مؤلف هذا الكتاب شاب عراقي من أولئك الشبان الذين يكتبون القصة , ويكتبونها للفن ، ويسمون بفنهم وتفكيرهم وعمقهم عن مستوى الجماهير . وفي الكتاب خمس عشرة قصة , منها الموضوعة ومنها المترجمة ،والمترجمة منها لكبار كتاب القصة القصيرة فى الغرب وفحولهم ؛ وناهيك بتشيكوف , وبيراندللو , وويلز , وموبسان من أسماء ! .. ولقد ترجم المترجم وتخير أحسن روائع هؤلاء وأمسها بمشاعرنا وإحساساتتا ، ولا ينقصه فى عمله هذا إلا المراجعة الدقيقة وتخير الألفاظ , وصقل الأسلوب أما القصص الموضوعة : فكلها تصور تقريبًا شخصيات مريضة مضطربة كثيرة الهواجس والخواطر والشرود الذهني ،
ولهذا كانت القصص تحليلية فيها عمق وبراعة وصدق ، ولا يعوزها كذلك إلا عرض الصور الذهنية قوية على القرطاس كقوتها فى ذهن الكاتب ...
ولا يمنعنا هذا من أن نقول : إن هذا القصصي الشاب من أحسن الشبان فى الشرق العربي الذين يفهون القصة على أحسن وجه , ويتأثرون تاثرًا عميقًا بكتاب القصة الإنجليز والروس الذين سموا بالقصة وبلغوا بها نهاية مجدها ؛ كما أننا نكبر فيه إخلاصه للفن القصصي الذي دفعه إلى الكتابة بهذا العمق وهذا الإبداع وهذا اللون الجديد من الأدب , مع علمه بأن الجماهير في الشرق العربي على الأخص لا تستسيغ القصة التحليلية ولا تتأثر بها , مع أنها خلاصة الفن ونهاية الرقي فى هذا الميدان الأدبي ؛ وهو مع شبان قليلين فى مصر يستحقون كل إعجاب وإكبار والكتاب فى اثنتين وتسعين صفحة من القطع المتوسط , وهو مطبوع بمطبعة الثغر بالبصرة على ورق مصقول

