كان شقيق الكاتب الشهير و. هـ . هدسن w, h. hudson يمتلك مزرعة منفردة في الأرجنتين. وكان ينفق كل عام أربعة أشهر في السهل بكوخ وحيد وكان يرى في شهر أغسطس أفواجاً عظيمة من إوز النجود طائرة نحو جزر الماجلانيك the magellanie Isles في الجنوب. وفي أحد الأيام بينما كان راكبا رأى زوجاً من الإوز يمشيان كأنما تخلفا عن فوج رحل، وكانت الأنثى ذات ريش بني والذكر أبيض الريش. وكان الذكر يرفرف أمامها، طائراً بين حين وآخر نحو مائة ياردة ثم يعود إليها ويسايرها. كانت الأنثى كسيرة الجناح، فأبى الذكر أن يتخلى عنها، ولو أن خاتمتها المحتومة لا ريب فيها، إذ لابد من أن تنقض عليها
الطيور الجارحة، ولا مفر في النهاية من طيران رفيقها بمفرده إلى الجنوب
الأدب الأديب من عاش للفن ومن صاحب الحياة وفيا
من تملى كل الذي وهبته وتغذى به قريراً سريا
ما تحاشاه مرة كيفما كان، ولو فاض لوعة بالمآسي
ينعم الفن بالمآسي وحيناً يجزع الفن من حبور الناس!
وهو عند الحالين يسعده الصدق بمرأى الوجود أو تفسيره
مثلما يزدهي بتعبيره الحر وان مض في مدى تعبيره
هكذا كان حال حر أديب سكن الكوخ في البراري وحيدا
حين أوفى الخريف أو كاد والوز أتى راحلاً ليمضي بعيدا
هارباً من تهجم البرد كالحق إذا شاء قتله الباغونا
طامعاً من تهجم دفئاً وحبا آبيا أن يخان أو أن يخونا
وبيوم رأى من الوز زوجا قد تخلى عن فوجه وتبقى
سائراً كالذي تقيد بالماضي وقد خاف تركه حين يرقى!
تلك أنثى بريشها الأسمر الفخم تمشت كسيرة للجناح
حينما خلها ترقرق في النور بياضا كأنه من أقاح
كان يمشي مرفرفا قبلها حينا وحينا يعود رهن خطاها
آبيا أن يفوتها وهو يدري بشعور مؤصل عقباها
إذا من الحتم موتها حين تهوى فوقها تلكم الجوارح يوما
حين تلقى ظلم النهاية في العيش وإن لم يعد للعيش ظلما
ومن الحتم أن يعود وحيدا لاحقاً بالقطيع نحو الجنوب
مفنيا عمره حزينا كقربان، كموت الضياء عند المغيب!
هكذا شاهد الأديب المآسي صامتات ومفصحات أمامه
فطوى قلبه عليها شجونا ورأى في شجونها أيامه
نيويورك
