هذا كتاب سبق أن نشره بطريقة " الفوتونيب " الأستاذ لويس مرسييه ، ومعروف أن هذه الطريقة في النشر تتيح للقراء الكتاب المنشور كما هو في صورته الأصلية بدون تبديل أو تغيير ، ولكن الأستاذ مرسييه لم يكتف بذلك فقد راجع النسخة المنشورة على نسخة اخري وجدها مكتبة الإسكوريال واستعان بها في إصلاح نسخته وما وجده بها من بعض الأخطاء ولم يودع هوامشها ذلك ، وإنما أودعه فهارس ذيلها بها
وهذا الجهد الذي بدله الأستاذ مرسييه جهد مشكور ، ولكنه لم محل به حلا نهائيا مشاكل الكتاب ، لأن النسخة المنشورة من جهة كتبت مخط مغربي ، ومن جهة ثانية تكثر فيها الأغلاط والتصحيفات كثرة مفرطة ، فكانت في حاجة إلى من ينشرها على الباحثين نشرة نذلل صعوباتها ونحل مشاكلها ، وتعود بعباراتها إلي الصحة والضبط واستقامة الأسلوب
وهذا هو ما نهض به صديقنا الأستاذ محمد عبد الغنى حسن نهوضا يستحق التقدير والشكر على ما وهبب من وقته مخلصا في تصحيح عبارات هذا الكتاب ، وهي ليست عبارات سهلة ، لا من حيث كتابتها بالخط الغربي ، ولكن من حيث إن الغريب يكثر فيها ، إذ دار الكتاب على الخيل والسلاح . وكل من يتصفح الكتاب يستطيع أن يتبين الجهد المضني الذي بذله صديقنا في تحقيق كماته وردها إلى صوابها عن طريق كتب اللغة وكتب الخيل المشهورة لأبي عبيدة وغيره .
وقد أعجبني فيه أنه إذا شك في كلة أو لم يجد حلها أثبت ذلك في الهامش ، وتركه لقرائه . لعلهم يستطيعون حله وهذه الطريقة تدل من جهة على تواضعه ، ومن جهة ثانية على أنه يقدر البحث والتحقيق ويعرف خطرهما .
وكان أول ما حاولت ان اصنعه حين قرأت الكتاب أن أجد حاولا لبعض ما وقف فيه ، ثم تصادف أبي كنت أعث عن كتاب في المكتبة التيمورية ، فرأيت أن أنثبت هل فيها نسخة من كتاب ابن هذيل هذا ، وإذا في أعثر على نسخة منه تشتمل على هذا القسم الذي نشره الأستاذ محمد عبد الغني حسن ، وقسم أول خاص بالجهاد .
فرجعت أقارن بين هذه النسخة الجديدة والنسخة المنشورة ، وعرفت عن طريق هذه المقارنة مدى الصعوبات التى واجهت الأستاذ محمد عبد الغني حسن وتوفيقه في حلها ، وتمنيت لو أنه اطلع على هذه النسخة لأنها كانت تغنيه في أحوال كثيرة عن البحث في المراصد الكثيرة التى وضعها لتصحيح نسخته .
وأنا اعرض عليه بعض تصحيحاتها لعله يوافق عليها ، فمن ذلك ما جاء في ص ٣٣ حين تعداد انواع الخيل بحسب غايتها ، فخيل للجهاد وخيل للرهان وثالثة للانسان ، والعبارة في الأصل " وأما فرس الإنسان فما استطرق عليه " والعبارة في نسخة التيمورية " وأما فرس الإنسان فما استفرد عليه " أى لم يتخذه للجهاد ، بل انفرد به لنفسه .
وفي ص ٤١ " وروي أبو الحسن الإسكندر " وذكر الأستاذ في الهامش أنه ليس في طبقات الحفاظ اسم كهذا .
وفي نسخة التيمورية وروي أبو على الإسكندراني " وفي ص ٤٣ " وعن قيس بن باباء " وفي الهامش : هكذا بالأصل ولم أعثر له على ترجمة ، وفي نسخة التيمورية " وعن قيس ابن يزيد " . وفي ص ٤٩ " عن الوضين بن عطاء " وفي الهامش انها كانت في الأصل " وعن الرعين بن عطاء " . وفي نسخة التيمورية " وعن الأعين بن عطاء " .
وفي ص ٧١ أثناء الحديث عما يستحب في أعضاء الفرس " ومنها ضيق وفيه واحتشاؤها وبعد عينيه من أذنه . ووقباء : النقرتان اللتان فوق عينيه " . وفي نسخة التيمورية " وبعد وقبيه من أذنيه " .
وفي ص ٧٦ " عثرت " أى اشتدت وفي الهامش : أن هذه الكلمة كانت محرفة في الأصل هكذا " نقرت . وفي نسخة التيمورية " تقوت ،
وفي ص ٨٠ في وصف الفرس " وعظم وركبه وشدة متنه وظهر" ، وفي نسخة التيمورية ، وشدة ثنييه وهي القوائم . وفي ص ٨١ " ومما يستحسن في خلقه من وصف العامة طول وظيفها وقصر ساقيها وعري أيبسها ، وفي الهامش : أن كلمة أبيسها كانت في الأصل " نسبيها " وفي نسخة التيمورية " نسيتها .
وفي ص ٨٣ في ألوان الخيل وما عليها من نقط ، وأسماء ذلك " فإن كانت شبيهة طرائق فهو مجزع " وفي الهامش : في الأصل شبهة وهو تحريف ، والصواب ما ذكرناه أو لعلها شبه . وفي نسخة التيمورية " فإن كانت أشهبته طرائق " والشهبة بياض يصدعه سواد
وفي ص ١٠٣ " السئتم الخلق " وفي الهامش في الأصل المشم ، وفي نسخة التيمورية " الأشم الخلق " وهو ذو المنكب المرتفع الشاشة . وفي ص ١٠٥ " فإذا كان هضيم أعالي الضلوع فهو أعضم ؛ وفي الهامش : أن الأصل " فإذا كان مضم أعالي الضلوع ، وهو تعريف . وفي نسخة التيمورية " فإذا كان منضم أعالي الضلوع " .
وفي ص ١٢٠ " وإن كان قدر ذلك سبعة أقدام فهو بطئ " . وفي الهامش أن الأصل " وإن كان ذرع ذلك سبعة أقدام "، وهو صحيح ومطابق لنسخة التيمورية فلا داعي لإصلاحه .
وفي ص١٢٣ " وإذا كان منشال الخلق قبيحه " وفي نسخة التيمورة : " وإذا كان منتشر الخلق قبيحة وأري أن صوابهما مشيئا الخلق ، وهو القبيح ، وفي ص ١٢٦ في الفرس أيضا " وسمو صلبه في عجزه " وفي الهامش : هكذا بالأصل . وفي نسخة التيمورية "و سمر صلبة في عجزه "،
وفي ص ١٣٦ عن الفارس وفرسه " وليقصر عنانه في يده ليمتلئ رأس الفرس ، ومتى لم يحس الفرس عند ذلك اللجام ربما اضطرب فلم يكن من ركوبه ، وفي الهامش : لعلها لم يمكن من ركوبه ، وهي هكذا في التيمورية .
وفي ص ١٤٣ " غدا الناس ( إلى الرهان في الخيل ) وخرج سلمان فيمن خرج ، فقال قوم لنسختة . اليوم " وفي الهامش : هكذا بالأصل ، وفي نسخة التيمورية لتمتحنه اليوم " .
وفي ص ١٦١ " وكان مالك بن عمرو جبانا فأذاق إذا شهد الحرب كان منها مدى النيل " وفي الهامش تعليقا على كلمة فأذاق هكذا بالأصل ، وهذه الكلمة ليست في نسخة التيمورية ، وكأن الكاتب كتب فإذا مرتين ، ووضعت القاف سهوا .
وفي ص ١٦٧ " الصهيل صوته في أكثر أحواله " وفي الهامش أن بين الصهيل وصوته كلمة غير متبينة ، وفي نسخة التيمورية " الصهيل أعلى صوته . . " وفي ص . ١٦٨ " كما يسمع الوعيق من فرج الرمكة " وفي الهامش أن الأصل كان " من تفر الرمكة " وفي التيمورية " من تفر الرمكة " .
وفي ص ٢٠٧ " ومما جاء من الشعر في الرمح قول المعري " وفي الهامش : أن في الأصل قال المعري ، وهو مطابق لما في التيمورية ، وفي ص ٢١٣ ، "والدردال" وفي الهامش : لم نجد الدردال باللام بل وجدنا الدردار ، وفي نسخة التيمورية " الدردار " .
وفي ص ٢١٤ " والأصلي هو أحسن القضبان " وفي الهامش لعلها والفصلى ، وهى هكذا في نسخة التيمورية .
وفي رأي أن هذه التصحيحات كلها ليست شيئا مذكورا بجانب ما بذله الأستاذ محمد عبد الغنى حسن في إصلاح هذا
النص الذي كان مليئا بالأخطاء وإذا كان لي ملاحظة على عمله فهي كثرة استخدامه للأقواس الصغيرة ، وأيضا فإن الحاصرتين اللاتين تصطلاح بهما على وضع الساقط من الكلام بينهما . استخدمهما أحيانا لذلك ، وأحيانا وضعهما لما ينبغي أن ينقص من سياق الكلام .
ولاحظت في الصفحة الأولى من الكتاب عبارة ضبب عليها الناسخ ، فكان ينبغي أن تحذف حتى يستقيم السياق . إذ نقرأ في وصف بعض ملوك بني نصر اصحاب غرناطة
" ذو الجهاد القبول والغزوات الشهيرة ، الحسن السيرة ، السليل السريرة بل الصالح السيرة وقد ضرب الناسخ على كلة السليل السريرة ، فكان ينبغي أن تحذف .
وهذه الملاحظات المختلفة لا تحض من قدر العمل الذي قام به الأستاذ محمد عبد الغنى حسن في نشر هذا الكتاب وما عاناه في إخراجه وتحقيقه ، فله منا أجمل الشكر والثناء .
