الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 1012الرجوع إلى "الرسالة"

مستقبل الإسلام، تأليف الأستاذ محمد عبد القادر العماوي،

Share

هذا هو الكتاب الثاني الذي يتحدث فيه الأستاذ محمد  عبد القادر العماوي عن إمكانيات هذا الدين الحنيف. أما كتابه الأول  الذي أصدره في العام الماضي فكان عنوانه   (هذا هو الإسلام)   ولقد تحدث الأستاذ العماوي في   (مستقبل الإسلام)  طويلاً عن  أسباب الجمود الذي أصاب الدين خلال عصور التاريخ، والعوامل  التي أدت إلى ذلك؛ كما تحدث عن تطور الأديان وقارن بين العقيدة  في مختلف الأديان مقارنة مبنية على أسس من العلم والتاريخ، وبين  كيف أن الإسلام نظام عالمي مرن متطور وفق حاجات الزمان  والمكان، وما كان له أن يصل إلى هذه النتيجة قبل أن يعرج على  نشأة الفرق الإسلامية والعوامل التي أثرت في تاريخها وأسباب  ما رميت به من تعصب أعمى وأودى بالكثير من جمال تعاليم  بعضها والأسباب الخفية لنشوء معظم الفرق الإسلامية.

ثم يخلص من كل هذا البحث التاريخي العلمي إلى النتائج  

الطبيعية له وأثره في الإسلام ووجوده كقوة عالمية ثالثة وإمكانيات  هذه القوة ومستقبلها بين الكتلتين الشرقية والغربية التي  تتنازعان اليوم، لكنه في هذا المكان من الكتاب وقد جعله  خاتمته يختصر القول اختصارا ويجمله إجمالاً ويكتفي بالتلميح دون  التصريح وهو لب الكتاب وأس موضوعه. . وكأني به يخشى  الإفصاح عما في نفسه أو يتهيب الرقيب الحسيب ويخشى مغبة  آرائه الحرة، ويقيني لو أن الأستاذ العماوي تأخر في إصدار كتابه  أياماً لكان له شأن غير الشأن ولأجرى القلم بما يشاء وأفاض فيما  يريد، ولعله فاعل ذلك في الطبعة الثاني إن شاء الله تعالى. ومن أمثلة هذا الاختصار المخل ما جاء في الصفحة ٢٠٩ من  قوله   (لكن الإسلام لم يكتف بذلك وإنما يريد أن يقضي في  صراحة وقو على ميكروب النظام الطبقي الذي ينشأ عادة من  سوء التوزيع الاقتصادي للدولة فيوجب ضرورة التوازن في دخل  الأفراد وبذلك يقضي على كل العوامل التي ينشأ في ظلها  الربا والاحتكار) .

هذا كلام جميل يحتاج إلى كثير من التفصيل ويحتاج إلى أن  يبين لنا الأستاذ العماوي الوسائل العلمية التي لا تتعارض مع  روح التشريع الإسلامي وتحقق هذه الأهداف الجليلة؛ ويكون  بذلك قد أدى خدمة لله والوطن. وفي مكان آخر (ص٢١٣  يعرض الأستاذ المؤلف لنظام الإسلام في صورة اشد غموضا وأبهم  فيقول. . (إننا لا نحب أن نخدع أنفسنا فنتمسك بالقشور على  اللباب فإذا كنا حقيقة نحرص على بلوغ ما رسمه الإسلام  من غايات فالسبيل إلى ذلك الانتقاض عن هذه النظم التي تسير  على حياة العالم وما يتحمله من أساس العدالة ومن نظام في الحق  والسياسة والاجتماع لا يبتعد كثيراً عما شرعه الإسلام للعالم  وكان بودي لو أن المؤلف أوضح لنا النظام الذي يراه موفقاً  ما شرعه الإسلام والنظم الغربية القائمة؛ أو ما يحقق العدالة  الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ولا يتعارض مع روح الإسلام  ولا روح العصر! أما ترك الأمر للحدس والتخمين فلا  والطريق العلمي الذي اخذ المؤلف به نفسه.

والكتاب بعد ذلك مجهود قيم وخطوة جريئة موفقة  الأستاذ العماوي نرجو أن تتبعها خطوات إن شاء الله.

اشترك في نشرتنا البريدية