الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 418الرجوع إلى "الثقافة"

معلومات عامة, الثعابين تفتتن بالموسيقى

Share

من مشاهدات شاتو بريان الكاتب الفرنسى الشهير حيث يقول

كان شهر يوليو من سنة ١٧٩١ وقد سافرنا إلى كندا المرتفعة مع بعض القبائل المتوحشة من الشعب الأونتناجى وهم أقوام يسكنون شمال الولايات المتحدة وذات يوم وقد توقفنا عن المسير لكى نأخذ بعض الراحة فضربنا خيامنا فى صحراء كبيرة عند شاطئ نهر جينيزمى وهو نهر يصب فى بحيرة أونتاريو بأمريكا دخلت إلى معسكرنا حية عظيمة من النوع الخطر الذى يسمونه الحيات ذات الأجراس وكان بيننا رجل من أهل كندا يعرف العزف بالفلوت الصفارة فأراد أن يقدم لنا نوعا جميلا من التسلية واقترب من الحية والفلوت بين يديه وذلك هو سلاح من نوع جديد

وما إن اقترب الرجل من الحية حتى التفت حول نفسها عدة لفات ورفعت رأسها وانتفخت أوداجها وكشفت عن أسنانها السامة وحلقها الدامى واهتز لسانها المزدوج وكأنه لسانان من اللهب ولمعت عيناها كما لو كانتا جمرتين وهاجتين وانتفخ جسمها من الغيظ وهو يعلو ويهبط بشدة واتسع جلدها وبهت لونه وخشنت قشوره وأخذت تضرب بذيلها المشئوم ضربات سريعة لها صوت رهيب

فبدأ الكندى ينفخ فى صفارته أنغاما جميلة فأتت الحية بحركة تعجب من رأسها وقد راحت به إلى الوراء وكأنما قد سحرتها تلك الأنغام الموسيقية وذهبت من عينيها شراستهما المخيفة وهدأت ضربات ذيلها وتلاشى صوتها شيئا فشيئا واتسعت حلقات جسم الحية المفتتنة

وسكنت على الأرض فى تراخ وسكون والتمع جلدها بألوان براقة جميلة من الأزرق الفيروزى والأخضر الزمردى والأبيض الفضى والأصفر الذهبى ثم أدارت رأسها ببطء ومكثت لا تتحرك  وهى تستمع إلى الموسيقى فى انتباه وسرور

وفى هذه اللحظة مشى الكندى بضع خطوات وما زال يلعب بآلته الموسيقية فى أنغام شجية متواترة فخفضت الحية رأسها الملون الجميل وأخذت تشق به طريقا بين الأعشاب الناعمة وجعلت تدب فى أثر الموسيقى وكلما توقف الرجل توقفت هى حتى ابتعد بها خارج معسكرنا وهناك تقاطر المتفرجون من سكان تلك الجهات يشاهدونها فى سرور واستغراب وبعد ساعة خفتت الموسيقى شيئا فشيئا وانصرفت الحية فى هدوء لطيف دون أن يفكر أحد فى أذيتها

اشترك في نشرتنا البريدية