الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 685الرجوع إلى "الثقافة"

مع الفكر الأوروبى المعاصر, ١ - كاتب من كبار كتاب القصص، أو ترجمة حياة ويلكي كولنز, ٢- أعظم الثائرين رقة وظرفا، أو " صوات وناديه ", ٣ - جولات فى أفريقا، أو " جنة الكونجو "

Share

للكاتب " كينيث روبنسون "  A GREAT STORY-TELLER""  or "WILKIE COLLINS" A Biography  By Kenneth Robinson

لقد مضى على وفاة " ويلكى كولنز " اثنان وستون عاما ، وحياته مازالت يلفها غشاء من غموض ، وإن كان مما لا يستطاع إنكاره أن الناس قد سمعوا كثيرا عن صداقة " ويلكى كولنز " لديكنز " فى أخريات حياته . وهى صداقة لم يكن يرضى عنها مستر جون فورستر " وهو رجل من أصدقاء " ديكنز " الذين اتصفوا بالتوفر والجد .

وقد كانت هناك ألوان من الصداقات " لويلكى كولنز" لم يعرف الناس عنها شيئا غير تلك الإشارات الخفية التى وردت فى قاموس من قواميس التراجم ، وهى صداقات كانت تعقد أواصرها معه أيام كان لدن العود ، رشيق القد وهى صداقات كان يضيق بذكريانها صدره يوم ذاع صيته ، بل هى صداقات كان لذكرياتها الأثر السئ على سلامة عقله .

والمؤلف يقول : " وهناك من النساء من كان لهن أثر كبير فى مجرى حياته . ومنهن امرأة مشهورة اسمها " مسز جريفز " . وقد ورد اسمها فى " دليل مصلحة البريد " يوسف أنها كانت تساكنه وتعايشه ، ولا بد أن تكون هذه المرأة هى التى أوحت إليه بفاتحة روايته التى سماها " المرأة ذات الثوب الأبيض"  وهي الفاتحة التى يقول فيها : " طريق موحش . فى ريض من أرياض المدينة . في ليلة قمراء . وامرأة فى ثوب أبيض فضفاض ، يعلو صراخها ، وهى تجرى هاربة ، أمام رجل من الأردلين كان يساكنها فى بيت وبقى مريب " .

ونحن نلتقى بهذه المرأة وقد ظلت تساكن " ويلكي

كولنز " عدة سنين ، وقد أضفى عليها كل ما يضفيه المرء على امرأته ما عدا الأسم . ثم تبدل الحال فجأة فتزوجت من شخص يدعى" جوزيف كلو " وشهد كولنز حفل زواجها . ولكن سرعان ما اختفى هذا الزوج ، وسرعان ما عادت هى إلى صحبة " كولنز " ودامت هذه الصحبة طوال حياته .

وعلى الرغم من ذلك فلم نسمع عن هذه المرأة إلا أخبارا قليلة . فنرى " ديكنز " يبعث إليها بتحياته كما يبعث إلى بنتها بقبلانه . ومهما يكن من شئ فإن قصة هذه المرأة قصة غريبة مستهجنة

والعجيب من أمر " كولنز " أنه كان يتأنق فى رسم شخوص رواياته . ويتذوق فى وصف خصائصهم حتى لتبدو صور حياتهم واضحة ، لا خفاء فيها ولا غموض . ولكنه يبدو أنه قد نسى هذه الطريقة فى حياته الخاصة ، فبدت أطراف تلك الحياة أطرافا غير محبوكة .

والمؤلف يقول : إن والد " كوليز " كان مصورا ناجحا ، وقد أرسل ولده إلى مدرسة من المدارس الخاصة فى مدينة "هيبري " وهناك بدت بواكير مواهبه ككاتب قصصى ، إذ كان يقص كل ليلة على "المشرف على غرف النوم " قصة من قصصه

وكان أبوه قد أراده على أن يسلك فى عداد رجال الدين فانى ، ثم حيره في الالتحاق بإحدي الجامعتين " أكسفورد " و " كمبردج " فلم يرض بواحدة منهما ، فلم ير أبوه بدا من أن يلحقه بخدمة بيت من بيوت التجارة . فقال عنه أصحاب ذلك البيت : إنه لم يتميز إلا بالتفوق والبراعة فى ترك العمل . .

وكان صاحبنا قد بدأ يومئذ يخوض لجنة الكتابة الأدبية ، وكان يرتحل إلى باريس بين آونة وأخرى ، وكان يرسل من تلك المدينة خطابات إلى أصحاب العمل يطلب مزيدا من أيام الإجازة ، كما كان يبعث خطابات إلي أمه يطلب مزيدا من النقود .

وفى باريس أولع ولعا شديدا بزيارة ( معرض الجثث المجهولة" ، وقد استوحى ذلك العرض يوم رسم صورة " فوشكو " ( وهو أكبر بذل من الأوغاد صورة ، المؤلف فى روايته ذات الثوب الأبيض)

وفى تلك الآونة تكاثرت الصحاب على كولنز " وبخاصة بين الفنانين . وكتب يومئذ مذكرات عن والده كما كتب رواية سماها "انتونينا " . ولكن الساعة الحاسمة فى تاريخ حياته هى تلك الساعة التى لقى فيها " ديكنز " وكان فى ذروة مجده وكان قد بلغ التاسعة والثلاثين من عمره ، وكان " ويلكى " فى السابعة والعشرين وأحب كلاهما صاحبه ( ودام عهد الصداقة وتولفت عراها حتى لقد تزوج أخو " ويلكى " من بنت " ديكنز " الصغرى ) .

وبعد انقضاء سنتين على تلك الصداقة سافر " ديكنز " ومعه " وبلكى " ويصحبنهما ثالث إلى أوربا فى رحلة يصفها "ديكنز " وصفا مرحا فى رسائله . وقال ديكنز " فيما قاله فى تلك الرسائل ؛ إن "وينكى" يأكل كل شئ ويشرب كل شئ . وإنه يسلك سلوكا حسنا فى كل مكان . وإنه مرح دائما

ويقول المؤلف : إن " ديكنز " كان عبقريا ممتازا . أما " كولنز " فلم يكن أكثر من روائى قد برع فى فنه البراعة كلها . ولكن قد كانت بين السكانيين مشابه حد واضحة فى صنعة الكتابة . ففسد أحب كلاهما " الدراما" وبخاصة "البلو دراما" وكلاهما كان لا يرى فى أى كتاب من الكتب إلا لونا من ألوان الرواية . وكان الحوار فى قصصهما يجرى احيانا بالرطانة القديمة التى كان المسرح ولا يزال - يرضى عنها .

ويستطرد المؤلف فيقول " إن كولنز " فى تصوير المكايد وتدبير الخطط كان أستاذ مرشدا ، أما " ديكنز " فكان فى هذه الناحية تلميذا لم يبلغ درجة النبوغ ثم يقول : إن من الطبيعى أن يكون الكاتبان صديقين متحابين يضفيان على صداقتهما ألوانا من البهجة والمرح وكذلك كان من الطبيعى وطبيعة النفس الانسانية هى ما هى - أن تقتاب الغيرة "فورستر " صديق " ديكنز " وكان " كولنز " يلاق هذه الغيرة بما يصح أن يسمى فى

لغة هذه الأيام بسياسة التهدئة . ومن دلائل هذه السياسة أنه لما ظهر الجزء الثانى من حياة " فورستر " كتب إليه " كولنز " بقى على مجهوده وببالغ فى الثناء . وأمضى خطابه بكلمتى "المحب الدائم " .

فلما ظهر الجزء الثالث وألف كولنز " نفسه وقد عومل بالأهمال والترك ، على مرجله ، وثار ثائره فأمسك بالنسخة التى أعديت له وسود هو امشها بالنقد اللاذع المرير .

ويبدو أن " فورستر " كان بينهم كولنز " بأنه هو الذى يرى ديكر " بأن يقسوم سرح اللهو غير البرىء .

ويقول المؤلف : لقد نشر " كولنز " روايته " المرأة ذات الثوب الأبيض" عام ١٨٦٠ . ورواية الماسة " مونستون " عام ١٨٦٨ . وهما الروايتان اللتان خلدنا ذكر " كولنز " وقد يصح أن تضاف إليهما روايته التى سماها " بغير عنوان ؟ .

وقد ظل بعد ذلك يصدر كل عام رواية . ولكنها كانت روايات لا تغرى أحدا يقراءتها .

ولكن من أغرب الأمور أنه فى عام 1884استفتت صحيفة ( Pall Mall Garelle) قراءها فى من يكون أحب الكتاب إليهم ، فكان " كولنز " أول الحائزين لقصب السبق . ويقول المؤلف أيضا : إن " كولنز " كان طوال حياته تقريبا ضعيف البنية ، واهى البنيان ، ولما كبر داق العذاب ألوانا من داء للفاصل .

ثم يقول المؤلف ؛ إن "ويلكي كولتز " لم يكن كاتبا عظيما . ولكن أسلوبه كان أسلوبا جيدا واضحا يعلو عن مستوي الأرض ، وكان له ذوق برئ من كل عيب .

ومن أقوال كولنز " إن كل الناس اليوم يكتبون القصص ولكن أحدا لا يحرف كيف يقص تلك القصص

وكان " كوليز " يرى فى " والترسكوت " السيد المختار فى فن الحكاية . وهو فى نظره أمير الكتاب . بل هو ملكهم . بل هو إمبراطورهم . بل هو - لولا التقى خالقهم ومبدعهم .

وقد قال وما لواحد من شداة الأدب - وقد سأله : ماذا يقرأ ؟ إقرأ رواية " The Antiqunry ثم أعد قراءتها مائة مرة ومرة . .

كتاب من تأليف ستيقن ونيستن " وكتب مقدمته " برناردشو "

"The Most Gentle Rebel"  or "Henry Salt and His Circle"  By "Stephen Winsten" " with a Preface By "Bernard Shaw"

هو واحد من أشهر جماعة الاشتراكين البورجوازين ومن أرقهم حاشية ، وأكمنهم حلفا وأقلهم غرورا وزهوا ، وأبرعهم ذكاء وعلما فى غير دعوى أو غرور . وهو يجمع بين مثانة الرأى والعدل فى الخصومة . وبين الخلق الإنسانى الكامل الذى يقوم على الرحمة والمحبة .

وقد ولد المترجم له فى الهند منذ مائة عام . وكان أبوه ضابطا فى الجيش . وقد دب الخلاف بين أبويه فارتحلت به أمه إلى انجلترا وقامت على تريبته وهى تعيش وإياه فى كنف بضعة رجال من أهلها لا تجمع بينهم صلة الجوار

ويبدو أنها كانت تتأنق وتنو في لباسها وأنها كانت تستمسك بمقتضيات العرف والتقاليد .

وهناك قصة تحكى أنه لما كان ابنها فى كلية " إبنون" لفى هو وواحد من أصدقائه رجلا جواب آفاق فطلب إليهما أن يتصدقا عليه بقطعة نقود صغيرة . وتصدق هو عليهما جزاء إحسانهما إليه بأن قال لهما إن واجبا على العلية الأمجاد أن يجهدوا جهدهم ليتعرفوا ما يجول بخواطر الفقراء والمعوزين .

وظلت صورة ذلك المتسول ، وظل صدي كلماته عالقين بذهن هنرى صولت الصغير . ويسمعه ، وراح إلى أمه يسألها : أهناك حقا أناس قد أتحمهم الغنى والثراء وآخرون قد أصناهم الفقر وأزلهم البؤس والإعدام ؟ فقالت له أمه ؛ هكذا الدنيا نعيم وشقاء . فالأغنياء قد بلغوا الغنى بمجانية التبذير والسرف ، وأما الفقراء فقد هدوا إلى الدرك الأسفل من الفقر بفضل الخمر وويلاتها . . فلم يقتنع " صولت " بهذا الجواب ؟ ذلك لأنه كان يعرف أن لداته وانداده فى الدرس من أبناء الأغنياء لا يعرفون أى معنى

من معاني التدبير ، وأن الخمر لا يشربها إلا الكثرة العالية من أولئك الأبناء .

ثم جمعت الصداقة بينة وبين "جيم جونس" وهو ابن ناظر القسم الداخلى بكلية " إيثون " ثم تواصل حبل الود بينهما يوم انتقلا إلى جامعة "كامبردج " ويوم عادا إلى كلية " إيثون "، لشوليا للتدريس فيها ، ولقد كان لآراء هذا الصديق المتطرفة أثر أى أثر فى نفس " صولت " وسرعان ما اشتهرا بأنهما من المعجبين بآراء " شللى" وقد كان هذا يزن الإلحاد (وقد طرد " شللى " هو وصاحب له اسمه" توماس جيفرسون هوج " من جامعة أكسفورد لأذاعتهما بين الناس رسالة عنوانها " ضرورة الإلحاد " . ( كما اشتهرا بأنهما من المقتفين لآثار " كارل ماركس " ، ( وهو يعتبر مؤسس الاشتراكية الحديثة )

وقد طرد " صوات " وصاحبه من الجامعة كما طرد " شللى" وصاحبه من قبل ولكنه على الرغم من هذا قد ظل طوال حياته يكن لجامعته القديمة الحب أشد الحب .

ثم تزوج " سولت" بالآنسة " كيت" ( Kate) وهى أخت صديقه ، "جيم جونس " وبنت ناظره القديم ، وعاش الزوج والزوجة عيش البساطة فى بيت صغير . فكانا ينتعلان الأخذية الرخيصة ، ويقومان بكل الأعمال المنزلية ، وكان ذلك يبدو أمرا مستغربا لدى الطبقة الوسطى فى القرن التاسع عشر . وما كان يدور بخلدهما أن عملهما هذا سيكون فى القرن العشرين عمل كل زوج وزوجه ، شبابا كانوا أم بشيوخا ، وكذلك ما كان يدور بخلدهما أن ركوب زوجة دراجة ذات عجلات ثلاث سيصبح أمرا لا ينكره المنكرون إذا قيس بما جرت عليه بنات القرن العشرين وتسلؤه من التزين بأزياء الرجال وهو الأمر الذى اصبح العرف يقرة ولا ينكره .

وقد كانت " كيت " امرأة ذكية ، ولو أن الزمن كان قد امتد بها لكانت أهنا بالا وأسعد حالا ، وقد كانت صديقة وفيه لإدوارد كارينتر ( المتوفى عام ١٩٢٩ ) وهو الكاتب الذى كان يعنى بالحركات الاشتراكية ، وقد كانت تعمل بغير أجر مع " برناودشو " ككاتمة سر له . وكثيرا ما كانا يشتركان فى إنشاد الأغانى ، ويبدو أن

" برناردشو " قد قاس على قدها الثوب الذى فصله لكانديا بطلة كوميديته التى تحمل هذا الاسم .

وقد حدث واحد من أصحابه فقال : -

إن صدور رسائل عصبة الإنسانيين قد نبه عشرات الألاف من الناس إلى ما يحدث حولهم من أمور تنافى الحق والعدل ، وتلك الأمور تحدث فى السجون ، وفى المصانع ، وفى المدارس ، وفى المستشفيات ، وفى البيوت ، وفى الحوانيت .

وقد أحس " صوات " بخيبة الرجاء وحز في نفسه ما لاقته مشروعاته الإصلاحية من قلة العناية على يدي حزب العمال .

وقد كتب قبيل وفاته إلى صديق له يقول : -

أرى لزاما على أن أقول إن الله قد خذلنى ولم يجعل لى سندا من عوته وتوفيقه ، فقد فشل مشروع " عصبة الإنسانيين " فشلا سارت بذكره الركبان .

والحق أن " صوات " لم يفشل وإن كان لم يلاق نجاحا كاملا بالمقدار الذى يقيه الناس بمقاييسهم ، فقد واناه الله نعمة الصحبة مع عصبة من أصحاب الآراء الراجحة الذين كانوا يشاطرونه آراءه ، وكذلك مع عصبة من الرجال العاديين الذين كانت آراؤهم تخالف آراءه .

وكان " صوات " يعنى بمختلف المسائل ومنها مسائل الإصلاح الاجتماعى ، ومنها مسائل الأدب ، ومنها حبه البالغ للطيبة ، ومنها عطفه على الحيوان والطير عطفا جاوز المدى

وكان وهو فى الثالثة والثمانين من عمره لا يزال يستمتع برياضة المشى مسافات طويلة وهو يجمع أزهار الجبال ، وكان عظماء الرجال يخطبون وده ، فكان " تولستوى " يبعث إليه برسائله فى الأدب ليرى رأيه فيها ، وقد طلب " غاندى" لقاءه يوم جاء ليشهد مؤتمر المائدة المستديرة فى عام ١٩٣١ . وقد دعا "صولت "يومئذه "غاندى" إلى حفلة شاى فجلس ذلك العظيم الهندى الكثير الحياء بين رجال ثرثارين لم يتورعوا أن يسألوا " غاندى " هل تتلقى دروسا فى الرقص من قبل ؟ . .

وقد لقي " صولت العون التالي من " برناردشو"

يوم حل بسامته الفقر ، وقد كتب الكلمات التالية وأوصي بأن تتلى ساعة حريق جثته : -

" إن الأسماء التى يتسمى بها الناس هى أسماء قد تستعصى على الفهم . ولكنى إذ أقول إنى لابد يوما أن الاقى متبنى وإنى قد عشت حياتى رجلا أحتكم دائما إلى العقل ، وإنى كنت أدين بالاشتراكية والسلام ، وبالعمل لخير الإنسانية كلها ، كما كنت أدين بالأخوة بين الرجل والرجل ، وبين الأمة والأمة ، وبين الناس والعجماوات ، ولكنى إذ أقول هذه الأقوال اكون قد لجأت إلى قول الحق الذى لاختفاء فيه ولا غموض .

" ولو اتيح لأهالى أن تتحقق ولدعواتى أن تستجاب لامتنعت ويلات الحروب ، ولأمن الفقير من ان يسرقه أصحاب الغنى والثراء ، وللفى الحيوان الأبكم رحمة من بنى الناس الذين يذيقون الحيوان ألوانا من العذاب ، وضروبا من الأذى والشقاء . . "

كتاب من تأليف " ماري ل . جوب إيكلى " Travels in Africa" or "Congo Eden" " By "Mary L. Jobe Akeley"

تقول مؤلفة هذا الكتاب :

كتبت السيدة كارل إيكلى كتابا أودعته بيانا كاملا عن جولاتها فى بلاد الكونجو عام ١٩٤٩ . وهذه السيدة هى إحدى العالمات بالتاريخ الطبيعي . وقد أولعت ولعا شديدا بتدوين تاريخ حيوانات تلك البلاد ونباتاتها ، وهى البلاد التى تمد أكثر بلاد العالم بقاء على الفطرة ، وهى نقص فى مقدمة كتابها كف تعلمت فى المدرسة الصبر على البحث والجلد على التقصى .

وقد أوكلت إليها فى عام ١٩٢٦ زعامة بعثة الكشف التى بعث بها المتحف الأمريكى للتاريخ الطبيعي ، وذلك على اثر وفاة زوجها ولما يمض على زواجهما غير سنتين .

و " السيدة إيكلي " عالمة أمريكية كانت عنايتها كلها

موجهة إلى بحث النصوص ومقارنتها . وكانت فى مذكراتها التى تدونها يوميا تعنى بتسجيل كل ما يحدث فى محيطها من حادثات ، كما تعنى بتسجيل كل ما يعود بالفائدة على الدارسين لعلم النبات .

وكذلك كانت تعنى بأن تصور بالفوتوغرافيا ذلك الحيوان العظيم الجثة ، الكبير الرأس ، القصير القوائم والعنق والذنب ، المسمى فرس النهر " أو " فرس البحر " وقد صورت ذلك الحيوان ذات مرة وهو فاغرقاه ، وقد ثار ثائره ، وغلى مرجل غضبه ، وكان بينه وبينها مسافة لا تزيد عن خمس عشرة قدما .

وقد سحرت تلك السيدة بمفاتن البلاد الأفريقية . كما سحرت بصفة خاصة بالحدائق والمتنزهات وبمواطن الصيد التى أنشأها زوجها قبيل وفاته فى عام ١٩٢٦ يوم هاج بركان " رواند " ويوم قذف من فوهته بالحمم .

وهى تذكر أنها كانت تلقى من الأفريقيين كل معونة صادقة ، وقد اتخذت منهم أصحابا لها سوف يظلون يذكرونها حتى يكبر حفدتهم ويستطيعوا أن يقرأوا بأنفسهم قصتها وتاريخها .

وخبر عمل قامت به تلك السيدة هو ما أضافته من معارف إلى الثروة العلمية في الجغرافيا وفي علم الأحياء . وهي معارف تفيد الدارسين أعظم الفائدة .

ومن أول ما تجب قراءته فى هذا الكتاب تلك الصور الفوتوغرافية التى زينت بها كتابها ، وهى صور تعمل على تعويد عقل القارئ على أن يألف جمال الطبيعة وأن يتذوق ذلك الجمال . وعلى أن يعجب بالسحاب الذى يغشى آفاق تلك البلاد الأفريقية فى ألوانه البديعة المرقشة . وهو يعبس تهاديا ميس العروس مشت على إستبرق . .

اشترك في نشرتنا البريدية