يعنى الكاتب المؤرخ الألماني الكبير أميل لودفيج بعد أن أخرج كتابه الضخم عن نهر النيل بقسميه حسبما ذكرنا ذلك في الرسالة، بوضع كتاب جديد عن كليوباترا ملكة مصر، وينتظر أن يظهر هذا المؤلف الجديد بعد بضعة أشهر فقط؛ وفي ترجمة كليوباترا يستطيع أميل لودفيج أن يعرض كل مواهبه وبراعته كمترجم لأبطال العالم، وقد ظهرت هذه البراعة من قبل في جميع التراجم التي أخرجها المؤرخ عن (المسيح) وعن (نابليون) وعن (بسمارك) وعن (ولهلم القاني) وغيرها، بيد أنه يجد في حياة كليوباترا ميداناً أكثر سحراً وخصوبة، فحياة هذه الملكة المصرية العظيمة لم تكن سوى مأساة مؤثرة؛ وأميل لودفيج في الواقع كاتب مسرحي قبل كل شيء يجيد عرض المآسي؛ وأخص ما في تراجمه هو هذا
العرض الذي يصوغها في صور الأشخاص الحية، تراها أمامك تحت قلمه بجميع مناظرها وجميع حسناتها وعيوبها، وعنصر المأساة هو الذي يجذب أميل لودفيج ويذكي خياله وقلمه، ولا يتوفر هذا العنصر قدر توفره في حياة كليوباترا فهي ملكة عظيمة وامرأة ساحرة، تستعمل سحرها كامرأة في الذود عن مركزها كملكة، فإذا خانها الحظ، ولم يعد سحرها يحدث أثره، وحينما تشعر أن كل شيء قد أفلت من يدها ولم يبق غير العبودية، فإنها تؤثر أن تغادر هذه الحياة بمحض أرادتها؛ وفي حياة كليوباترا نلتقي بشخصيات عظيمة كشخصية أنتوني، ويوليوس قيصر، ثم أوغسطوس، وفي هذا المزيج من العبقريات المدهشة يستطيع أميل لودفيج أن يطلق العنان لقلمه، وسوف تعني شركة (الان وانوين) بإخراج هذا الكتاب
