جاءنا وقد تم طبع المجلة نعي رجل من اكرم ابناء مصر وأعز خدامها ، المغفور له الأستاذ يوسف أحمد الجندي ، عضو الوفد المصري ، وعضو مجلس الشيوخ ؛ فاهتزت القلوب لنعيه وامتلأت اسي .
فقد كان الفقيد العزيز مثلا ساميا في صدق الوطنية ، وصفاء السريرة ، وثبات الايمان ؛ في شجاعة لا يعتريها تردد ، وعفة في القول والفكر لا تشوبها شائبة . عاش ما عاش جنديا مجاهدا في سبيل مصر والعروبة ، لم يظهر في ميدان جهاده إلا أسمى ما يكنه الجندي الباسل من عواطف النيل والشهامة ، حتى كان خصومه في الميدان أول من يشهد بطهارته وسمو شمائله .
كان جهاده لمصر والعروبة ، وكل همه متجها إلي خير مصر والعروبة ، لا يحمل في اشد حالات نضاله غلا ، ولا يضمر حقدا ، إذ كان يجاهد ناظرا إلي ذلك الضوء السامي الذي يهتدي به أولو البصائر الشفافة والضمائر الصافية
كان الفقيد كل هذا ، وكان فوق كل هذا . فهو جدير أن يحزن عليه كل مصري ، وكل عربي ، " أن يبعث إليه انفاسا تحمل الرحمة إلى مثواه الطيب في رمال مصر الطاهرة .
ولكن الثقافة إذ تنعاه إلى قرائها ، لا تنسي أن تذكر أنه كان من كرام أصدقائها ، وخيار أصحابها ، فقد كان في صدر الرعيل الأول من أعضاء لجنة التأليف والترجمة والنشر ، الذين كان لهم السبق إلى إنشائها أيام كانوا يجتمعون وهم طلاب علم في حدائق قصر النيل في إهاب جديد من الشباب والعزيمة ، ليضعوا لها
قانونها ، ويبنوا أول الحجارة في اساسها . وبقي ما عاش على حبه لها ، واهتمامه بامورها ؛ لم تلهه عنها شواغله الكثيرة في ميدان جهاده الفسيح
برحمك الله يا يوسف ، وينزلك منازل الشهداء والقديسين .
