"إن الرقي الحق هو رقي المواطف" هذا ما قاله عالم ياباني لأحد الفرنسيين. وقد كان بوسعه أن يضيف إلي ذلك أنه إذا كانت بضع سنوات يقضيها الطالب في التعلم الجامعي قد تضمن له الرقي العقلي. فلا بد من احقاب طوال لكي تتحضر عواطف شعب ما.
يمكن أن يقال عن الغذاء العقلي الذي يقدم بالتربية والثقيف ما يقال تماما عن الغداء المادي: "ليس كل ما يؤكل يغذي، ولكن ما يهضم فقط.".
قد ترى أحياناً رجالاً يهجرون دينهم، ولكن قلَّ أن ترى بينهم من يبتعد في الوقت نفسه عن الأفكار التي تفرَّعت عن هذا الدين، واكتسبها بالوراثة. وهذا يفسر البغض الشديد، والحقد الكثيف، اللذين تجدهما عند بعض الدبلوماسيين، نحو المسلمين.
إن عدم عرفان الأسباب الحقيقية في الحادثات، هو في السياسة، ينبوع ترٌّ للأخطاء الخطيرة.
إن من أعظم أخطاء رجال الثورة، في العصور كلها، اعتقادهم أن القضاء على الخصوم هو أحسن وسيلة لجعلهم يصمتون. ولكن التجربة دلّت، مع ذلك، على أن الموتي يتكلمون أحيانا بصوت عال أكثر من الأحياء،
وأنه يصغي إليهم أيضا أكثر من أولئك.
لكي نزيل الحروب من العالم، ينبغي أن نجد السبيل لنزع الغرائز القاتلة المتوارثة التي تحرك، منذ الطفولة حتى الشيخوخة، معظم المخلوقات.
لا يذكر، منذ أقدم العصور، سبب واحد كله شر، وخاصة في السياسة، إلا وجد من يدافع عنه؛ حتى قابيل نفسه، لو أدركه الساسة يوم فعلته لالتمسوا له عذراً.
لو أنهم شرطوا، لقبول إنسان ما في السلك الدبلوماسي، أن يمتحن في معرفته أخلاق الشعوب، والوسائل التي تؤثر في سلوكها وتبدلها، وتوجيهها، لما وجدت، من المحتمل، في أوروبة كلها، عشرة رجال قادرين على هذا الامتحان.
إن حياة الفرد، في الحقيقة، هي تتابع لحياة أجداده الأسلاف الطويلة ودوامها. فإذا أضفنا إلي هذه الحياة السلفية، حياة الأبناء والأخلاف، الدائمة فينا، وبأولادنا ... استطعنا أن نقول: إن حياة الفرد، رغم قصر وجودها الظاهر، ذات طول عجيب لا ينتهي.
إن الديموقراطيات، وهي أبعد من أن تذيب الأحقاد الدولية، لم تفعل إلا أنها جعلتها تزيد وتقوي.
إن من المفيد كي يعرف الإنسان كيف يتجه في الحياة، أن يفكر، بعض الأحابين. ولكن لا ينبغي أن يفكر كثيرًا إذا أراد أن يبقى سعيداً (دمشق)
