبي الأكبر قتيل الإسكندرية ) هوى وغرام ؟
فاعتقد أن قيصر سينضم إلى جانبها ، وينصرها علينا ، فلنتدبر الأمر " .
فابتدره أخلاس ، وقد لوى جيده غير مكترث : " لا عليك يا صاح ! ليس لقيصر من جيش يقاوم به جيوش المصريين غير أربعة آلاف مقاتل ، وهي ليست كافية لمحاربتنا ، فلا تخش له بأسًا ، إذا لم يأته المدد من روما ... "
وفيما هما يتحدثان أقبل عليهما قيصر يتأبط ذراع كليوبطرا ، فانتفضا من غشيتهما وسهومهما ، فأومأ قيصر محييًا ، وشمخت الملكة برأسها سخطًا . ومضيا صُعدًا إلى برج القصر
" فإذا معالم الفجر الرَّبداء تجلل البحر الساكن بأضوائها الكُدر ، وبقيا ينظران فإذا الشمس تبرز مثل كَف ملوح ، وإذا المدينة الهامدة في الوهد تحتهما تتقد بأشعة الشمس الأولى في حلة من الذهب المشبوب ، فتبدو في غلائل كأنما وشتها أنامل جنية ، وقد سمت الهياكل والقصور الشامخة في زهو وكبرباء ، كأنهن بنات الخيال ، أو حوريات البحر ، وقفن في دَلٍ يلبسن في وهج الشروق ، الأرجواني المتألق .
ثم هانيك هي السفن في الميناء ، كبرى وصغرى ، تغدو وتروح ، والحدائق الكثر تلتف بإحراجها وسقائفها ، وغصونها المتهدلة حول القصور ، ومن دونها البانيوم Panium(١) عاطس كالتاج المعلق في الفضاء على غير عمد أو ركاز ، يتقطر منه لون كاللظى ، أمسكت ألسنته المتطاولة عن الوجيب والاهتزاز " . ثم كان ما كان ... ...

