الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 933الرجوع إلى "الرسالة"

مواكب الذكريات:

Share

الشعر اليوم في ركود، ودولته الآن غير مرفوعة اللواء،  وسوقه كاسدة، قلت بضاعتها وقل الممتارون منها لأنفسهم؛ وأصبحنا نتلمس مواكب الشعراء التي كانت فنجدها قد توارت،  أو اكتفت بجنبات غير مرئيات، وغدا المرء إذا رأى ديوان  شعر يبدو في عالم الأدب أقبل عليه وفرح به وذهب ينشد ما كان  يلقاه بالأمس من روعة الشاعر وفتنة الشعر. . .

وهذا ديوان جديد، هو   (مواكب الذريات)  للشاعر  الماجد الأستاذ حسن عبد الله القرشي كبير المذيعين بمحطة الإذاعة  العربية السعودية، تناولته فإذا المظهر الرشيق والفن الدقيق  والحلة الفاتنة والطبع الأنيق، ولكن ذلك لم يستمهلني طويلاً،  فأنا طلاب مخبر لا مظهر. . ووجدت الزيات العظيم - وهو  ضنين بالثناء على غير أهله - يطوق جيد الديوان بعبارته الموجزة

البليغة: (في   (مواكب الذكريات)  نفحات من الحجاز،  ولمحات من قريش، ونغمات من ابن أبي ربيعة، وإن في أولئك  كله الدليل على أن مشارق النور لا تزال تهدى، ومنازل الوحي  لا تزال تلهم)!. .

ثم وجدت الشاعر الفرد يعرف طريقه حين يقول في مقدمته،    (وليس من ريب في أن الشعر القمين بالخلود هو ما كان مرآة  لنفسية قائلة، هذه المرآة تريك صورة من تجارب الشاعر،  وملابسات بيئته وعصره، وظلال الأجواء التي يستوحي منها  شعره، ولابد أن تكون صادقة في التعبير عن ملامح فنه،  وأن تستمد صدقها الفني من حرارة العاطفة وتوهج الشعور،  ووضوح التجربة وتفاعل الثقافة) .

وذهبت أتلمس الشواهد على ذلك الذي قال فإذا هي مائلة في الديوان، وإذا هي كثيرة، وإذا هي تدل على عراقة في الشعر  برغم قصر العهد، وشاعرنا في نضرة الشباب الآن، وإذا هي  تنبئ عن مستقبل يفيض بالخير العميم في ميدان الإنتاج الشعري،  فلو تضافرت جهود الشعراء من طراز ذلك الجهد، مع  التجويد والتعبيد، لا ينتظرنا للشعر دولة تقوم فتعيد الإيمان به  كركن من أركان الأدب الرفيع،

على أني كنت أطمع أن أجد في الديوان السيل الغامر من    (الإسلاميات)  و   (الدينيات) ، ولا عجب في هذا الطمع،  فالشاعر حجازي قرشي، وهو نفسه يقول في الديوان:   (من  روابينا هفا نور النبوة) ؛ ولقد وجدت قطرات مما أريد متناثرة  خلال الديوان، وكنت أطمع في المزيد، ولكن يظهر أن  شبيبة الشاعر هي التي أوحت إليه أن يهيم في أو دية الجمال والخيال،  وأن يستجيب لهفوات الجلوات والصبوات، وما في ذلك من  عاب، فالعندليب الصداح اليوم بالهوى والشباب، سيكون له في  العروبة والإسلامية غدا كتاب وأي كتاب. للشاعر الغرد كريم التحيات، ولديوانه الجديد صادق التقدير!. .

اشترك في نشرتنا البريدية