نشر هذا الكتاب في شهر مارس الماضى المعهد القومى للاثار والفنون ، وهو كتاب قيم جمع بين العلم للعلماء و " العلم للملايين " فهو مجموع ما تجب معرفته عن خرائب مدينة دقة العتيدة وعن الابحاث التنقيبية التى اجريت فيها منذ اكثر من نصف قرن وعن معالمها الشاهدة على حضارة وطنية صميمة قبل انتشار المسيحية وبعدها ، وهو ايضا دليل للسائح يسير به من معبد الى ضريح ، ومن مسرح الى حمام ، ومن كنيسة الى قصر ، وكلها ترفرف فوقها نفحة من الجلاء تفعم الانفس . كانت مدينة دقة في القرن الثاني قبل المسيح عاصمة للملوك النوميديين البربريين المناوئين لقرطاجنة والمتحالفين مع رومة وقد بقى الى اليوم بعض من آثار ذلك العصر : السور وبقية من معبد اقيم تكريما للملك ) ماسينيسا ( ومعبد لعبادة الاله ) بعل ( اقيم فوقه فيما بعد معبد لعبادة ) المشترى ساتورن ( اما اهم المعالم الراجعة الى العصر المذكور فهو ضريح احد الملوك النوميديين وقد بنى في أواخر القرن الثالث او بداية القرن الثاني قبل المسيح ، وتمتاز حضارة دقة بانها حضارة تغلب عليها المسحة البربرية ، فقد تاثرت بالحضارة البونيقية كما تاثرت بالحضارة الرومانية ولكنها لم تكن نسخة لا من قرطاج ولا من رومة بل كانت لها مميزاتها وشخصيتها ، وتتمثل هذه الشخصية في الاشكال الزخرفية وتمثيل الطقوس الدينية والالهة وسلوك الناس في الافراح والاتراح فان ذلك كله مع علاقته الظاهرة بالحضارات الاخرى يكتسى مظاهر تجعله فى بوتقة خاصة مستقلة لا تتفق الا مع وسط نوميديا البربرية .
هذه خلاصة كتاب الم . بوانصو وقد اسدى بعمله هذا خدمة تشكر نحو آثار بلادنا .
