...... وبعد فانى مرسل اليكم قصيدة نظمتها لمناسبة ذكرى الاحتلال الأنجليزى الذى يصدر عدد الرسالة القادم فى مثل يوم ابتدائه بالقاهرة - ١٥ سبتمبر- وقد اعتاد الكثير من المصريين الاستحياء لذكرى يوم التل الكبير لأن الهزيمة أصابتنا فيه، والأسف لذكرى الثورة العرابية لأن الاحتلال الإنجليزى أعقبها،
حتى قال شوقي بك فى بعض ما قال: ولو أن يوم التل يوم صالح لحماسة لجعلته إليادى
وقد نظمت قصيدتى قصد القضاء على توهم العار فى هذه الذكريات، وإبراز مواضع فى تلك الحوادث والوقائع.
وأقل ما فى تلك الذكريات من مواضع الفخار أن الثورة كانت أول مظهر صحيح للقومية المصرية التى تنبهت فى العصر الحديث، وأن موقعة التل كانت أول معركة قام بها جيش مصري صميم بالدفاع عن أرض مصر، وان المصريين فيها كانوا ينازلون أكبر قوة استعمارية عرفها التاريخ، وأن الانجليز لم يطمئنوا الى منازلة المصريين ولم يحرزوا عليهم النصر الا بعد أن استعانوا بكل حيلة
أعد ذكر ماضي النيل للجيل منشدا فما أعذب المجد الأثيل مرددا وكم مفخر للنيل باق مخلد اذا ذكر الأقوام فخرا مخلدا نتيه بماضينا القديم تفاخرا وأحر بأن يروى الحديث فيحمدا ولم أر يوم التل عابا وسبة ولم أره الا أغر ممجدا أنخجل ان قمنا نذود عن الحمى ويسحب أذيال الفخار من اعتدى؟ تدفق من عبر المحيط مهدد فما حفلت آباؤنا من تهددا أبو أن يدينوا للغالب عن يد وتلقى مصر فى الحوادث مقودا وقالوا شباة السيف دون عدونا وإن يك عرض البر والبحر أيدا إباء تليد المجد قر له رضى وقر له عظم الفراعين ملحدا وما شهدوا من قبلها عهدهم بنى مصر جميعا ينهدون الى العدى
فلما رآى سنوح فريسة أقام زمانا دونها مترصدا ترامت على الثغر الأمين رجومه تناصب عزلا فى المدينة قعدا أثار عليهم مائج البحر مرغيا وصب عليهم مارج النار مرعدا تهاوى له الانقاض أيان يرتمى وتنتثر الاشلاء فى حيث سددا تمازج لونا النار والدم عندها وفار لهيب النار بالدم مزبدا ولم يألها حتى كساها غلائلا من النار حمرا فى السموات صعدا ولم يثنه فى الشرق والغرب ضجة لأمر أقام الأرض هولا وأقعدا منى نالها فلتندب الأرض حسرة على العدل ولتبك السماء تلددا رأت أمم فى الشرق والغرب أمة يجار عليها جهرة وتعمدا تعاقب أن قامت تحطم قيدها وتبعث تاريخا قديما وسؤددا
وتوأد حرياتها وحقوقها ليحكم الاستعمار فيها معربدا
ولما أحال الثغر جحرا مخربا تقدم يبغى مسترادا ومهتدى فأبصر من دون السبيل بواسلا جثيا على هام المسالك رقدا تصدى اليهم كرة بعد كرة فأصلوه نيرانا فآب مبددا فيا من رأى أبناء مصر اذا انبروا الى غول الاستعمار صفا مجردا على حين ماجت خيله وسفينه ولم يبصروا فى الشرق والغرب مسعدا يساقونه كأس الحمام وأهله بمصر كرام فى مراح ومغتدى فلما رأى وعر الطريق ولم يجد كما ظن نهجا حيث سار معبدا تسلل من شرق البلاد محاذرا هزيمته فى الغرب أن تتجددا (١) ومال الى الأعراب والختل طبعهم يريد لدى القوم اللصوص مؤيدا جرى تبره فيهم وسالت سفينه تمزق عهدا للقناة مؤكدا وساق على الاحرار بالتل سفلة أتى بهم من كل فج وأعبدا خميس يسير العار فى خطواته وتتبعه الأوباء فى حيثما اهتدى (٢) كفته خيانات اللئام عدوه وما بث من جند الفساد وأرصدا ولولا جنود الاثم تدفع دونه لما مد رجلا للقتال ولا يدا كذلك كانت فى السياسة حاله وفى الحرب لم يبلغ به النبل مقصدا وما نال إلا بالجريمة مغنما ولا سل إلا فى الظلام مهندا وأقبل يزهو بانتصار وإنه لخزى له يبقى على الدهر سرمدا خصيمك أنقى فى الهزيمة صفحة وأكرم فى ظلم الحوادث محتدا! وزاد عروس الشرق فى تاج ملكه يتيه بها فخرا ويخطر سيدا رويدك لا تحمد مقامك بيننا ولا تحسبنه ما أقمت ممهدا! كما جئت فى داج من النحس قائم سترجع فى داج يغشيك أسودا! وأنحى على الأحرار يسكب مقته وقد كاد يسقيهم بجهلته الردى ومن أحرق العذراء يوما تشفيا فليس بمستثن مسنا وأمردا (٣) فأرهق بعض فى السجون مكبلا وفرق بعض فى البلاد مشردا
سلام وريحان أبوتنا على ثراكم سلاما ما يزال مجددا سلام على من قد تصلوا بنارها وخاضوا لظاها فائرا متوقدا سلام على من مات فى حومة الوغى ومن مات فى قاص من الأرض مبعدا سلام على قيل تولى زمامها أعف الورى قصدا وأنقاهم يدا أصاب بها نجحا فلما كبا بها وأدركه منها العثار تجلدا وذيد عن الأوطان عشرين حجة يبيت على شوق إليها مسهدا جريرته أن رام مصر عزيزة وشاء لها أن تستقل وتسعدا ورام لها من طغمة الترك معتقا وبعدا لعهد الترك أشأم أنكدا لتحيا كما تحيا الشعوب طليقة بعصر يعاف العبد فيه التقيدا ستذكره مصر الفتية ما ابتغت لدى الحق عهدا أو لدى المجد موعدا عسى ذكرنا رغم الهزيمة أحمدا سيبعث فينا للغنيمة أحمدا
