يا أم كاد الليل أن ينقضي
ولم يعد من نأيه والدي
وهذه الكسرة يا ويحها
من صلبة كالحجر الجامد
يا أم لو أن أبي حاضر
لجاء بالطارف والتالد
أماه ! إني جائع ساغب
وهذه اللقمة مثل الحجر
أليس لي عندك من غيرها
فإن ضرسي يا أميم انكسر
يا حسرة الأم التي أعولت
وسح منها دمعها وانهمر
قالت له : " كلها فما عندنا
يا فلذتي شيء سوي كسرتك " !
فقال يا أماه - ما طعمها
ما هذه الحيرة في نظرتك ؟
يا طولها من ليلة مرة
قد بالغت يا أم في حسرتك
تجهم الطفل ويا حسنه
يذبله الجوع ويفري العظام !
فقال هاني لي إذا قطعة
أو قطعتي ملح تكونا إدام
يساعد الملح على بلغها
عسي أبي يأتي لنا بالطعام
وفتشت في بيتها لم تجد
للملح في مسكنها من أثر
فاحتالت المرأة - قالت ألم
تسمع عن الرب كلاما صدر
يقول لا تعطيه ملحا فما
يجمل بالغلمان - هذا الضرر !
خذ يا صغيري عوضا غيره
من الدقيق الناعم الطيب
فقال لا طعم له ، إنني
أريد ملحا ، أو يعود أبي
الملح أشهي جهزي بعضه
لا تبخلي يا أم لا تغضبي
لم تستطع إقناعه فانبرت
دموعها تتري فيا للدموع
وبلت بالدمع خبز ابنها
والدمع ملح ذو مذاقي وجيع !
لكنه استعرا من أنه
دموعها - ياليته لا يجوع
وازدرد اللقمة - لم يلقها
وأشبعته مثل أشهي غذاء
ونام لكن لم تنم أمه
وواصلت في الليل حر البكاء
لو تستطيع الأم إطعامه
دماءها ما يخلت بالدماء !
) اسكندرية (

