وردت في بريد الرسالة كلمة من العراق تحمل إشفاق صاحبها على مذهب جديد، هو ما يقول به الآن الأديب (كمال بسيوني) وكنت أحب أن يعلم المشفق النجيب أنه ليس هناك ابتكار ولا تجديد، وإنما هو رأي أعلنه على الناس عميدنا الوزير - طه حسين باشا - محاضرا في قاعة الجمعية الجغرافية منذ عشرين عاما وهذا نصه:
(فالشعر ضرورة من ضرورات الحياة في كل طور من أطوارها، فإذا انقضى هذا الطور أصبح الشعر عاجزا عن أن يقوم بشيء من ذلك، وأصبح النثر خليفته يصور هذه الأشياء الجديدة. والشعر الذي كان ضرورة أولاً في يصبح في الطور الثاني ضربا من الترف والزينة. والحياة لا تستطيع أن تستغني عن كليهما. وكذلك عندما نلاحظ تاريخ الأمم التي كانت لها حياة أدبية، وكان لها شعر ونثر، نلاحظ أن حياتها قد بدأت شعرا، وأن الشعر وجد فيها قبل أن يوجد النثر بزمن طويل) ويمضي أعزه الله في الحديث إلى أن يقول: (فالأمم التي لها أدب، قبل أن تعبر عن عواطفها وميولها بالنثر، عبرت عن لذاتها وآلامها وارتقى عقلها، نشأ عن ذلك أن وجدت فيها أفكار وآراء عجز
الشعر عن أن يعبر عنها.(١)) وذلك قول يشق عن وجه الحقيقة النقاب.
وليس من معنى هذا القول أن نهمل متحدث اليوم فهو كاتب قدير؛ إنما الواجب أن تناقشه على أساس أن للفرع أصلا
