الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 335الرجوع إلى "الثقافة"

من الفول السودانى، غذاء وكساء

Share

ينتمي الفول السوداني إلى البقوليات وهذه تدخل تحت العائلة الفراشية ، ويشترك في ذلك مع الفول العادي والفاصوليا والبازلاء ، والحمص والعدس والترمس . ويتكون نبات الفول السوداني كأي نبات آخر من الجذور والسيقان والأوراق . إلا ان جذوره تمتاز على غيرها من جذور النباتات الأخرى بوجود انتفاخات معقدة الشكل ، وفي هذه الانتفاخات أو العقد تمتلئ الخلايا بنوع خاص من البكتريا يسمي البكتريا العقدية . وهذه تمتص الأزوت الجوي ، فتحوله إلى أزونات لا يلبث النبات أن يمتصها مقابل بعض مواد كربوايدرانية ، تمتصها البكتريا من أنسجة النبات التي تعيش في خلاياه ، وعلي هذا يستفيد كل من النبات والبكتريا ، وهذا تبادل نفعى  أو تكافل على حد وصف علماء الحياة . وإذا ما حرث  المحصول ترك في التربة الكثير من العقد البكتيرية فتعمل على خصوبة التربة .

أما ساق النبات فهي عشبية ( شكل ١ ) تحمل أوراقا

تتركب الواحدة من أربع وريقات بيضوية ، وتستخدم السيقان والأوراق علفا للماشية بعد الحرث ، إذ لا تقل في قيمتها الغذائية عن البرسيم . ويحمل النبات أزهارا فراشية مجنحة ، صفراء برتقالية ، وهي تشبه البازلاء إلى حد كبير . وبعد أن يتم التلقيح والأحضان في الزهرة ، تطول أعناقها ثم لا تلبث أن تنثنى نحو التربة وتنغرس فيها ، ثم تكبر الثمرة بين حبيبات التربة . والثمرة هنا نسميها علميا بالقرظة ، تحوي بذرتين ، وتنمو الثمرة وهي مدفونة في التربة حتى يتم نضجها . وإذا بقيت الثمرة في الهواء ولم تنغرس في التربة فإنها لا تنمو ، بل سرعان ما تضمر ويقف نموها . وفي نهاية الموسم ، ويكون ذلك عادة في أوائل الخريف ، تجمع النباتات مع ما تحمله من أزهار . وهذه الأخيرة إن تركت بعد ذلك ، كونت بذورا صغيرة لا قيمة لها .

وعند الحصاد ، نعمل حفر حول النبات ثم كتلة الجذور والسيقان وما يتعلق بها من ثمار ( شكل ٢ ) وتجفف ثم يجمع الفول السوداني باليد أو بوساطة آلات خاصة .

وللفول السوداني قيمة غذائية كبيرة ، إذ تحوي البذرة نسبة كبيرة من البروتين والزيت ويستخرج الزيت من السوداني ويستخدم بدلا من زيت الزيتون لرخصه . كما

يستخدم كوقود وأيضا لتزييت الآلات الدقيقة .

وقد اتجه البحث الحديث نحو عمل خيوط من الفول السودانى ، وكان ذلك عقب تجارب أجريت على غيره من المواد البروتينية . ونحن نعرف أن الحرير الطبيعي والصوف ، ألياف بروتينية . بخلاف القطن فإن أليافه سليلوزية اي كربوايدرانية . ولما كان الفول السوداني غنيا بالمواد البروتينية . فقد حضرت منه ألياف تسمى Ardil

وأول ألياف صناعية بروتينية هي ( Lunital ) وهذه تشبه الصوف إلى حد كبير . ويحضر اللانيتال من كازين اللبن ، إذ يذاب الكازين في الصودا الكاوية ثم يمرر المحلول في حمض . ويمكن زيادة قوة الألياف بتمريرها على الفورمالدعيد . وقد كان لهذه الألياف أهمية كبيرة في الحملة الأيطالية على الحبشة ١٩٣٥ ، إذ تطلبت الحملة مقادير كبيرة من الأقمشة الصوفية ، وفي نفس الوقت قل تصدير الجبن من ايطاليا ، فادى ذلك إلى وجود مقادير كبيرة من الألبان تزيد عن الحاجة وكان ذلك دافعا إلى تحضير ألياف اللانيتال من اللبن .

وكان في نمو هذه الصناعة في إيطاليا حافز للدول الأخرى على تحضير الألياف من بروتينات نباتية . وكان الأستاذ الدكتور أوستبري من جامعة ليدز أول من خطا الخطوة الأولى لتحضير ألياف الأرديل . وقد بحث في تركيب جزئيات البروتينات في الفول السوداني ، فاقترح امكان تحويل البروتينات الحبيبية الموجودة في البذور إلي ألياف وأيده في ذلك الأستاذ شنيال بجامعة كمبردج . وقد جرب هذا الأخير في بذور القنب . وتبين أن بروتينه يذوب في محلول اليوريا بنسبة ٣٥ % ومن هذا المحلول تستخرج الألياف ، وقد اتضح أنها تشبه الصوف إلى حد كبير .

وقد اقتفي الكيميائيون أثر هذين العالمين فجربوا كثيرا من البذور ، وقد انتخب الفول السوداني لإجراء هذه التجارب ، إذ وجد أنه من البذور التي يمكن الاستغناء

عنها كغذاء ضروري .

وفي صناعة الألياف من بذور الفول السوداني ، يستخلص الزيت منها بعد تقشيرها ، وتتم هذه العملية في درجات الحرارة المنخفضة ، إذ أن ارتفاع الحرارة يفسد البروتينات بعد ذلك تعالج المادة الباقية بقلوي مخفف ( محلول الصودا الكاوية ) وتصنع الألياف من هذا المحلول بامراره في ثقوب ضيقة في حمام يحتوي علي ملح الطعام وحمض الكلورودريك وفورمالدهيد

ويكون البروتين ٢٨ % من وزن بذور الفول ، والزيت يتراوح بين ٤٨ % ، ٥٠ % . وتحتوي البذور على كربوايدرانات بنسبة ١١ % . وبعد استخلاص الزيت والبروتين تبقى مادة تستخدم كعلف للماشية . ومن طن من بذور الفول يصنع ٥٠٠ رطل من ألياف الأرديل ولونها لبني ، وتمتص الرطوبة وتكون نسيجا متماسكا ( مثليدا ) كالصوف . وتمتاز ألياف الأرديل بأنها تقاوم العثة ، وقد وجد أن النسيج المصنوع بنسبة ٥٠ % من الأرديل و ٥٠ % من الصوف لا يمكن تمييزه من الصوف الطبيعي . كما أن الأرديل أرخص من الصوف .

ومن البروتينات التي تحول إلى ألياف ( وقد أجري عليها كثير من البحث في الولايات المتحدة ) بروتين Lein الذي يستخلص من الأذرة . كما اتجه البحث نحو البروتينات التي تعتبر كفضلات في بعض الصناعات كبقايا الصوف والحرير وجلود الحيوانات وريش صغار الدجاج . وقد صنعت ألمانيا قبل الحرب أليافا من الصوف الصناعي بكميات كبيرة ، حضرت من زلال الأسماك . وحصلوا على نتائج باهرة باستخدام محلول من الزلال والسليلوز

ويغلب على الظن ان الفول السوداني سيكون في مقدمة المواد التي تستخدم لصنع الصوف الصناعي ، إذ أن الأسماك والألبان مواد لها قيمتها الغدائية ، ولا يمكن التضحية بها لاستخدامها في تحضير الصوف الصناعي

اشترك في نشرتنا البريدية