الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 253الرجوع إلى "الثقافة"

لعب المنار

Share

لعب المنار أو حرب العجم ، مسرحية مصرية يرجع إلى القرنين الثانى عشر أو الثالث عشر الميلادى ، وهى من هذا النوع الذى وضع خصيصا لفن خيال الظل ، والذى سبق لى أن عرضت له فى الثقافة من قبل (1) . ومسرحية اليوم التى عالجت الحروب الصليبية حتى سميت بحق حرب العجم ، ووقعت حوادثها فى الإسكندرية ، فأطلق عليها لعب المنار ، لم تصلنا كاملة ، وإن كان قد وصلنا جزء كبير منها فى مخطوطة للشيخ سعود ، والشيخ على النحلة ، وداود العطار . وقد سبق الكلام عنها فى مسرحية (لعب التمساح) التى تحدثت عنها فى العدد ٢١٣ من هذه المجلة .

وداود العطار أو المناوى الذى كتب هذه المخطوطة ، ودون فيها لنفسه الكثير من أزجاله ، هو أحد أبناء مصر الذين عاشوا فى القرنين السادس عشر والسابع عشر ، وهو الذى أسندت إليه رئاسة فرقة خيال الظل المصرية التى سافرت عام ١٦١٢ - بعد أن أقيمت لها الحفلات الكبرى فى بولاق والإسكندرية - إلى استنبول لإحياء حفلات زواج الوزير التركى محمد باشا السابع الذى حكم مصر حتى أغسطس عام ١٦١١ بكريمة السلطان العثمانى أحمد الأول (١٦٠٣ - ١٦١٧) . ويحدثنا المناوى هذا أنه تشرف بالمثول بين يدى السلطان الذى أجزل له العطاء . ومن ثم عادت الفرقة فى عام ١٦١٣ إلى مصر عن طريق دمشق والقدس .

وتبدأ هذه المسرحية بعرض منظر يمثل الأمواج وهى تتكسر على جزيرة قاروس التى أقيمت عليها المنارة عند مدخل الإسكندرية ، ومن ثم يظهر شخص على المسرح يسمى الحازق ، فيستقبل المنار ويقول : الذى نعلم به الريس الأستاذ الحاكم على دا الميتة ودالك البلاد ، أتى بعد أبو السداد ، مقدم على الموارد ، للشارد والوارد . وبعد أن يفرغ من هذه

المقدمة ينشد البليق الآتى فى وصف المنار

سعود الأديب يا صاح نظمو عجز الفصاح

بيت

انظر دا المنار يا لسان          تلقى عمود له بنيان

من بلور وشى مرجان          نقشه بالذهب وضاح

بيت

له سلم تراه معقود           سنى بالحكم مرصود

كم جا له حزين مكمود     زالت عنه الأتراح

بيت

وانظر باب شريق قد نار       من خلفه رجال أخيار

لما يشهروا البتار               يخلو الدما سواح

بيت

باب البحر يا قمر        عنابى وله منظر

كم جا له ملك قسور    راح مكسور دليل منجاح

بيت

واقشع يا أولى الألباب          قنديلين على الأبواب

كم فيهم فنون وانداب         ضياهم خفى المصباح

بيت

واتحقق ترى بالعين         مظرف حسن د البرجين

جواهم رجال يا زين       يرموا الكافر المفضاح

بيت

باب الوسط ما مثله      فى حسنه ولا فى شكله

له وزرا رهت تعلو       على من يكن جحجاح

وبعد أن وصف الشيخ سعود المنار وصفا دقيقا ، وتحدث عنه وعن أبوابه والنقش الذى يعلو واجهته ، تحدث عن آلات الدفاع المختلفة فقال :

فوق الواجهة يا مجاد      سيوف للجهاد يا جواد

وفيهم درق فولاذ         كم بهم بطل قد صاح

بيت

ومن فوق علاء يا زين         رامى لم يرغ بالعين

لو جاء كل يوم ألفين          خلاهم بلا أرواح

وبعد أن سرد مختلف أدوات القتال الخفيفة ، ختم بليقه بقوله :

وانظر منجنيق صاعد           قاعد للعدا رابض

للكافر وللجاحد               يا لله يخطفو التمساح

انتهى الحازق من إنشاده ، والتفت فإذا بمركب من النوع المعروف بالغراب ترسو ويخرج منها رجل مغربى . وبعد أن تقرأ وصفا جميلا لهذه السفينة يتقدم المغربى على المسرح وينشد بليقا يخبر فيه المسلمين عن الصليبيين ، والاستعدادات التى يقومون بها لمهاجمة المسلمين، وقد جاء فى هذا البليق وصف شامل لسائر البلاد المسيحية التى اشتركت فى الحملة ، وما يجب على المسلمين عمله لهزيمة الصليبين . وبعد الفراغ من إنشاد هذا البليق يتقدم الحازق ويطلب (سيمونا) ليزعق بالنفير ، ويدعو القوم لسماع رسالة المغربى ، وقد استهل الحازق نداءه بقوله :

صيحوا على ميمون أخى        يجى ويزعق بالنفير

دا المغربى ادى قد أتى         يا خل من أقصى البلاد

قد جا يخبر يا رجال            عن اللئام أهل العناد

قصدى اجمع العسكر لهم      لعل نظفر بالمراد

وبعد ذلك تراه يعدد لنا حكمة الجهاد ، وما أعده الله للمسلمين والمجاهدين فى الآخرة فيقول :

يا عصبة الدين والصلاة        يا مسلمين يا هل الصيام

قوموا إلى الفرض الذى         قد أفرضوا رب الأنام

فمن يبادر يلتقى               له فى الجنان أعلى مقام

مع الكرام أهل التقى           وينجبر قلبه الكسير

صيحوا على ميمون أخى

سلطاننا يا لله انصروا          على الطغاة المشركين

وأيدوا يا خالقى               بالفتح والنصر المبين

وسائر العسكر جميع          فى حفظ رب العالمين

والحاضرين فى دا المقام        يكون لهم ربى نصير

صيحوا على ميمون أخى      يجى ويزعق بالنفير

وبعد الفراغ من هذا الإنشاد تتجمع جيوش المسلمين ويحضر الجاحد من قبل النصارى ، ويخبر المسلمين عن قيام الحرب ، ورغبة الصليبيين فى الاستيلاء على مصر والإسكندرية . فيدور حديث نثرى بين الحازق وبين شخص آخر يدعى الرخم ، وفى هذا الحديث نرى تصويرا فكها للمتحاربين .

يقول الحازق : تعالى يا بو القطط ، ثلاثه ما تقاتل . يقول الرخم ، ما يكونوا ؟ يقول الحازق : عريان وجعان وخايف ؛ عندك شىء يا بو القطط من دول ؟ يقول الرخم : ساكنين عندى وفى طبقة والطبقة هاويه . يقول الحازق : إقف يا بو القطط أما أجيب لك جماعتى . يقول الرخم : أصبر لما أجيب لك جماعتى . يقول الحازق : جماعتك يجوا إيش يعملوا ؟ يقول الرخم : وانت لآخر جماعتك يجوا إيش يعملوا ؟ يقول الحازق : جماعتى يجوا يقاتلوا . يقول الرخم : وأنا لآخر جماعتى يجوا ياكلوا . يقول الحازق : أنا أقول جماعتى يا مجاهدين يا مغازيين اجتمعوا فى طاعة رب العالمين ، ودا يجى بسيفه ، ودا يجى برمحه ، ودا يجى بدرفته ، ودا يجى بقوسه ، يوقعوا الضرب والطعن بالنبال والقتل فى المشركين يقول الرخم : ونا أعيط على جماعتى يا جعانين يا لهفانين يا عطشانين ، عليكم بصماط صاحب الفرح عمل حلو كثير ، وعمل رز كثير ، وعمل لحم كثير ، دا يجى بقصعته ودا يجى بزلفته ، ودا بماجوره ودا بصحفته ويهجموا على الصماط ..

ثم يلتحم الجيشان وتدور الدائرة على الصليبيين ، فيظهر على المسرح شخص وينشد بليغا جاء فيه :

جيش اللئام قد انسكر         وجيش الاسلام انتصر

بيت

الروس على أعلى الرماح        والبعض موسوقين جراح

والمسلمين زانوا السلاح         وصيروا الكفار عبر

بيت

وانظر ترى كم قوم أسار        مستيسرين فى انكسار

ذاقوا العنا والاحتضار          والهم والضيق والضرر

بيت

وانظر جيوش الكبتلان         من القيود ذاقوا الهوان

وحينهم بالقرب حان           وأرواحهم تذهب سفر

بيت

روءس أسرناهم جميع           بإذن مولانا السميع

وانظر تراهم يا شجيع          نفر ومن خلفو نفر

بيت

وأهل قبرص اللئام           من حربنا ذاقوا الحمام

وانتصرنا يا كرام             على الذى بالدين كفر

بيت

وانظر لديريه كبار        دموعهم تجرى غزار

وكل واحد فى افتكار    للخلق يشخص بالنظر

ويستمر فى عرض مختلف الشعوب التى اشتركت فى

تلك الحروب بأسلوب فكه ونكتة مصرية .

اشترك في نشرتنا البريدية