الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 600الرجوع إلى "الثقافة"

كيف, تحديد أجور العمال (١)

Share

إن ثمن أى سلعة من السلع موقوف - إلى حد جيد - على نظرية العرض والطلب ، وكذلك كانت أجور العمال فى الأزمنة الماضية ، ثم ظهرت عوامل أخرى نفسية واجتماعية وسياسية ، وتدخلت الحكومات والنقابات فى تحديد هذه الأجور حتى أصبح تحديدها الآن من أصعب الأمور .

لن أتعرض لهذه العوامل التى حددت الأجر المتوسط للعامل المتوسط ، ولكنى سأعرض الآن نوع المنظم التى تعدل بها المصانع فى هذه الأبام ، والتى أصبح من نتائجها تشجيع العامل على العمل بنشاط وحيوية .

١ - وأول هذه النظم هو نظام الأجر بالزمن (Day-work System) ، وفيه يعطى العامل أجره على أساس عدد ساعات العمل ، وينال العامل هذا الأجر عن كل يوم أو عن كل شهر أو سنة ، و يختلف الأجر لكل ساعة باختلاف نوع العمل ومهارة العامل ومقدار المسئولية التى يقوم بها .

وهذا النظام هو أقدم الأنظمة جميعها ، وقد بدىء فى الحد منه عندما أخذت الصناعة فى الكبر ، وبدأ نظام التخصص فى الانتشار ، وهذه الطريقة فى تحديد الأجر لها عيوب كثيرة ، أهمها :

(ا) عدم وجود الرغبة الصادقة والدافع القوى من العمال لزيادة إنتاجهم .

(ب) الحاجة إلى رياسة قوية ، مما يسبب معاملة العمال بقسوة وعنف . (ج) لن يكون الأجر عادلا فى معظم الحالات ، ولن يتناسب مع المجهود الذى يبذله العامل فى العمل .

٢ - والنظام الثانى هو نظام الآجر بالقطعة Piece-work System)) . وفيه يعطى العامل أجره على أساس كمية السلعة التى ينتجها ، وهذا النظام يفيد كلا من العمال النشيطين الطموحين وأصحاب الأعمال ، إذ يقتل من تكاليف الإنتاج كما هو مبين (١) فى جدول رقم (١)

عدد القطع التى                           ينتجها العامل يوميا      ١٠     ٢٠ ٣٠ ٤٠  ٥٠ تكاليف المواد        الخام بالقروش   ٥ ١٠ ١٥ ٢٠ ٢٥   أجر العامل يوميا      ٧.٥ ١٥ ٢٢.٥ ٣٠ ٣٧.٥   تكاليف الإدارة        ١٠ ١٠ ١٠ ١٠ ١٠  جمع التكاليف                        ٢٢.٥ ٣٥ ٤٢.٥ ٦٠ ٧٢.٥  ثمن التكاليف   للقطعة الواحدة ٢.٢٥ ١.٧٥ ١.٥٨ ١.٥ ١.٤٥

وقد يتبين من أول وهلة أن هذا النظام نظام عادل كل العدل ، ولكننا إذا دققنا النظر وجدناه يؤدى إلى أن

يكثر العامل من كمية إنتاجه ، ولو كان ذلك على حساب صحته أو على حساب جودة الصنف ، كما يؤدى هذا النظام إلى بطالة بعض العمال وتشريدهم .

ومن أهم ما يعترض تطبيق هذا النظام، صعوبة قياس كمية ما ينتجه كل عامل على حدة ، إذ أن كثيرا من العمليات تحتاج إلى جملة عمال فى وقت واحد ، كما أن عمل كل فرد متوقف - إلى حد كبير - على عمل غيره ، خصوصا بعد أن انتشرت الصناعة فى العصر الحديث .

٣ - والنظام الثالث : هو نظام تيلورTaylor) differntial piece rate) ، وفيه يعطى العامل أجرا صغيرا عن كل قطعة ينتجها إن كان عدد القطع الناتجة صغيرا، أما إن كان هذا العدد الناتج كبيرا فإن أجر العامل عن كل قطعة يكون كبيرا ؛ فإذا أنتج العامل عشرين قطعة (مثلا) أعطى عن كل قطعة نصف قرش ويكون أجره عشرة قروش ؛ أما إن أنتج أربعين قطعة أعطى عن كل قطعة ٤/٣ قرش ويكون أجره ثلاثين قرشا . والجدول رقم (٢) يوضح هذا .

عدد القطع التى                           ينتجها العامل يوميا      ١٠     ٢٠ ٣٠ ٤٠  ٥٠ تكاليف المواد        الخام بالقروش   ٥ ١٠ ١٥ ٢٠ ٢٥   أجر العامل يوميا      ٥ ١٠ ٢٢.٥ ٣٠ ٣٧.٥    تكاليف الإدارة        ١٢.٥ ١٢.٥ ١٢.٥ ١٢.٥ ١٢.٥   جمع التكاليف                        ٢٢.٥ ٣٢.٥ ٥٠ ٦٢.٥ ٧٥  ثمن التكاليف   للقطعة الواحدة ٢.٢٥ ١.٦٢ ١.٦٦ ١.٥٦ ١.٥٠

فإذا فرضنا أن ر١ هو أجر القطعة الواحدة إذا قل الإنتاج عن س قطعة .      أن ر٢ هو أجر القطعة الواحدة إذا زاد الإنتاج عن س قطعة . فإن أجر العامل اليومى = ر١ن١ أو ر٢ن٢ .

حيث ن١ أصغر من س٥ن٢ أكبر من س . وفى حالتنا هذه ر١ = ٢/١ قرش ٥ ر٢= ٤/٣ قرش ٥ س= ٢٠ قطعة .

ونظام تيلور هذا يضمن المحاولات الأكيدة التى يحاولها العامل لإنتاج أكبر كمية ممكنة، ولكن له نفس العيوب التى للنظام السابق .

(٤) والنظام الرابع هو نظام هالسى Halsey) Premium Plan). وفيه يعطى العامل أجرا يوميا ثابتا إذا قل الإنتاج عن كمية محددة ، فإذا زاد إنتاجه على هذه الكمية زاد أجره بنسبة معينة ثابتة .

ونظام هالسى هذا كثير التطبيق فى المصانع الحديثة ، نظرا لما يمتاز به من بساطة وعدل ؛ وذلك لأنه يضمن للعامل أجرا ثابتا يحصل عليه مهما قل إنتاجه ، كما أنه يتيح الفرصة للعامل المجد أن يزيد من إنتاجه ( ولو أن المغريات في هذا النظام أقل من تلك فى النظامين السابقين) .

والجدول رقم (٣) يبين العلاقة بين كمية الإنتاج وأجر العامل وتكاليف الإنتاج فى هذا النظام .

عدد القطع التي           تكاليف المواد       أجر العامل     تكاليف الادارة     جميع التكاليف       ثمن التكاليف ينتجها العامل يوميا          الخام                يوميا             (١)                                   للقطعة الواحدة      ١٠                     ٥                  ١٠             ١٠                ٣٠                      ٢     ٢٠                    ١٠                  ١٠             ١٠                ٣٥                    ١,٧٥     ٣٠                    ١٥                 ١٢,٥           ١٠               ٤٢,٥                   ١,٤٢     ٤٠                   ٢٠                  ٢٠              ١٠                ٥٠                    ١,٢٥     ٥٠                   ٢٥                 ٢٣,٥            ١٠               ٥٧,٥                   ١,١٥

وهناك أنظمة أخرى قريبة الشبه من نظام هالسى (١) ، ولا تختلف عنه إلا فى نسبة زيادة الأجر عن القطع التى تزيد عن الكمية المحددة .

مقارنة بين الأنظمة :

إنه من العسير جدا أن نستنتج مقارنة دقيقة لهذه

الأنظمة السابقة نظرا لاختلاف الأسس التى يقوم عليها كل نظام، ولاختلاف النتائج التى تحصل عليها من كل خطة من هذه الخطط ؛ ومع هذا فإننا نستطيع - إلى حد كبير - أن نفرق بين ما يعود على كل من العامل وصاحب العمل من فوائد تحث كل نظام من هذه الأنظمة ، مع ملاحظة أن منفعة العامل ومنفعة صاحب العمل قد لا تسيران فى اتجاه واحد فى جميع الأوقات .

وبقليل من التأمل والتفكير ، نستطيع أن نختار النظام الصالح لنوع ما من أنواع الصناعة ، إذ أن لكل نظام عيوبه ومزاياه التى تجعله صالحا لمصنع من المصانع . وأقل صلاحية لمصنع يؤدى عملا مخالفا، أو نفس المصنع فى مكان آخر.

نظام المكافآت :

ولما كانت هذه النظم السابقة لا تؤدى إلا إلى تشجيع زيادة الكمية التى ينتجها العامل ، فقد رؤى أن تعطى

للعامل مكافأة شهرية أو سنوية إذا تحقق للمصنع شروط خاصة فى العامل، مثل جودة الإنتاج أو توفير المواد الأولية التى يستخدمها العامل أو الإقلال من الحوادث والمتاعب أو غير ذلك من الشروط .

وهناك بعض الاعتبارات الأخرى فى صرف بعض المكافآت الأخرى كإعانة الغلاء أو إعانة المتزوجين وأصحاب الأولاد .

نظام مشاطرة الأرباح :

وهناك بعض المصانع التى تشرك العمال فى الأرباح التى يكسبها للمصنع ، وتقصد بذلك أن تزيد من اهتمام العامل بنتائج المشروع ، وتزيد من الصلة بين طبقة العمال وأصحاب العمل . ولكن يحب فى هذه الحالة أن ترسم الحدود التى على العامل ألا يتعداها حين يطالب بالإشراف على الحسابات والتدخل فى الإدارة .

اشترك في نشرتنا البريدية