يتخذ النضال الدولي يوماً فيوماً صورة صراع واضح بين معسكرين من المبادئ الخصيمة: الفاشستية والديمقراطية؛ وهذه الظاهرة تستغرق اليوم اهتمام المفكرين والساسة في جميع الأمم.
وقد ظهر أخيراً كتاب يتناول هذا الموضوع بقلم الكاتب السياسي الأمريكي هاملتون ارمسترنج عنوانه (إما نحن وإما هم) ونحن يقصد بها الكتلة الديمقراطية، وهم يقصد بها الكتلة الفاشستية. ويستعرض الكاتب ظروف هذه المعركة بقوة ووضوح، وهو يدرسها ويستعرضها منذ أعوام في مجلة الشئون الخارجية الأمريكية التي يشرف على تحريرها ببراعة. ومن رأيه أن توجد اليوم بين هاتين الكتلتين من المبادئ هوة لا يمكن إجتيازها، وإن إحداهما ستقتل الأخرى بلا ريب؛ وكل ما هنالك هو السعي لمعرفة من يكون الظافر. فهل تنتصر الشعوب الحرة وتلك التي تريد أن تستعيد حريتها، أم تنتصر عصبة الفاجرين الحمقى الذين يريدون أن يجعلوا من البشرية أداة حية لخدمة الحكم المطلق؟
ويدحض الكاتب بقوة الزعم الذي تستتر وراءه الفاشستية منذ حين وهو أنها تخاصم الشيوعية وتعمل لسحقها؛ ومع أنه ليس بالاشتراكي ولا بالشيوعي فإنه ديموقراطي في تفكيره مؤمن بمبدأ سيادة الشعب وحكومة الشعب. وهو يرى أن الحرية هي أسمى ما يمكن أن يتمتع به شعب حر، ولكنه يحمل على تلك الديمقراطية البرجوازية التي تستغل الحكم لمصالحها ومناقمها . ومن رايه ان الجماعة المنظمة التي تعترف بعجزها عن تهيئة الأعمال للعاطلين وفتح الأسواق للأعمال والتجارة، ومحاربة الصناعات المحتكرة، وتخفيض مستوى العيش؛ مثل هذه الجماعة أو الحكومة ليست جديرة في نظره بالبقاء والحياة، وليست بالأخص جديرة لأن تخاصم وتناضل أنواع الحكم الأخرى
ويشرح الكاتب نظرياته بأمثلة عملية من حوادث التاريخ الحديث والمعاصر؛ ويرى في المسألة الإسبانية ومسألة الصين أعظم ميدان لاصطدام القوتين الخصيمتين، ويحمل بشدة على سياسة الدول الديمقراطية في هاتين المسألتين، ويرى فيها دلائل الاضطراب والضعف. وفي اعتقاده أنه ليس ثمة ما يحمل الدول الديموقراطية على كل هذه التقديرات الخطيرة التي ترتبها على مقابلة الهجوم بمثله، وإنه قد يكون الخطر في الميدان الدولي أقل بكثير إذا قامت الدول الديموقراطية بعمل ما مما لو استمرت في موقفها السلبي الحاضر
