الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 157الرجوع إلى "الرسالة"

كتاب عن برلين

Share

ظهر فى العهد الأخير نوع جديد من الأدب الوصفي هو  دراسة العواصم الكبرى باعتبارها أكمل مظهر لمختلف الشعوب  والأمم؛ وبلغ هذا الضرب الجديد من الأدب روعته على يد كتاب  عظام مثل بول موران، الذي تعتبر كتبه عن لندن، ونيويورك،  وبخارست من أبدع آثار الأدب المعاصر. وقد ظهر أخيراً  كتاب من هذا النوع عن مدينة برلين بقلم الكاتب والمؤرخ  المعروف هنري بيدو، وهو يصور لنا برلين كمارد فخم يجثم في وهاد  براندنبورج وفيما بين الغابات والمستنقعات؛ وقد لوحظ كثيراً أن  برلين ليست كباقى العواصم الأوربية الكبرى من حيث مناسبة  موقعها وكونها تعبر عن مظهر لألمانيا الحقيقي فهى من حيث الموقع  لا تضارع رومة التي تقع في وسط إيطاليا وتشرف على البحر  الأبيض، وباريس التى تعتبر كأنها عجلة الإدارة الفرنسية، وموسكو  التى تجتمع حولها موارد روسيا الشاسعة، ولندن ونيويورك  وغيرها؛ ثم هى لا تعبر عن مظهر ألمانيا، أولاً لأن العنصر  السلافى يغلب فيها فهي ليست مدينة ألمانية حقة مثل  ميونيخ أو لايبزج أو فرنكفورت، وثانياً لأنها تبدو دائماً كأنها  عاصمة مفروضة على ألمانيا، فرفضها آل هوهنزلرن رمزاً لقوة  بروسيا، ثم فرضتها الظروف بعد ذلك؛ وحياتها الاجتماعية كمدينة  عظيمة تكاد تكون معدومة ذلك لأنها تبدو دائماً كمعسكر، تغلب  عليه المظاهر الآلية والخشنة، فالحياة المعنوية والاجتماعية فيها  راكدة لا تروق الأذهان الحساسة الرفيعة. ولقد كانت ألمانيا  تقدر منذ بعيد أن برلين الحديثة سيبلغ سكانها في فترة وجيزة  ١٢ مليوناً من الأنفس، ولكن برلين لم تبلغ مع الجهد ثلث  هذا الرقم، وهو دليل آخر على ركودها المعنوي والمادى

هذه هى الصورة التى يقدمها إلينا هنري بيدو عن العاصمة  الألمانية، وهى صورة لا تغبط عليها مثل هذه العاصمة الكبرى

اشترك في نشرتنا البريدية