الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 378الرجوع إلى "الرسالة"

مجاملة أدبية نبيلة

Share

       تفضل الأستاذ عبد الفتاح محمد قنصوه صاحب جريدة        (الإصلاح)    بالسنبلاوين فدعانا إلى زيارتها لنتلقى التحية التكريمية  لأسرة الرسالة من رجال الصحافة وشباب الأدب؛ وشاء للأستاذ  فضله أن يجعل هذه الدعوة مظهراً فخماً من مظاهر الحفاوة  والعطف فأقام لها سرادقاً وحشد إليها وجوه القوم وأعيان الفضل  بتصدرهم صاحب العزة الأستاذ محمد عوض إبراهيم بك وكيل وزارة  المعارف السابق، والعالم الفاضل الأستاذ أبو الفتوح سليط بك  وصاحبا الفضيلة الأستاذ مصطفى الصاوي المدرس بالأزهر،  والشيخ أحمد حافظ سليط المحامي، والوجيهان الفاضلان محمود  سيد أحمد سليط بك، وحامد طلبة صقر بك؛ ثم حفلت موائد  الشاي بجمهرة مختارة من أهل المدينة، وتعاقب الكلام عليها  صفوة من المبرزين في الخطابة والشعر والزجل. ثم خصصت        (الإصلاح)    لوصف الحفلة ونشر ما قيل فيها عدداً وبعض العدد.

  ولا يسعنا إزاء هذا التكريم الخالص لفكرة الجهاد  المشترك في سبيل الله والوطن والأدب إلا أن نسجل  في هذه الأسطر القليلة معنى من الشكر القلبي الدائم الذي  لا يتقيد بالألفاظ ولا يتحدد بالمناسبة، لأسرة       (الإصلاح ولحضرات الأفاضل الذين شاركوا في هذا الترحيب بالقول  أو بالفعل. ونسأل الله أن يديم على   (الرسالة)  التوفيق لاستحقاق  مثل هذا التكريم من مثل هذا البلد العظيم.

الشاعر صالح جودت

   أكتب إليكم هذه السطور من سرير المرض وقد ضاعف  آلامي ما قرأته للصديق الدكتور زكي مبارك عن مرض صديقي  الشاعر الموهوب الأستاذ صالح جودت، فقد شغلتني الهموم  والأوصاب عن مكاتبته زمناً كما أقصته عني، ولكني ما كنتُ  أقدر له إلا العافية والأنس فإنه مرآتهما المتألقة لكل من عرفه  وخالطه، وليس في وسعي أن أتخيل صالح جودت إلا مثال  الشاعرية الرقيقة السليمة المرحة خلقاً وكياناً.

   وقد بالغ بل أخطأ صديقي الدكتور زكي مبارك في قوله  إن صالح جودت يحقد عليه أبشع الحقد لسكوته عن التنويه  بمواهبه الشعرية، وإنه كان يتقاضاه الكلام على شعره في كل لقاء. أجل، أخطأ في تفسيره هذا لعبث ودي ولمداعبة بريئة،  فما عرفتُ عن صالح جودت هذا الخُلق المنقود في أي حال،  وإن عرفتُ منه أنه لم يكن في أي وقت يحترم موازين النقد  الأدبي لدى صديقي الدكتور زكي مبارك، وكلاهما لا يحسن  الظن بشعر صاحبه!

   وإني أوافق الصديق الدكتور زكي مبارك على قوله الحكيم  إن كل شيء يجوز فيه التشجيع إلا الأدب والبيان فالتشجيع  هنا مفسدة، بيد أن ما احتاج إليه الأدب والبيان في مصر زمناً  طويلاً إنما كان   (الإنصاف)  وهذا ما أباه الأدباء الشيوخ على  الأدباء الناشئين، ولكن الأحوال تبدلت الآن وتعددت المنابر  الحرة لأدباء الشباب وانتفت دواعي شكاواهم.

  ولا أعد قصيدة صالح جودت   (شاعر العيون الزرق والشعر  الذهب)  إلا مثالاً لشاعريته الأصيلة التي فات صديقي الدكتور  زكي مبارك الالتفات إليها من قبل حتى وجد الجو العاطفي الملائم

   لعقله الباطن فبدأ يستجيدها الآن وإن علل ذلك تعليلاً جديداً.  ولعل كلمته النبيلة رسول الشفاء القريب إلى صديقي الشاعر الغرّيد  الذي أعده نسيج وحده في فنه.

(الإسكندرية)

اشترك في نشرتنا البريدية