إتماماً لما كتبه الأستاذ النشاشيبى فى (نقل الأديب) من (عدد الرسالة ٥٧٨) من خبر النساء فى إنطاكية وأنهن يتعممن كالرجال، وأن الرجال يلبسون السراقوجات، أنقل ما سيأتى من كلام ابن الجزرى المؤرخ. وقد عودنا الأستاذ أن يشرح لنا غريب الألفاظ الذى يرد فى كلامه، ولكنه لم يذكر لنا معنى (سرغوج) . وهى شارة توضع على مقدمة القلنسوة، فيها شعر مفتول بعدد معين. تكون رمزاً لرتبة عسكرية عند المغول والأتراك حتى العثمانيين كما جاء فى قاموس شمس الدين سامى وغيره:
قال المؤرخ محمد بن إبراهيم الجزرى فى تاريخه الكبير (حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه) : وفى يوم الخميس لعشرين من رمضان سنة ٦٩٠ رسم نائب السلطنة بدمشق - الأمير علم الدين سنجر الشجاعى - أن لا ترجع امرأة تلبس عمامة كبيرة، ومن خالف المرسوم غلظت عقوبتها. فامتنع النساء من ذلك على كره منهن. وكان فى المرسوم أيضاً أن لا يكتب على المناديل البسملة ولا شيء من القرآن المجيد وروى فى كتابه المذكور عن الشيخ عماد الدين يونس بن
على بن قرسق الدمشقى ، وكان والده متولى دمشق وشاد دواوينها ، أنه قال : استتوب والدى بعض اللصوص ممن كان يخطف العمائم ، قال وبقى في خدمته بالباب ، قال فقلت له مرة : أشتهي تحكى لى أعجب ما جرى لك فقال : اتفق أنني خرجت ليلة فوقفت في مظلمة فما استقر بي الوقوف إلا وخطفت عمامتي ، قال فمشيت إلى بيتى وكان لى تخفيفة فتعممت بها ورحت إلى مكان آخر فما لحقت أقف إلا وقد خطفت ، قال فعدت إلى البيت وأخذت مقنعة امرأتى فتعممت بها ، والمرأة تخاصم وتحلف إن راحت مقنعتها تعرف الوالى ، فأخذتها ورحت إلى مكان آخر خطفت المقنعة ، فقلت والله لا رحت إلى البيت إلا بشيء وخفت من المرأة ، وكان وسطى مشدوداً بمنديل فتركته على رأسي وقلت في نفسى قد دخل الليل وما بقى إلا سقاية جيرون فحيت ودخلتها ووقفت أنتظر من يعبر ، وإذا بإنسان قد دخل وعلى رأسه عمامة كبيرة إلى غاية ، فقلت في نفسي هذه أخطفها ، ثم إنى تركته حتى عرفت أنه قد تمكن من القعود ، وفتحت عليه الباب ، وخطفت العامة وجريت جرية واحدة إلى بيتي ، وافتقدتها فإذا هي العمامة والتخفيفة ومقنعة المرأة التي خطفت منى تلك الليلة لا تزيد خيطاً ، وراحت ليلتي بلا فائدة لا ربحت ولا خسرت

