الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 55الرجوع إلى "الرسالة"

محمد والعرب، قصيدة في ذكرى مولد الرسول

Share

توطئه

عقيدتي الشخصية، أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول كبقية الرسل، وكما جاز للمسيحيين أن يجمعوا للمسيح (ص) صفتيْ  الألوهية والانسانية الممتازتين، فقد يجوز لي أن أرى في سيّد  قريش نبياً دينياً ومنقذاً قومياً في آن واحد. فأنا أحترمه (ص)  كنبي جاءنا بالهدى والرحمة، وأنضوى الى لوائه كمنقذ لهذا الشرق من إسار الفرس والرومان، وأنا أرى في الدين الاسلامي قوة للشرق في جهاده القومي يجب استغلالها، واذا لم يكن للقرآن من يدٍ إلا صيانة لغتنا - واللغة أجلّ مظاهر القومية - لكفاه  ذلك فضيلة تحمد، ويداً تشكر.

فاعترافاً بفضل محمد وقرآنه على العرب والعربية كتبت  ما كتبت، وأكتب من طوال الفصول في جرائد الفتح في (مصر) والاعتصام في (حلب) والرابطة في (دمشق) وسواها من الصحف الاسلامية، عدا رسائلي وقصائدي القومية في بقية الصحف العربية

وفي سبيل محمد وقرآنه لقيتُ وألقى ما أكابد من عَنَتِ الجهل وسخر رجاله، فُحبيتُ (الرياء) وساماً، ورُميت بالكفر والضلالة، وقيل إنني أداري الأكثرية فأصانع المسلمين، وأني  حزب القوة أنّى كانت القوة، وكان أشد أولئك الغاضبين عنَتاً  وغيظاً، كهل مسيحي يدعى (سمعان) قرأ لي مقالاً في (الجزيرة)  فهزّه الغضب حتى لقد همّ بى لو استطاعني، ولكني هزأت به  وترفعت عن خصامه، فالى (سمعان)  هذا ومن أخذ أخْذَهُ  صرفتُ وجه الخطاب في مستهل القصيدة.

إنني مسيحي كما يحب(سمعان)أن أكون، ولكني  لا أرى في مسيحيتي ما يمنعني عن الاعتراف بهدى محمد ويده على  الانسانية والعرب!

ولعل الضلالة كل الضلالة أن نحصر الفضيلة والهدى في دين من  الأديان، فلكل دين ميزاته، ولكل دين فضائله، ومرجع كل دين الى الله (ولله ما في السموات وما في الأرض،والى الله تُرجع الأمور)

القصيدة

قد يقولون (شاعر نصراني      يُرسل الحبَّ في كذاب البيانِ)

(يتغنى هوى الرسولِ ويهذي      بانبثاق الهدى من القرآن)

(ينتحي الجبهة القوية يحدو      ها رياءً، والشعر (لا وجداني)

(قسماً بالمسيح، لو قام للشيطا      ن حزب، أشاد بالشيطان.)

كذبوا والرسولِ، لم يجر يوماً      - بخلاف الذي أكنّ - لساني

ما تراءيت بالهوى، بل سقاني      طائفُ الحبّ والهوى ما سقاني

أوَ عارٌ على فتى يعربيٍ      أن تغنّى بالسيد العدنانى؟

أوَ ليس الرسول منقذَ هذا (م)       الشرق من ظلمة الهوى والهوان؟

صاح بالشرق واستثار بنيه      فتنادوا بالفرس والرومان

ومشوا للحياة تحت رايته السم      حاءِ صفّاً موطَّد الأركان

وبنوا مجدنا المؤثّل صرحاً      من نِثار العروش والتيجان

وأتوا قمة الزمان فكانوا      سادة الأرض في شباب الزمان

أَفكُّنا لولا الرسول سوى العب      دان؟ بئست معيشة العُبدان!

أوليس الوفاء أن تُخلص المن      قذ حباً إن كنت ذا وجدان؟

فالتحيات والسلام أبا القا      سم تُهدى إليك في كل آن

قلْ (لسمعان) إن ما في عروقي      عربي، وأن ما في لساني

أتغنى بالحق، والحق يا صا      ح لا مسلم ولا نصراني

إنما الشاعر الذي أنا منه      فوق ذاك الارجاف والبهتان

قد تعالى عن الرياء بريئاً      من هوى الشيخ أوهوى المطران

كلُّ هذي الاديان - لو عقل النا      س - سبيل هادٍ الى الرحمن

أخذته الغاياتُ فانشعب السي      رُ وضلت قوافل الركبان

فاذا الناس في مريج من الأم      ر حيارى مشلولة الأذهان

يترامون بالكبائر والاث      م ويمضون طيّة الأضغان (1)

أيها الناس! ما أتى الرسل للتف      ريق لكن لوحدة الانسان

كلنا مسلمون لله، فحتا      م الترامي بالكفر والايمان؟

كلنا صائرون لله يوماً        (يوم تنشق وردة كالدهان) (2)

أتدينون بعضَكم؟ مَن حباكم      أيها الناس سلطة الديان؟

فاتقوا الله! واتركوا الأمر لل      هـ، وخلّوا ضلالة الكهّان

أم نراكم علمتم الغيب فأصدر      تمُ إذ أصدرتمُ عن عيان؟

(البقية في أسفل الصفحة التالية)

فقذفتمْ في زيداً وبوّأ                  تُم عميراً مقصورة في الجنان

جلّ سبحانه عن الشرك في الرأ     ي وعلم المصير والسلطان!

منقذ الشرق! قد أتيناك نشكو       ضيعة الحق وانخذال الأماني

فاحي فينا ميْتَ العزائم وابعث      نائرات الهدى ودُرس المباني

قد أضعنا ذاك التراث وضِعنا        في شعاب الحياة والوديان

منقذ الشرق! أنت لم تنقذ المسـ     لمَ دون المواطن النصراني

فجزاء الاحسان أن ينهض الشر    ق جميعاً بواجب المهرجان

حمص (سورية)

اشترك في نشرتنا البريدية