الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 293الرجوع إلى "الرسالة"

هل هي في تقدم، أم فى تأخر أم فى ركود ؟

Share

لقد ساير الأستاذ توفيق الحكيم الفرقة القومية منذ نشأتها وكانت أولى مسرحياته ، أهل الكهف " حن طالع " لها ، افتتحت بها عملها الفنى ، وقد غذى المسرح بروايته الثانية " سر المتحرة " وله مجالات فى فن القصة تدل على روحه القوى واندفاعاته الجريئة فى ارتياد آفاقها ليتعرف اسرار الحياة ولييش قارئه معه فى الفرح بالحياة أو الاكتئاب منها

قلت للأستاذ الحكيم : لقد سابرت الفرقة القومية منذ افتتاحها وغذيبها بمسرحياتك ، وعاونت مديرها وسنده فى مهمته ، وها قد مضي على ذلك اربعة اعوام ، فهل فى وسعك ان تقول هل الفرقة فى تقدم أو فى تأخر أو فى ركود ؟ فأجاب :

من يطلع على التقرير الذى وضعه سعادة الدكتور عفيفي باشا وفيه بيان الغرض من إنشاء الفرقة القومية ير ان المقصود من وجود هذه الفرقة ورصد مبلغ كبير من مال الامة ، هو انشاء دار محدث مهضة عظيمة تشعر البلاد والجمهور المثقف بها ، يكون من شأنها ترقية الفن والآدب المسرحي وحركة الترجمة ايضا مما مجعل هذه الدار عنوانا تفخر به مصر . لذلك كان المفهوم أن خطة الفرقة سائرة فى هذا السبيل ، ولكن اتضح مما قدمته فى مواسمها العديدة انها لم تؤدا كثر مما ادته الفرق الأهلية و من قيل ، بل إن البلاد شعرت بنهضة مسرحية فى اول عهد

ظهور مسارح جورج ابيض ، ورمسيس ، وفاطمة رشدى . حيث أخرجت للناس بعدروائع الادب الغربى المعروفة امثال عطيل ومكبث وسيرانو دى برجراك وغادة الكاميليا وغيرها ، كما أن مسرح الأزبكبة كان قد نهض إلى حد ما بالرواية المسرحية الغنائية . وكان المنظور بمجرد ظهور الفرقة القومية بمالها من وفرة المال والممثلين وتعضد الحكومة ان تتحه بالفن اجاها جديدا ، ولكنها خيبت ظن الجمهور ، فرواياتها المترجمة هي من سقط متاع الغرب ومن اقلام شبه مجهولة ، وكذلك التأليف . كما ان الإخراج والتمثيل ليس لها قاعدة ثابتة لعدم إسنادها إلى ايد مختصة مسؤولة عن الإدارة الفنية كما هو الحال فى جميع المارح والسينما المحترمة ، وقد وصحت جميع هذه النقط فى التقرير الذى كلفت بتقديمه إلى وزارة المعارف إذن يمكنني أن أقول إن الفرقة القومية ليست فى تقدم كما تدعي هى ، بل هى فى جمود سيؤدى إلى التأخر ولا شك

- هل علة هذا الجمود هي الإدارة العامة ، أم لجنة القراءة ، أم المؤلفون الذين لا يغذون المسرح ؟

اعتقد أن المسؤول الوحيد عن سير الفرقة هى الإدارة العامة ، وأن لجنة القراءة والمؤلفين ليسوا غير وسيلة يتوسل بها المدير للانتفاع بهم فى الوصول إلى الفرض الأسمى للفرقة ، فلجنة القراءة ليست هى المدير ، والمقصود من وجودها إعانة المدير على اختيار الروايات من بين الأكوام التى تقدم إليه . اما المؤلفون فهم على نوعين : مجهول ومشهور ، فظهور الاول رهين بالظروف والمصادف ، والباراة فى التأليف هي إحدى الوسائل التى تعجل اكتشافه وتيسر إبراز مواهبه . أما الثاني أى ذلك المؤلف الذي لا تشغله ميادين نشاط أخرى فهو فى الغالب لا يمكن ان يقحم نفسه فى الفرقة بغير دعوة منها ، وفي العالم كله مجد المارح وشركات السينما هى التى ترسل فى طلب المؤلفين المشهورين وتتعاقد

معهم . اما قول بعضهم إن كبار المؤلفين يتهيون الوقوف مع الكتاب الناشئين فغير صحيح ، لان الكاتب المشهور مهما اسف فإنه يخرج عملا له قيمته الفكرية على كل حال ، مطبوعا بطابع شخصيته الادبية التى عرفها الجمهور ورضى عنها واشتهر من اجلها فى مناحى الأدب الأخرى

- أراك أزحت عن عاتق لجنة القراءة أسباب تأخر الفرقة فى حين ان مدرها يقول إنه ينفذ قراراتها ، وإن الفرقة لا تمثل إلا الروايات التى تقرها اللجنة

قلت : إن مهمة لجنة القراءة تصفية المتراكم من الروايات المقدمة للمدير ، وليس من شأنها احداث النشاط الادبى والفكرى اللازمين لحياة الفرقة ورقبها . فليس مثلا من شأنها البحث عن أمهات الآثار الغربية التى تلائم المزاج المصرى فتدفع بها إلى المترجمين ، والمقتبسين ؛ وليس من شأنها ايضا ان تتعاقد مع المؤلفين الذين ترى ان مصلحة الفرقة فى أن يكتبوا لها ، وليست هى التى تبحث عن وسائل إخراج هذه الروايات التى يسترعى إخراجها انتباه الجمهور ، فكل هذه المسائل من اختصاص مدبر الفرقة وحده ، وهو إما لكسله أو عدم بحمسه لإحداث النشاط الفكرى والفى المطلوب يحاول أن يلقي تبعة هذا الجمود على لجنة القراءة او على كبار المؤلفين ، وهي فى حقيقة الأمر حجة يستتر خلفها تبريرا لما يشعر به من خيبة الأمل التى كانت معقودة على الفرقة

قلت : اعرف مدى نفوذ اعضاء لجنة القراءة على مدير الفرقة ، كما نعرف جميعا مبلغ تسامح المدبر فى كل شئ ، وحبه للسلام ، وبعده عن النضال والجدل الأدنى فهل لك أن تقول بصراحة هل يمكن لاعضاء لجنة القراءة ان يكونوا رجال حكم صحيح فى الفن المسرحي والرواية المسرحية ، وهل ما جاء فى احاديثهم يدل على انهم أهل لمساعدة المدير فى تحقيق رسالة الفن المسرحي

فقال : اعتقد ان اسباب نفوذ لجنة القراءة مستمدة من ضعف مدير الفرقة ، وان اسباب ضعف المدير اتية من استئثاره بالعمل والضن على نفسه بمساعدة يستمدها من صاحب دراية ومعرفة ،

وهو الكسول كما عرفنا ، في انه كان يشفع الرواية التى يقدمها إلى اللجنة يراي في قاطع ، ويترك للجنة النظر إلى الرواية من الناحيتين : اللغوية والخلقية ، لكانت اللحنة لزمت حدها . ولو انه ألف لجنة فنية من المخرجين وكبار المثلين مسؤولة عن نجاح الرواية وعن سقوطها ، لكانت الفرقة مشت فى طريقها الطبيعى ، وقامت كل هيئة بما هو موكول إليها من اعمال . ولو ان الامور كانت تسير فى هذا الطريق وهو الطريق القويم المتبع فى فرق التمثيل فى العالم ، لما كان يضير الفرقة ان تكون لجنة القراءة فيها مؤلفة من شيوخ او غير شيؤخ . وفى الختام اقول لك ولقرائك : سامح الله مدير الفرقة ، فلقد ابطأ جد الإبطاء فى تيسير الادب المسرحي فى سبيله المهد

اشترك في نشرتنا البريدية