الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 728الرجوع إلى "الرسالة"

ماء الحياة. .!، (مترجمة عن الإنجليزية من كتاب، Grimms Fairy Tales)

Share

في قديم الزمان عاش  ملك أضناه المرض حتى يئس من الحياة،  وكان له أولاد ثلاثة، خرجوا إلى حديقة القصر، وطفقوا يجهشون  بالبكاء، حزناً عليه، وبينما هم كذلك، جاءهم شيخ وقور، بلغ من  العمر عتياً، وسألهم عن سبب كآبتهم، فأعلموه أن والدهم مشرف  على الموت، وما من حيلة تنفع في شفائه. فقال الشيخ: (لكم

في شفائه، طريقة واحدة فقط، وهي أن تسقوه من ماء  الحياة) .

فذهب الولد الأكبر إلى والده الملك، وطلب إليه أن يأذن له بالبحث عن ماء الحياة، إذ هو المنقذ الوحيد من دائه المضال.

فقال الأب:   (لا بد لك يا بني من تجشم الصعاب والأخطار في  سبيل الحصول عليه؛ فأرح نفسك من هذا العناء)  ولكن الابن  ظل يلح عليه حتى أذن له. فذهب في طريقه، وهو يقول في ضميره    (إن أحضرت الماء، فسأكون حتماً اعز اخوتي لدى والدي،  وسيوصى لي بالمملكة من بعده) . وظل يهيم على وجهه، حتى  التقى به قزم وسأله:   (إلى أين أنت ذاهب يا أخي؟) . فأجابه  الأمير بلهجة تنم عما في نفسه من الكبرياء:   (هذا لا يعنيك!!)   وتابع سيره. ولكن دبيب الانتقام دب في صدر القزم. وبينما  كان الأمير يجوس خلال ممر ضيق، لاحظ انه كلما تقدم في الممر  اخذ الممر يضيق به اكثر فأكثر، حتى انتهى إلى نقطة لم  يستطع فيها الحراك. . . وانتظره والده طويلاً ولم يرجع. وطلب

الأمير الثاني من والده أن يأذن لي في البحث عن الماء، إذا قال في  نفسه:   (أن يكن آخي قد مات، فسارت المملكة بدلاً منه) .

وظل يستعطف والده حتى أذن في الذهاب. فسار هذا في أثر  أخيه، والتقى بالقزم نفسه. فابتدره القزم بالسؤال:   (إلى أين  أنت متوجه أيها الشاب؟)  فأجابه الأمير :   (ليس من شأنك  أن تعرف هذا أيها القزم الحقير!) . ومضى في طريقه. فاستعمل  السحر معه، وكانت عاقبته وخيمة كعاقبة أخيه من قبله، إذ  وصل إلى أخدود، أراد أن يتقدم فيه فسلم تطاوعه قدماه.

ولما لم يرجع الولد الثاني،أضطرب فكر والده عليه. فتوسل  الأمير الصغير إلى والده أن يسمح له بالذهاب، فرأى الوالد نفسه  مضطراً على اجابة طلبه. وعندما التقى القزم بالأمير الصغير، وسأله  عن طريقه، أجاب:   (أنني أبحث عن ماء الحياة، إذ به وحده  يستطيع والدي أن ينفه من علته) . فقال له القزم:   (وهل  تعرف مكان وجوده؟)  فأجاب الأمير:   (كلا!) . فقال القزم:    (إذا سأدلك عليه لأنك سلكت معي سلوكاً لائقاً، مغايراً  لسلوك أخويك المتعجرفين. أن ماء الحياة ينفجر من النبع الذي  يجري في ساحة القلعة المسحورة، تلك القلعة التي لن تستطيع  اختراقها، إن لم أعطك قضيباً من الحديد، ورغيفين من الخبز.

أما القضيب، فاطرق به ثلاثاً على باب القلعة الحديدي فيفتح لك.  وفي المدخل سترى أسدين فاغرين شدقيهما تستطيع أن تأمن  شرهما، بأن ترى لكل منهما رغيفاً. ثم أسرع وأحض قليلاً من  الماء قبل أن تعلن إشارة الوقت الثانية عشرة. إياك أن  تتأخر! لأنك أن فعلت فسيوصد الباب ولا تستطيع الخروج!) .

فشكره الأمير، واخذ منه القضيب والرغيفين، وجعل يطوي  الأرض حتى حطت به النوى إلى القلعة المسحورة؛ فعمل بموجب  إشارة القزم. ودخل من الباب إلى قاعة جميلة واسعة، حيث كان  يجلس عدد من الأمراء المسحورين؛ فنزع الخواتم التي تحلى  أصابعهم؛ واخذ سيفاً مرهف الحد، وقليلاً من الخبز المطروح  هنالك. ثم دلف إلى الغرفة المجاورة؛ وإذا به أمام فتاة فاتنة  تتموج كالطيف، نظرت إليه من وراء جفون ترتعش بالميل  والانعطاف؛ ثم أخبرته أن مملكتها ستؤول إليه؛ وإذا ما رجع  إليها بعد سنة كاملة، فسيزف إليها ويعيش معها سعيداً موفوراً.

ثم دلته على موقع النبع الذي يجري منه ماء الحياة. ورأى في  الغرفة المجاورة سريراً مريحاً استلقى عليه لأنه كان متعباً؛ واستسلم  لنوم هادئ عميق. ولكنه استفاق على صوت الساعة، عند ما  أعلنت الثانية عشرة إلا الربع؛ فأسرع إلى النبع، وملأ كوباً  صغيراً كان موجوداً بالماء. ثم أسرع الخطو إلى الباب؛  وما كادت رجله تطأ العتبة، حتى دقت الساعة معلنة الثانية عشرة  تماماً؛ فأوصد الباب بقوة عظيمة جداً، أطارت قطعة من كعب  حذائه وهو خارج.

وبالرغم من كل هذا، فقد كان مروراً لنيله أمنيته. فعاد  أدراجه إلى القصر، والتقى في الطريق بصاحبنا القزم. غير إنه  لم يكن راضياً عن الرجوع إلى القصر دون أخويه؛ ولذا سأل القزم  أن يدله عليهما. فأجابه قائلاً:   (أن أخويك محصوران بين جبلين  عقاباً لهما على كبريائهما؛ أو لم تسمع أن عاقبة الكبرياء وخيمة؟!)   فألح الأمير على القزم بتلبية طلبه حتى فعل ذلك؛ إلا إنه حذر    الأمير من أخويه، إذ يضمر له السوء ولا يقيمان للاخوة وزناً

وعندما رجع إليه أخواه، اخذ السور يتموج على قسمات  وجهه، فقص عليهما تفصيل ما حدث. وركب كل من الأمراء  الثلاثة جواده، حتى وصلوا إلى مملكة كبيرة، أضنى الجوع والحرب  السواد الأعظم من سكانها، وأيقن ملكها أن لا مهرب له من  اغتيال. فذهب الأمير الصغير إلى هذا الملك ومد إليه يد المعونة  فاستطاع الملك أن يسد جوع السكان، وان يرد الأعداء على أعقابهم  خائبين. وبعد أن تم له ذلك اخذ الأمير السيف وما بقى من الخبز  وركب مع أخويه حتى وصلوا إلى مملكتين أخريين، فعل فيهما  الجوع والحرب فعلته الشنعاء كما في المملكة الأولى. وبالطريقة  نفسها رد الأمير عادية الدمار عن هاتين الملكتين.

ثم ركبوا السفينة يؤمون مسقط رأسهم. وفي ذات ليلة،  أنثا لت على أحد الأخوين الأكبرين الخواطر السود، إذ قال للآخر:    (لقد حصل أخونا الصغير على ماء الحياة؛ وهذا يعني أن والدنا  سيورثه المملكة وسيقضى على حظنا وأمانينا!!)  فاضطرمت  في صدريهما فكرة الانتقام، وتآمرا على اغتيال أخيهما. وبينما  كان نماماً في ذات ليلة، أفرغا ماء الحياة من كونه، وملأه بدلاً  من ذلك بماء شديد الملوحة ولدى أوبتهم لقصر أبيهم تناول

اشترك في نشرتنا البريدية