الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 655الرجوع إلى "الرسالة"

١ - شعر حماد:

Share

جاء في المقالة الخامسة من مقالات   (حماد الراوية)  العدد    (٦٥١)  عند الكلام على انتحال حماد   (وإنما الذي به النحل  لا الانتحال)  أن شعره   (يميل إلى الغثاثة والركة، ولم يبلغ من  الجودة ما بلغه شعراء الجاهلية حتى تختلط أشعاره بأشعارهم) .  وجعل ذلك أحد أوجه ذكرها لأبطال روايات مشهورات عن  ثقات، واستدل عليه:

١ -  بنقل أبيات لحماد استهدى بها جبة من بعض  الرؤساء. أولها   (إن لي حاجة فرأيك فيها) . ٢ -  بضبطه     (فرأيك)   بالرفع والتحشية عليها بأن حماداً    (يريد أن يقول: فما رأيك فيها) . ٣ -  بنقل أبيات جزلة منسوبة إلى حماد والإشارة إلى أن  قائل تلك لا يقول هذه.

وأنا أقول: ١ -  إن أبيات حماد في استهداء الجبة، ليست غثة ولا  ركيكة بل هي أبيات بليغة. والبلاغة وضع الكلام في موضعه  ومطابقته لما تقتضيه الحال، وتلك الحال لا تقتضي إلا مثل هذه  الأبيات، ولو ساقها جاهلية فخمة غريبة اللفظ بدوية الأسلوب،

لكانت باردة غثة، لأن لكل مقام مقالاً. ٢ -  أما     (فرأيك)   فالخطأ في ضبطها، جر على حماد عارها  وإنه لبريء منه، وإنما هي (فرأيك) بالنصب. وهذه من قبيل    (زناه فحده)  التي كنا تكلمنا عنها. . .

٣ -  أما إن الذي يقول الشعر الخفيف الفكه في موضعه،  لا يقول الشعر الجزل في موضعه، فغير صحيح، وهذا بشار يقول   (ربابة  ربة البيت)  الأبيات وما تمنعه أن يقول   (إذا ما غضبنا. . .)  وبينهما أكثر  مما بين قطعتي حماد، وشوقي صاحب المعجزة البيانية   (قم في فم الدنيا  وحي الأزهرا)  هو صاحب   (الحيوان خلق له عليك حق)  وناظم    (تلك)  الأنشودة لجمعية الشبان المسلمين سنة ١٩٢٩.

وما شاعر في الدنيا، ولا كاتب ولا متكلم يهزل كما يجد،  ويقول لصديقه مؤنسا ما يقول لعدوه هاجيا، ويتغزل بأسلوب  الفخر، ويخطب يوم المعمعة بمثل ما يناغى به الحبيب ليلة اللقاء،  ويرقص وليده بمثل أراجيز العجاج، وهذا أبو نواس في خمرياته  غيره في طردياته، والرصافي في أخلاقياته، أين منه الرصافي في  مجونياته، ولولا أن هذا أمر قد فرغ من تقريره نقاد العرب  والافرانج من زمن طويل، لسردت مثالا عليه من شعر كل شاعر!

اشترك في نشرتنا البريدية