ومجنونة تذرع الأرض طولا
وعرضا وقد غربت بالسباب
توجه لعنا إلى غير شيء
كأن بها نقمة من عذاب
وتبكي بدمع طليق غزير
يهبل على النفس كل اكتئاب
وفي وجهها من شجون الحياة
حشود تبدت بغير حجاب
أراها من الثكل ضاعت مناها
فما وجدت حانيا في اقتراب
سوى قهقهات المقادر هزما
بهذا الذي دفنت في التراب
وإغضاء ركب الحياة كأن لم
يكن فيه زين الدنا والشباب
كذا الزهر يفشق حتي إذا ما
عراء الضنى ديس فوق الشعاب
فيا للحياة نفدس جنى
إذا طويت ذهبت كالسراب
سوى ذكريات بقلب محب
لها أجل مودع في الكتاب
فيا أم ويحك لا الحزن يجدي
ولا ولولانك بعد الغياب
نسيت الحياة فأولئك صدا
وغدر الحياة كغدر الكعاب
وما دام بينك والموت إلف
فصبرا على ما قضت من عقاب
تسوق وراءك ألف لسان
نضج ، وتوغل في الاصطخاب
فإما رجعت إليها ففازت
وإما تهاويت دون المآب
ويا نيل لازلت تمضي سعيدا
تغني الضفاف نشيد الحباب
وتنظم في الشاطئين رسوما
لها الدهر يعجب كل العجاب
خيالك يا نيل فوق الخيال
وحلمك يا نيل فوق السحاب
فهلا بصرت بهذا العذاب
تعانيه أم بليل المصاب
على مذبح الحب ألقت عصاها
وقالت : بني له كل مابي
فأين حنانك يا نيل يأسر
جنون الجراح ، وفقد الرغاب
وفيم نقصيك دنيا الفنون
وأهلوك قتلي الأسي والعذاب
لئن لم تلفت إليهم بقلب
شفيق ، فزل كزيال الكذاب

