فلسفة السعادة : للدكتور محمد فتحي - دار الفكر العربي سنة ١٩٥١ - في ٢١٦ صفحة صغيرة .
لا ينبغي أن تصنف الكتب لخاصة القارئين وحدهم بل يجب أن يكون للقارئ العادي نصيب ، ونصيب كبير مما ينتج الكتاب . ونعتقد أن خير السبيل لنشر الثقافة والإغراء على المطالعة هو تقريب الموضوعات العلمية المفصلة الجافة إلى القارئ العادي بتقديمها في ثوب من البساطة واليسر ؟ ومن ثم نستطيع خلق وعي ثقافي عام يؤدي إلي أطيب النتائج .
وللتبسيط طرق شتى ، فقد يكون بتجنب المصطلحات
الفنية والتفريعات العلمية ، وقد يكون بالإكثار من ضرب الأمثلة وتناول الناحية التطبيقية للموضوع ، وقد يكون بغير ذلك .
وكتاب " فلسفة السعادة" يجرى على هذا السنن ، تناول فيه مؤلفه من ناحية السيكولوجيا العملية موضوع السعادة ، تلك الكلمة الحلوة البراقة التي اتخذها البشر هدفا يسعون جميعا لتحقيقه . ومن منا لا يريد أن يكون سعيدا ؟ قد يفشل البعض ، وقد تلتوي السبيل بالبعض الآخر . ولكننا جميعا تواقون إلي أن نكون سعداء مهما اختلفت وجهات نظرنا في ماهية السعادة وتعريفها ومقايسها .
وقد استهدف المؤلف في كتابه غايتين ، أن يبسط الموضوع ليفهمه القارئ العادي ويسبقه ، وأن يكون الكتاب عمليا تطبيقيا يستطيع القارئ أن يفيد منه في حياته العملية ، ولذا تجنب المصطلحات الفنية ، ولم يحاول " إضافة شئ من صفحات الكتاب في مناقشات علمية لا تفيد القارئ العاري " .
ولا ريب في أن المؤلف بما بذله من جهد طيب قد نجح في تحقيق ما استهدفه من كتابه إلى حد بعيد ، ونحن إذ ننوه بهذا الجهد لا يفوتنا أن نذكر أن للمؤلف الشاب جولات موفقة في ميدان التأليف النفسي التطبيقى ، فقد صنف في هذه الناحية عدة كتب ، نال أحدها وهو : " الحب عند العرب " جائزة التأليف الأدنى من وزارة المعارف في العام الماضي .
الموسيقي والغناء في ألف ليلة وليلة : تأليف الدكتور حاري فارمر وترجمة الأستاذ حسين نصار - دار الفكر الحديث للطبع والنشر سنة ١٩٥١ - في ٦٤ صفحة صغيرة .
إن أدبنا القديم غني دون شك بمادته التي يمكن أن تبحث وينقب فيها وتستخرج منها موضوعات عديدة على ضوء الدراسة الحديثة ، وإن التراث الثقافي الضخم الذي أورثتنا الإنسانية إياه لاكبر عون لنا على تسديد خطانا في بحث أدبنا القديم .
ولا نعرف كتابا عربيا ظفر بما ظفر به كتاب ، " ألف ليلة وليلة " من ذيوع وشهرة ، فقد ترجم إلى معظم اللغات الحية أكثر من مرة ، ومن ثم أخضعه الغربيون لمباضعهم وفحصوه بعين العلم الحديث ؛ فخرجوا من مادته الغفل بكثير من الأبحاث والمؤلفات القيمة وزادت هذه الأبحاث من أهمية الكتاب وألقت الضوء على كثير
من جوانبه الخفية ، وما لبثت " ألف ليلة وليلة " أن غدت موضوع أبحاث جامعية ممتازة أجازتها جامعة فؤاد الأول ، ونال أصحابها علها أرقي الدرجات العلمية .
والكتاب الذي نقدمه اليوم أحد تلك الأبحاث التي قام بها بعض مستعربي أوربا عن " ألف ليلة وليلة " كتبه الدكتور هنري جورج فارمر ، وهو من أكبر الموسيقيين في انجلترا واسكتلندا ، اشتهر عنه غزير علمه بالموسيقى الشرقية عامة والعربية خاصة ، وكان رئيس لجنة دراسة تاريخ الموسيقى ومخطوطاتها في مؤتمر الموسيقى العربية الذي عقد بالقاهرة عام ١٩٣٢ ، والذي دعي إليه كبار المهتمين بالموسيقى العربية . ولقدكتور فارمر غير هذا الكتاب عدة كتب أخرى في الموسيقى العربية التي يتحمس لها كثيرا . وينافح عنها بحرارة وإيمان .
والكتاب على صغره غزير المادة مركزها ، تناول فيه مؤلفه الموسيقى والفناء في قصص " ألف ليلة وليلة " وما يتصل بهما من الموسيقيين والآلات وطرق الأداء ، مع تحليل ما يطبع هذا كله من طابع خاص يتصل بالبيئة العربية والعقلية الإسلامية ، وقد وفق مترجمه الشاب - كعادته - في نقله نقلا أمينا إلى العربية ، وإن كنا نعتب عليه أنه حرمنا ما عودنا إياه في ترجماته السابقة من كتابة المقدمات والتعاريف الوافية بمؤلف الكتاب المترجم وموضوعه ، وكذلك من تعليقاته وحواشيه الدقيقة ، مما يساعد على الإلمام بأطراف الموضوع ، وسد ما قد يكون به من ثغرات .
