إن أصوات المدافع التى تدوى فى استكهلم، وتنقلات الجنود وتدريبها فى عاصمة البلد التقليدى فى الحياد، مما يدل على أن الثقة بالنازي قد تزعزعت فى تلك البلاد
لماذا تشتغل السويد بتلك التدريبات الحربية، وقد احتفظت بحيادها مدة الحرب السابقة؟ هل هى تتوقع أن تكون عرضة للهجوم فى الحرب القادمة؟
إن الذين لا يتتبعون السياسة السويدية، قد يذكرون حياد السويد نحو ألمانيا القيصرية فى حرب ١٤ - ١٨، ويظنون أن الآريين من السويد يحتفظون بشعورهم نحو المدنية والثقافة الألمانية، والحقيقة أن تغيراً عظيماً قد حل فى نفوس الرأى العام!
أما المسئول الأول عن هذا التغيير فهو أولدف هتلر. فقد كانت خطة النازى من البدء مثيرة لشعور الحرية والتقدم الاجتماعى فى نفوس السويديين.
وإذا كان الملك جوستاف على الرغم من بلوغه سن الثمانين يعد من رجال أوربا الملحوظين، فإن السويد الآن يحكمها الاشتراكيون. وقد تقدمت تلك البلاد تقدماً محسوساً ووصلت الصناعة الحديثة فيها إلى درجة لم تصل إليها الولايات المتحدة.
لقد وصل صدى تهديد هتلر إلى تلك البلاد. وقد أشار القائد الألماني هانشوفر في إحدى محاضراته باستكهلم إلى أن عدد السكان فى السويد قليل بالنسبة إلى مساحتها، وأنها تستطيع أن تمنح الأماكن الفسيحة لسكنى ملايين من الناس.
وقد كان فى السويد بعض الفرق النازية، وكان بها الكثير ممن يعتمد عليهم الفوهرر، وقد أرادت ألمانيا أن تجعل تلك الفرق فرقة واحدة تحت إمرة رجل واحد يدعى (لندهولم) ،
ولكن خاب مسعاها، إذ تبددت تلك الفرق ولم تبق للنازى فرقة واحدة على الإطلاق.
إن إخفاق الهتلرية فى السويد لم يكن فى الحقيقة تعبيراً عن كراهية للألمان، فإن الارتباطات الجنسية والتعليم يجعلان لألمانيا منزلة فى تلك البلاد، وإن كان لفرنسا تأثيرها الثقافى الملحوظ.
ولكن الشعور السائد قد انقلب على ألمانيا الآن. وإذ كان للسنما أثرها الكبير فى اسكاندينافيا فقد بدأ الألمان يستأجرون كواكب السنما من السويد لنشر دعايتهم تحت أسماء هؤلاء الكواكب ولكن ذهب مجهودهم هباء. فالأفلام الألمانية لا تقابل باستحسان بينما تنجح الأفلام الفرنسية على الدوام
على أن هذا جميعه لا يدل على أن السويد قد فقدت رغبتها فى الحياد، ولكن من السهل أن يقال إن السويد لا يبعد أن تساق إلى الحرب ضد ألمانيا
ويقول رجال السياسة بها من الاستعداد الحربى الذى تقوم به الدول الآن يمنعهم من المهادنة. وأكثر من هذا طلب الذهب والحديد؛ فالسويد تستخرج كميات عظيمة من هذين المعدنيين، وإن حديدها النادر أليق من غيره لآلات الحرب. فألمانيا ولا شك تحتاج إلى حديد السويد لعمل السلاح، وإنجلترا وفرنسا تريان من لواجب عليهما أن تمنعا توريده إليها
فإذا هوجمت السويد فسوف تحارب. وكل فرد فيها على أهبة لعمل ما يجب عليه. وإذا كان جيشها ليس بالجيش العظيم فإن لديها ثلثمائة طائرة، وقد خصص أكثر من ضعف ميزانيتها للتسليح
