أفتتح أخيراً في بيت المقدس متحف عظيم، قد يغدو في المستقبل القريب المتحف الثاني في الشرق الأدنى من حيث أهميته
الأثرية بعد متحف القاهرة، ولهذا المتحف قصة ترتبط أيضاً بذكر متحف القاهرة؛ ففي سنة ١٩٢٣ عرض المثري الأمريكي الشهير روكفلر كما نذكر، على الحكومة المصرية هبة مالية عظيمة لبناء متحف مصري عظيم، ولكن الحكومة المصرية اعتذرت من قبول هذه الهبة نظراً لما اقترن بها من شروط غير مقبولة؛ فعندئذ تدخل بعض علماء الآثار في الأمر وفي مقدمتهم العلامة الأستاذ برستيد، وتوسطوا لدى المثري روكفلر في أن يحول مشروع الهبة إلى حكومة فلسطين، فنزل عند هذه الرغبة وقدم إلى الحكومة الفلسطينية هبة قدرها مليونان من الدولارات (أربعمائة ألف جنيه) لبناء متحف عظيم في فلسطين يضم آثار الأرض المقدسة؛ وتبرعت الحكومة بالأرض التي يقام عليها المتحف وهي تبلغ نحو عشرة فدادين تقع في الجانب الشمالي الشرقي من المدينة وتشرف على جبل الزيتون، وقبة الصخرة، وربى شرق الأردن وأقيم المتحف في هذا الموقع التاريخي على أحدث الأصول الفنية، وقسم إلى أروقة تظللها حنيات معقودة، وأقيمت في شماله حظيرة بها فسقية عربية جميلة؛ ونظمت أروقته تنظيماً تاريخياً لتكون معرضاً لتاريخ فلسطين في جميع أطواره، وجمعت فيه كل الآثار التي وجدت في فلسطين حتى اليوم، ومنها آثار العصر البرنزي حتى عصر الكنعانيين. وسيخصص فيه قسم لعرض الزخارف العربية التي استخرج معظمها من أطلال قصر هشام ابن عبد الملك التي اكتشفت أخيراً بالقرب من أريحا، وقسم آخر للتحف المصرية الآشورية، وهكذا. وقد فتح للجمهور رواق واحد هو الذي يضم آثار العصر البرنزي، وذلك حتى يتم تنظيم الأقسام الأخرى وقد أثار افتتاح هذا المتحف الجديد اهتماماً في الدوائر الأثرية والمعتقد أنه سيكون إلى جانب آثار بيت المقدس التاريخية عاملاُ جديداً في إغراء السياح من أنحاء العالم على زيارة الأراضي المقدسة
