الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 662الرجوع إلى "الثقافة"

نقد, هرون الرشيد

Share

حضرة الكاتب المحقق الدكتور أحمد بك أمين أشكر لك كتابك القيم عن هرون الرشيد وأهنئك لتوفقك في تأليفه هو كتاب نفيس جدا ولا أظن مؤلفا آخر أجاد كما أجدت في وصف حياة هرون الرشيد ووصف الأحوال الاجتماعية والسياسية في عصره وحول عصره

وقد لفت نظري دفاعك عن أخطائه وفحوى الدفاع أن عذره في ظروف عصره التى اقتضت تلك الأخطاء  ونحن نعلم أن الحق والصواب عنصران أديان مطلقان فى كل مكان وزمان فلا شأن للبيئة ولا للظروف فيها فالخطأ خطأ فى أى زمان

عفوا لم تدافع عن جريمة الرشيد الكبرى فى قتل أخته العباسة وولديها فى حين أنه هو الذى أمر بزواجها من جعفر وأخذ عليه عهدا ألا يمسها على حين أن مساسها توجيه الطبيعة الطبيعة البشرية وتحلله الشريعة السماوية فلا حرج في أن يجتمع زوجان شرعيان بمقتضى الطبع وبمقتضى الشرع وهل كان يخفى على هرون اجتماعهما سرا وإنجاب ولدين

قد يكون للخليفة هرون الرشيد عذر في غدره بجعفر وبألف من البرامكة قد يكون له عذر سياسى لأن زوجته زبيدة وبعض ذويه أوغروا صدره على جعفر وقومه لأن أمرهم في الدولة استفحل جدا حتى صار يخشى من خطره على الخلافة ولكن هذا الاستفحال لم يكن جريمة جعفر وإنما كان جريمة الرشيد نفسه لأنه لو لم يترك له ولقومه الحبل بل الغارب ما أمكنهم أن يستفحلوا ولا أثروا ذلك الثراء الضخم كان حريا به أن يسهر على ملكه لكيلا يضيعه لا أن يسلمه تسليما مطلقا لجعفر وسائر البرامكة وهم أغراب عنه وعن قومه حتى إذا نجحوا في سياسة الدولة وإدارة الملكة وصار الشعب ينظر إليهم كأنهم السادة انتبه

إلى خطرهم وغدر بهم غدرا لا يغفره الله

قد نعذره بعض العذر في نكبة البرامكة بحكم ظروف العصر كما قلتم ولكننا لا يمكن أن نعذره في قتل أخته العباسة وهي لم تذنب إليه قط بل هو الجانى عليها زوجها من وزيره وحرم عليها مساكنته وهذا استبداد لا مثيل له في تاريخ العالم فهو يحظى ألقى امرأة ويحرم على أخته مساكنة زوجها الشرعي يحرمها المتعة الطبيعية البشرية ولماذا فهل كان يجد لها زوجا أفضل من وزيره الذى ساس الدولة وأحسن إدارة الملكة

ثم ما ذنب الوفدين حتي يقتلهما لأنهما يرمكيان دما وهل هما اختارا هذه العصبية أم هو اختارها لهما لو أبقى عليهما وتركهما ينشان في عهدة أمهما لربما صارا من أركان الدولة العباسية لأن الوراثة الاجتماعية تتغلب على الوراثة البيولوجية بل هذه تختفى في ظل ذلك لو تبنانى زوجان مسلمان النشأت مسلما بكل معنى الكلمة وكنت متعصبا للاسلام ضد النصرانية أفليس فظيعا جدا أن يذبحهما بعد أن أتى بهما إليه فيراهما حسنى النظر ويستنطقهما فيجدهما فصيحين ويتكلمان بفصاحة هاشمية ثم يأمر بضرب عنقهما

أى قلب هذا الذى يفعل هذا

أي وحش ضار يفترس هذا الافتراس أليس هرون الرشيد إنسانا أم كان حيوانا شرسا لا تغتفر لهرون هذه الفظاعة وقد كان في وسعه أن يستبقى أخته العباسة وولديها وهي تربى الولدين خير تربية على سنة هاشمية وأخلاق عباسية فيصبحان من خير أركان الدولة

ولكن هكذا يكون بطر حب الذات وهكذا تكون عقلية الحكام المستبدين الذين يعتقدون أن الملك لهم لا لله

اشترك في نشرتنا البريدية