الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 599الرجوع إلى "الثقافة"

يحكى أن, أوليفر تويست

Share

هى قصة ألفها شارلس ديكنز عام ١٨٣٨ ، وندد فيها بالمصير السىء الذى يلقاه الأطفال اللقطاء فى الملاجىء ، حيث يلقون الجوع والفاقة ، فإذا ماتوا دفنوا فى قبور حقيرة .

وفيها يصف ديكنز تلك الملاجىء بأنها مستقر اللصوص والمجرمين حيث يؤخذ بنواصى أولئك البائسين إلى طريق الجريمة عمدا ، مدفوعين إلى ذلك بالمثل السيئة التى يلقونها ممن سبقوهم فى عالم الجريمة .

ثم يجعل ديكنز فى نسيج القصة خيوطا تمثل رجالا ونساء ممن هم أحسن حالا من أولئك المجرمين التعساء ، وذلك لكى يرينا أن فى كل طبقة من طبقات الناس رجالا كانوا أم نساء من يستطيعون أن يوجهوا الآخرين فيصعدوا بهم فى مرافى الفضيلة ، أو يهووا بهم إلى الدرك الأسفل من الرذيلة .

ويقول ديكنز إن الغرض الذى رمى إليه بتأليفه هذه القصة هو أن يصور الجريمة فى أبشع صورة من الصدق الشنيع .

قال الكاتب :       فى إحدى البنايات العامة فى مدينة من المدن قام ملجأ من الملاجىء ، وفى هذا الملجأ ولد الصبى الذى عرفت به هذه القصة ، إذ وجدت أمه يوما ملقاة إلى جانب جداره ، وقد أضناها الجهد والتعب ، وقد أبلى حذاءها السير المضنى الطويل ؛ وفى اليوم التالى وضعت طفلها (( أوليفر )) ، ثم ماتت مجهولة الاسم واللقب .

وألحق اليتيم بفرع من فروع هذا الملجأ يقوم على مسافة ثلاثة أميال ، حيث قضى تسع سنين ، لم يلق فيها شيئا من العناية والرعاية ، وكان طعامه فيها الماء والفت بلا إدام حتى تولاه السقم والشحوب .

وفى يوم ذكرى ميلاده التاسع جاء (( مستر يمبل )) شماس الكنيسة ليسترد الطفل الذى سماه Oliver Twist ، وهو يقول إننا نسمى لقطاءنا وفقا للترتيب الأبجدى ؛ فالذى قبله سميناه Swubble ، وسوف نسمى الذى يجىء بعده باسم unwin .

وخرج المسكين (( أوليفر )) بجمع نسالة الحبال ليتخذ منها مادة لتعليمه ، وكان له ولكل صبى من لدانه ثلاث وجبات من عصيدة بغير زبد .

فلما أمض الصبية الجوع ألقوا سهامهم ، أيهم يتقدم لكافلهم يطلب مزيدا من الطعام ، ثم اختير (( أوليفر )) فتقدم والصحفة فى يده وقال : إننا نريد يا سيدى مزيدا من الطعام ، فذعر الرجل وأمسك بالصبى وتقدم به إلى مجلس إدارة النادى الذى عرض خمسة من الجنيهات جزاء لمن يزيحه عن ناديهم ، فالتقطه حفار القبور (( مستر سوربرى )) واتخذه صبيا مساعدا ، وكان لا يقسو عليه فى المعاملة ، ولكن (( أوليفر )) كان يعمل تحت رحمة (( نوح كلايبول )) زميله فى المهنة .

واضطر (( أوليفر )) آخر الأمر إلى أن يعود أدراجه يوم سمع (( نوح )) يذكر أمه بالسوء .

ولقى فى طريقه الجوع والتعب حتى صادقه صبى سمى نفسه ( جاك دوكنس الرواغ الأحيل ) فكان يطعمه ، وكان هو الذى قاده إلى بيت من بيوت السوء يديره رجل يهودى قد تقوست قناته ، ووهن عظمه ، واسمه (( فاجن )) ،

وهناك لقى كثيرا من الصبية ، وهناك جاءوا له بطعام وفراش .

وفى اليوم التالى ألقى الفتى الرواغ الأحيل يشارك صبيا آخر اسمه (شارلى بيتس) لعبة تقوم على نشل ساعة ، وصندوق نشوق ، وحافظة نقود ، من جيوب اليهودى ( فاجن ) ، وكان هذا يمثل دور رجل ينظر إلى معروضات الدكاكين ، فشاركهم فى لعبتهم هذه (( أوليفر )) ، وبعد أيام تقدم هو بالرجاء فى أن يسمح له بأن يعمل عمل الصبية الآخرين .

وقبل (فاجن) آخر الأمر ، فأمر به أن يخرج فى صحبة (( شارلى )) و (( الرواغ )) ، وذعر (( أوليفر )) ساعة أن رأى الصبية يسرقون منديلا من سيد هرم أمام إحدى المكتبات ، وفى لحظة واحدة عرف كل شىء وتولاه الارتباك ، فجرى فلحق به الناس وأمسكوه ، على حين أن الآخرين كانوا قد ولوا هاربين .

ثم قدم للمحاكمة فلما برأه القاضى أشفق به السيد الهرم الذى سرق منديله واسمه (( مستر براوناو )) إذ رآه مريضا مشفيا ، فذهب به إلى بيته حيث عولج ، وحيث لقى الرعاية والعطف ، فكان هانئا سعيدا .

وقبل أن يعرف هذا الرجل المحسن قصة الصبى كان هذا قد خرج لقضاء مهمة ، فلقيته فى الطريق ( نانسى ) وهى فتاة من أعوان ( فاجن ) فأمسكت به . وسارت به إلى قومها ليكون سجينهم . وعقد ( فاجن ) العزم على أن يلفق لأوليفر تهمة من التهم . فأرسل الصبى إلى ( بل سيكس ) ، وهو حبيب الفتاة وصاحب ودها . وهو لص يقتحم المنازل للسرقة . فأخذ هو وشريكه فى الجريمة ( توبى كراكيت ) بيد الصبى وجعلاه يقتحم نافذة فى منزل من المنازل . ولكنهما أخطآ فى حسابهما فلم تنجح الخطة وأخفق التدبير فاضطرا إلى الفرار . وأطلق الرصاص على (( أوليفر )) فبقى فى مكانه . ثم سار يزحف زحفا إلى داخل البيت الذى كان يراد به أن يسرق . وهناك لقى صاحبتى البيت ( مسز مابلى ) وابنة أختها ( روز ) اللتين كانتا لا تستطيعان أن تصدقا أن يكون هذا الصبى لصا مجرما . فأكرمتا مثواه . ولقى منهما رعاية وحبا . ولو أنه قد ذعر يوما لما رأى ( فاجن ) وفى صحبته فتى أسود ، يبدو

الخبث فى عينيه . وهما ينظران إليه . ثم غابا عن الأنظار فلم يرهما أحد من بعد .

وفى تلك الأثناء كانت ( مسز كورنى ) رئيسة العاملات فى ذلك الملجأ الذى ولد نيابه (( أوليفر )) قد دعيت لترى امرأة عجوزا تحتضر . وتلك العجوز كانت قد أعانت أمه أثناء ولادته فأعطت رئيسة العاملات ورقة تسترد بموجبها خاتما مرهونا مكتوبا عليه اسم Agnes ومدلاة كانت العجوز قد سرقتها من والدة الطفل بعد أن فارقت الحياة .       ثم تزوج شماس الكنيسة ( مستر بميل ) بمسز كورنى رئيسة العاملات . وجاءهما ذات ليلة رجل اسمه مستر منكس وهو الرجل الشرير الذى رآه (( أوليفر )) ذات يوم مع ( فاجن ) واسترد الرجل الخاتم والمدلاة لقاء خمسة وعشرين جنيها ثم رآه ( مستر بميل ) يقذف بهما فى البحر .

وسمعت ( نانسى ) ذلك الشرير ( منكس ) وهو يعرض مالا على ( فاجن ) ليجعل من (( أوليفر )) لصا سارقا . فلمس هذا القول منها مكان الضمير الذى أماتته حياة الجريمة التى عاشها .

وقال ( منكس ) إن (( أوليفر )) أخوه الصغير . وأقسم ليلحقن الأذى به . فجازفت الفتاة ( نانسي ) مجازفة كبرى بأن نقلت هذه القصة إلى ( روز ) التى كانت فى لندن . ولم تقبل لقاء ذلك أجرا .

التقى (( أوليفر )) ومستر (( براوناو )) و (( روز )) فى لندن ، وهناك قصت (( روز )) على مستر (( براوناو )) ما سمعته من (( نانسى )) فأجمعوا على أن يبحثوا عن أهل الولد ، وأن يردوا إليه ما يستحقه من ميراث . فوضعوا الخطة مستعينين بآخرين على أن يوقعوا (منكس) فى الفخ ، وبدأوا بتنفيذ خطتهم بأن قصوا أثر الفتاة ( نانسى ) وهى عائدة بعد زيارة أخرى لها (( لروز )) .

وكتب على كثيرين من أعوان اليهودى ( فاجن ) أن يلاقوا جزاءهم فيقتلوا ، ثم أخذ ( فاجن ) فشنق جزاء له على سرقاته .

ووقع واحد ممن بقى منهم وهو ( منكس ) أسيرا بين يدى ( مستر براوناو ) الذى عرف أنه هو بعينه ( ادوارد ليفرد ) ابن أعز صديق له . فلما ووجه هذا بما جمعه أنصار

الصبى (( أوليفر )) من أدلة وقرائن ، باح بمكنون سره ، واعترف اعترافا كاملا فقال : إن أباه وأمه كان قد دب منهما الخلف فافترقا وسافرت أمه إلى أوربا وصحبته معها ، وهناك لقى قرناء السوء فسار سيرتهم . وكان أبوه قد جاء إلى روما فى عمل من الأعمال وهناك انتابته العلة ، وقد ترك خطابا إلى امرأة شابة كان قد اعتدى عليها يطلب إليها أن تغفر له خطيئته ، وترك كذلك وصية أوصى فيها بأن يكون نصف ما ترك لولده ( ادوارد ) والنصف الآخر للطفل الذى ترزق به (Agnes Fleming) وترك خطابا يشترط فيه إن كان المولود ولدا أن يحرم من نصيبه من الميراث إذا سار سيرة أهل السوء فألحق باسم أبيه العار .

وحرقت والدة ( ادوارد ) الوصية واستبقت الخطاب . أما والدة (( أوليفر )) وهى (Agnes Fleming) فكانت قد غادرت بيتها وماتت كما حدثتنا القصة ، وتركت أختا صغيرة تعانى مرارة اليتم ؛ فقام بتربيتها بعض البائسين من الفقراء ، ولكن والدة ( ادوارد ) تولت إثارة حتفهم وكرههم للطفلة ، قائلة لهم إنها طفلة غير شرعية ، ثم رأت

الطفلة سيدة أرملة فأشفقت عليها وأخذتها إلى بيتها ، وهذه الطفلة هى ( روز ) التى تعرف الآن أنها خالة (( أوليفر )) ، ورأت (( مسز ليفورد )) الطفل (( أوليفر )) فعرفته من ملامحه . وبينما كانت ترشو ( فاجن ) بالمال لينشىء الطفل تنشئة معوجة فاسدة . كانت كذلك تعمل جاهدة على أن تمحو كل دليل يدل على شخصية الطفل .

وبقى من ميراث أبى (أوليفر) ٦٠٠٠ جنيه أخذ منها النصف وسمح لإدوارد أن يذهب إلى الدنيا الجديدة بالنصف الآخر حيث لقى الموت فى السجن .

ثم تبنى ( مستر براوناو ) أوليفر واتخذه له ولدا . وتزوجت ( روز ) خالة (( أوليفر )) من ( هارى ) وقد أصبح قسيسا .

وحرم مستر ( بميل ) وزوجته من وظيفتيهما ، وأصبحا من اللاجئين فى ذلك الملجأ الذى كانا فيه السيدين الحاكمين ... ( عن الإنجليزية )

اشترك في نشرتنا البريدية