قال الأديب رشوان أحمد في مقاله في العدد الماضي من الرسالة: (إن الملك منوسوفيس (وهو الملك الثاني عشر من ملوك الأسرة السادسة) أرسل القائد هرخف إلى بلاد بنت) ظناً منه أو خطأ في مصدر النقل أن هذه البلاد جنوب صعيد مصر لقوله (وفي عهد الأسرة الثانية عشرة أرسل اسرتسن الأول ثاني ملوك هذه الأسرة القائد هرنو بطريق قفط والقصير لجباية الجزية. . .) والمعروف عن بلاد بنت انها بلاد الفينيقيين ومنها صيدا وصور
أما هجرة المصريين في عهد قلاقل الأسرة الخامسة عشرة فقد كانت إلى نبتة أو نباطي وهي عاصمة بلاد النوبة لا أثيوبيا، ولم تكن مملكة أثيوبيا مجاورة للملكة المصرية إلا بعد غزوة ملوك مصر
للنوبة والكوش، وقد غزا بعنخي ملك النوبة مصر أيام حكومة الآشوريين، وهذه الغزوة هي التي يخطئ فيها بعض المؤرخين فيسمونها غزوة الزنوج لمصر
وقد ذكر أن (رمسيس غزا بلاد أثيوبيا وأقام هيكلاً عند كلايشة)ويسمي ببيت البوالى عند سكان كلايشة ولكن المعروف أن رمسيس الثاني غزا النوبة وسطر حروبه وانتصاراته على معبد أبي سمبل، وأما كلايشة وهيكلها المسمى بيت الوالي (لا بيت الولي) فيقال أن الهيكل من عمل اسرتسن الثاني.
ولم تكن كلايشة وأبو سمبل تابعيتين لأثيوبيا ولا لكوش في وقت ما، وما زالتا من القرى النوبية، وهما اليوم من أعمال مركز ا لدر، فكلايشة في أقصى الشمال وأبو سمبل في أقصى الجنوب
والكاتب جغرافي ولكنه لم يلتفت إلى تقسيم وادي النيل في كلامه التاريخي، فالمعروف جغرافياً أن مصر جنوبها النوبة، وجنوب النوبة السودان، وفي الجنوب الشرقي من السودان أثيوبيا أو الحبشة كما تسمى الآن
ولم يذكر غزوة علي بابا ملك النوبة أيام عنبسة آخر ولاة العباسيين لمصر واستيلائه على صعيد مصر، وأما الفنج فقد كان عاصمة ملكهم في سنار (لا في سناد) وقد تكونت مملكة الفنج في حوض النيل الأزرق واستولت على جزء من أثيوبيا، والجزء الجنوبي من النوبة
أما الحكومة الكشاف التي بدأت في بلاد النوبة بعد فتح السلطان سليم، فقد كان الحكام من الأتراك؛ وأول من تولى حكم النوبة وخاصة الإقليم الممتد من الشلال الأول حتى آخر مديرية دنقلة كان ألبانياً يدعى حسن قوسه وهو رأس أسرة الكشاف الحالية بمركز الدر، ولم يتعرض محمد علي باشا لأحفاده في حكمهم عند غزوته للسودان، لأن الحاكم قدم له فروض التابعية وساعده على نقل الجيوش إلى السودان، وقد رضى بتقديم الضرائب لوالي مصر على أن يعفي أبناء الإقليم من الجندية، وكان ذلك حتى اليوم، ولكن نفوذ الحكام أخذ يتلاشى إلى أن قضى على سلطة الكاشف الروحية في أواخر أيام توفيق باشا. أما معاهدة ١٨٩٩ فتنص على أن حدود نصر هي (فرس) جنوب حلفا بقليل، وما فرس إلا جزيرة في عرض النهر، ولكن الإنجليز وضعوا حدهم أمام فرس على ضفتي النيل الشرقية والغربية مع أن هذا الحد ليس بفاصل طبيعي
