" لو لم أكن اعمى ... " ومديديه في ذل السؤال
يستنهض الهمم النؤومة في النساء وفي الرجال
"جوع وعري . ." والعلوج تمر في صمم الجبال
وأعاد أغنية الشقاوة والمذلة فى انخذال :
" لله . . من مال الاله . . فرنك . . يرعاك الا له
لله . . من مال الاله . . "
" لو لم أكن أعمى . . " وفتح ناظريه على الظلام
ليرى خيالات المنايا خلف أجنحة السقام
وتعثرت يده الهزيلة بين أقدام الأنام
وتبخرت أصداؤه الشوهاء في لجج الغمام
اصداء أنفاس المقابر تستدر رضي الحياة :
" لله . . من مال الاله . . "
" أول لست من دمكم . . وجنسى خير جنس في الوجود ؟
هو منبع الكرم المخلد والحمية والعهود
قد قال ذلك والدى . . . فهل امحي عهد الجدود ؟
او لست من دمكم لأحيا -كالبعوضة - في شرود ؟
لو لم أكن أعمى . . " وأرسل مرة أخرى نداه :
" لله . . من مال الاله . . "
الليل أطبق مقلتيه . . وعاد أبناء النهار . . .
للدفء عادوا . . للسعادة . . وهو يهمس في انكسار :
" مالي أنا فى الشارع المهجور . . في قصر الدمار . .
ومعي فرنكاتي القليلة والمذلة والصغار ؟
حتى نداء قد تجمد بين منعرج الشفاه
أبذاك قد حكم الاله.. ؟ "
" ما شاء - قد كان - الاله وشاء رب العالمين
أن يعبد المتجبرون . . وينحني لهم الجبين
خشب مسندة . . ولكن يسرقون ويقتلون
ودم الضعيف شرابهم . . وغناؤهم رجع الانين
فعلام تنسكب الدموع .. ؟ علام تنخفض الجباه ؟
أبذاك قد حكم الاله .. ؟ "
" يا ليت أمي لم تلدنى لعنة بفم القضاء
يا ليت أمي لم تلدني ... صيحة شربت دمائي
أو لم أكن أعمى كليل الهول أقفر من ندائي
اليوم مات ... وموعدي غدي المعبس كالفناء
وغدى كامس ... وعالمي المسعور احرقني لظاه
وبذلك قد حكم الاله .."
( القاهرة )
