الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 314الرجوع إلى "الرسالة"

هل فى الحيوان غريزة الغيب؟

Share

قرأت فى الرسالة رقم ٣١٢ المقال الممتع الذى كتبه الأستاذ  عزيز أحمد فهمى فكان أعجب شيء التفت إليه نظرى وامتلأ به  تفكيرى هو ما أورده من تلك الظواهر التى تميل إلى القول بوجود  إدراك الغيب عند الحيوان. فقد عاد بى قوله هذا إلى ذكر ليالٍ  خلت، أيام كانت فلسطين تتهيأ لتقوم بثورتها الكبرى. ويالها  من ليال كانت تملأ قلبي فزعاً وهماً!

حينما يسجو الليل، ويهجع السامر، ويخشع كل جرس،  كانت تقوم (وهوهة) حزينة فى جبل النار يرجعها بنات آوى  كترجيع النائحات، فما كان يخيل إلي ساعتئذ إلا أن في كل بيت  من بيوت البلدة مناحة قائمة. وشد ما كنت أتشاءم من ذلك  الشعور الذي ينتابنى لدى ظهور تلك الأصوات الكئيبة الباكية!  فقد كان يذهب بى خيالى إلى أن هذه الأصوات طبيعية بالنسبة  إلى ذلك الحيوان، ولكن أذنى تحولها إلى تلك الصورة الكئيبة إيذاناً  بمصيبة ستلم بى لا قدر الله

وهكذا لم تكن بنات آوى لتخطئ مواعيدها في كل ليلة؛  ولم يكن خيالي ليخطئ في تصوير أبشع ما يتوقعه المرء من شر وسوء وكانت الثورة، وما أدراك ما الثورة! فطاحت رؤوس،  وتمزقت نفوس؛ وإذا البلدة لا تمضى عليها ساعات معدودة فى كل  يوم دون أن تفجع بحبيب إليها أثير لديها. وكان القوم يوارون  الضحايا في سفح جبل النار مثنى وثلاث

ونظرت. . . وإذا الله يستبدل مناحات الأمهات، والزوجات،  والأخوات بمناحات بنات آوى. فالأصوات هى هى بعينها،  والوحشة تملأ البلدة فى وضح النهار فضلاً عن الليل. وذهبت

نفسى حسرات، وتصاعدت آلامى المكبوتة زفرات. وما كانت  لتطلع الشمس أو تغيب فى كل يوم إلا على مأساة من هذه المآسى وها قد انتهى أمر الثورة. وهاأنا أصيخ بسمعى فى كل ليلة  عساي أسمع تلك الوهوهة الباكية، أو قل تلك المناحات التي كانت  تقيمها بنات آوى فما أسمع صوتاً ولا ركزاً.

(نابلس)

اشترك في نشرتنا البريدية