تمهيد:
حينما يريد المؤرخ الأمين المنصف عرض أهم المصنفات المنقولة إلى العربية في عصرنا الحاضر، واستقصاء أنفس ما طبع منها، يجد في طليعتها (دائرة المعارف الإسلامية)2 التي اضطلع بترجمتها من أصولها الفرنجية لجنة عاملة، قوامها أربعة أساتذة وهبهم الله مزايا وخلالا حسنة كالصبر والمثابرة وبعد الهمة واستسهال الصعب
وإذا ما قيل (دائرة المعارف الإسلامية) ، فذاك يعني مجموعة كبيرة من المباحث ادخرت كنوزا من العلم بشؤون البلدان العربية والإسلامية وبشعوبها وأديانها ولغاتها ورسومها ومشاهير رجالها وأهم أحداثها التاريخية وأحوالها الاجتماعية والاقتصادية والدينية. وبعبارة أخرى إن هذه الدائرة احتوت على كل ما يحسن الوقوف عليه في هذه المناحي الخطيرة الشأن، فهي وحدها خزانة شرقية حافلة تشيد لمؤلفيها - وهم أقطاب الاستشراق في هذا العصر - بالاطلاع الواسع على ما يتعلق بالشرق وبالبراعة في الجمع والتأليف والدقة في التبويب والتصنيف
ولا مراء أن الإقدام على ترجمة سفر كبير كهذا يكون محفوفا بصعاب لا يدرك مداها إلا من يعاني أمر الترجمة. وفي تذليل
أغلب تلك العقبات ما يحملنا على الإقرار بفضل هؤلاء الأساتذة المترجمين والاعتراف بما أفرغوه من جهد محمود في إتقان عملهم والسير به إلى الأمام ما وسعهم ذلك
بيد إنه لترامي أطراف الموضوع وتشعب مناحيه لا مناص من أن يحصل هنا وهناك بعض الهفوات، أو تقع العين على ألفاظ مصحفة أو عبارات تفتقر إلى إيضاح أو تعقيب. وهذا كله لا يحط من قدر الترجمة ولا يغض من جهد المترجمين في شيء
وقد كنا وما زلنا نترقب صدور أجزاء هذه الدائرة الواحد
تلو الآخر فنتلقفها ونطالعها بشوق. وكنا نعنى بوجه خاص بالمباحث العراقية المنشورة فيها، فنعلم على المواطن التي تحتاج إلى تأمل وإعادة نظر في ترجمتها. ولما اجتمع لدينا من هاتيك الملاحظات ما يؤلف مقالا رأينا أن نستأذن المترجمين الكرام في نشرها اليوم إظهارا للحقيقة التي هي رائد كل نفس كبيرة وإفادة لمن يملك نسخة من هذه الدائرة بترجمتها العربية
وقد صنفنا ملاحظاتنا هذه فجعلناها على أبواب خمسة وهي: أعلام الناس، الأمكنة والبقاع، الكتب والمراجع، الأعداد، الملاحظات المتفرقة. وسنسير في إيرادها وفقا لسياقة المجلدات والصحائف ومن الله التوفيق
أولا: أعلام الناس
ورد في ١: ٨١ ب١٥"1" معن بن صاعدة. وصوابه معن ابن زائدة
وفي ١: ٨٢٧ البيروتي (بالتاء) وصوابه: البيروني (بالنون) . وهذا من أوهام الطبع
وقد تصحف اسم القس ميخائيل (الغزيري) اللبناني الماروني (١٧١٠ - ١٧٩٤م) غير مرة إلى (كازبري) (انظر مثلا ١: ١٢٠٧؛ ١: ١٥٢٦و ١٩؛ ١: ٢٤٥ ب٧) لأن اسمة يكتب باللاتينية هكذا Casiri وللوقوف على ترجمة الغزيري نحيل القارئ إلى مراجعة: الآداب العربية في القرن التاسع عشر للأب لويس شيخو اليسوعي (١: ١٨) ، وما كتبه
الأب بولس مسمد في مجلة المشرق (٣٤ (١٩٣٦) ص٦٠١ - ٦٠٤).
وفي ١: ١٦٣ب٢٥ أبرد يصان. والصواب: برديصان وورد في السطرين الأخيرين من ١: ١٦٣ ب ما هذا نصه: (كان أبوه (أبو برديصان) يدعى نهامة وأمه تدعى نهشيران) والصواب: (كان أبوه يدعى نوحاما وأمه تدعى نحشيرام) . ونوحاما لفظة إرمية معناها البعث والنشور
وفي ١: ٢١٧ ب٩ عطاء مالك الجويني. والصواب: عطاء ملك الجويني، على ما هو مشهور في المظان التاريخية
ومن الغريب أن اسم الإمام أبي منصور (الثعالبي) قد صحف إلى (الثعلبي) في غير موطن (انظر مثلا ١: ٢٢٣ ب١٩؛ ٣: ٤٧٣٥؛ ٣: ٤٧٣ ب١)
وفي ١: ٢٥٥ ب٢ ذكر (سوش الرسى) ، ولكن هذا الاسم ورد بصورة (سوسن الرسى) في معجم البلدان (١: ٧٢٣ طبعة وستنفلد؛ مادة: بلغار) .
ومن هذا القبيل تصحيف اسم صدر الدين محمد (الخجندي) إلى (الخوجندي) في ١: ٢٩١ ب٢٤. والخجندي (بخاء معجمة مضمومة ثم جيم مفتوحة وسكون النون ودال مهملة) نسبة إلى خجندة، مدينة بما وراء النهر على شاطئ سيحون (راجع معجم البلدان وكتب الانساب) .
وفي ١: ٣٠٧٢٢ ذكر (بني كشير) . وصوابها (بني قشير)راجع: أخبار النحويين البصريين للسيرافي (ص١٥ طبعة كرنكو)ونزهة الألباء فى طبقات الأدباء لابن الأنبارى (ص7من طبعة سنة ١٢٩٤هـ)
وذكر في ١: ٣١١١ عن أبي بكر بن سعد بن زلكي أتابك فارس أنه من الأسرة (السلغورية) . قلنا: الصواب أن تكتب (السلغرية) (بحذف الواو) وهم على ما جاء في الكامل لابن الأثير (١٠: ٢٣٨ طبعة تورنبرج، حوادث سنة ٤٩٥هـ) قبيل من التركمان يقالى لهم سلغر.
ومن الأعلام الشرقية التي أصابها التصحيف غير مرة (انظر مثلا ١: ٣٢٤١٩؛ ١: ٣٢٤ ب٢، ٤: ٥٧٣ و٢٢ و٢٧)هرمزد (رسام) الموصلي، المتوفى سنة ١٩١١، الذي نزح إلى انكلترة
وأحرز شهرة بعيدة بين علماء الآثار العراقية،وألف تصانيف مختلفة بالإنكليزية (راجع ترجمته في تاريخ الموصل لصائغ (٢: ٢٧٤ - ٢٧٦) . قلنا: هذا الرجل الذي يكتب اسمه بالإنكليزية H.Rassam قد تصحف في الدائرة إلى (رسم) وذلك في المواطن المشار إليها أعلاه.
وفي ١: ٣٣٥ ١٣ لابن حيان. وصوابه: لأبي حيان. وكأن هذا من أغلاط الطبع.
وفي ١: ٤١٣ ب٩؛ ١: ٤١٥ ٣ ديوان أبي نواس طبعةآصف. والذي يرى على غلاف الطبعة المذكورة من الديوان:آصاف
وقد وقع نظرنا في ١: ٤٢١ ٢٥ على اسم (مينوس) . قلنا:عرف اسم هذا العالم الرياضي اليوناني في المراجع العربية القديمة بصورة (منالاؤس) أو (منالاوس) راجع: الفهرست لابن النديم (ص٢٦٧ طبع ليبسك أو ص٣٧٤ طبع القاهرة) ، وأخبار الحكماء للقفطي (ص٣٢١ طبع ليبسك) وتاريخ مختصر الدول لابن العبري (ص٦٤ طبعة صالحاني) ، وكشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون للحاج خليفة) (١: ٩٠ طبعة ليبسك، أو ١: ١٣٤ طبعة استانبول الأولى، أو ١: ١٤٣ طبعة استانبول الثانية)
وفي السطر الأخير من ١: ٥٠٤ ب ورد اسم (البرازيلي) وصوابه: البرزالي. وغالب الظن إنه من أوهام الطبع. وقد وجدنا طائفة من أسماء المؤلفين الفرنج قد أصابها التشويه من ذلك (١: ٥٣٠السطر الأخير) ريتر O.Ritter والصواب روتر. Reuthe o وكذلك (١: ٥٣١ ١٨) Neibuhr صوابه Niebuhr
ومن الأعلام الشرقية التي لم تسلم من التصحيف ما ذكر في ١: ٥٤٨ ٥ باسم (جبرييل سيونيتا) وصوابه: جبرائيل الصهيوني، وهو كاهن ماروني من قرية اهدن في لبنان. عاش سنة ١٥٧٧ - ١٦٤٨م. وقد ترجمه الأب أغناطيوس طنوس، في المشرق (٣٨ (١٩٤٠) ص٢٥٣ - ٣٠٤).
ونظيره في أبعاده عن اسمه الحقيقي (يوحنا الحصروني) (نسبة إلى حصرون من قرى لبنان) المتوفى سنة ١٦٣٢م، فقد
تصحف اسمه في الدائرة (١: ٥٤٨ ٦) إلى (جون هسرونيتا) . وفي ١: ٥٧١ ١٦ - ١٨ وردت العبارة التالية: (كما إنه حكمها (حكم مدينة إربل في العراق) ابان الساسانيين حكام استطاعوا أن يستقلوا بحكمها في فترات متفاوتة، نذكر منهم قردغ الذي اتخذ حصن ملقى القريب من إربل مقراً لهم).
قلنا: الصواب في (قردغ) أن يكتب (قرداغ) وهو أحد. مشاهير شهداء المشرق في العهد الساساني، قتل سنة ٣٥٩م. وللوقوف على ترجمته وأخباره يرجع إلى المؤلفات التالية: أعمال الشهداء والقديسين (بالإرمية ٢: ٤٤٢ - ٥٠٦ طبعة بيجان في ليبسك) ؛ وشهداء المشرق لأدى شير (١: ٣١١ - ٣٤٥) ؛ وتاريخ كلدو واثور لأدى شير أيضاً (٢: ٨٧ - ٨٨) ؛ ويزداندوخت لصائغ (ص١١١ - ١٢٤، ١٩٣ - ٢٠٢، ٣٠٠ - ٣٠٨) و" Duval la litteratuer syriaque "p.158 وLabourt le christianisme dans L'empire Perse Sous La Dynastie Sassanide 224 - 632 "p. 49"
وفي ١: ٥٧١ ب٧ مظفر الدين قكبري. وهو تصحيف ظاهر. والمشهور في الكتب التاريخية: مظفر الدين كوكبوري فقد ضبطه إبن خلكان (وفيات الأعيان ١: ٦٢٤ طبعة بولاق الأولى) بضم الكافين بينهما واو ساكنة ثم باء موحدة مضمومة ثم واو ساكنة وبعدها راء، وقال إنه اسم تركي معناه بالعربي ذئب أزرق. ولم ينفرد إبن خلكان بهذا الضبط، بل تابعه فيه غير واحد من المؤرخين، راجع في ذلك: تاريخ أبي الفداء (٤: ٣٩٨ طبعة ريسكي، أو ٣: ١٥٣ طبعة الحسينية بالقاهرة) والنجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لابن تغري بردى (٥: ٣٧٨ و٦: ٢٨٢ طبعة دار الكتب المصرية) ، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد الحنبلي (٥: ١٣٨) .
على أن هذا الاسم ورد في بعض المراجع الأخرى بحذف واوه الثانية، فقيل (كوكبري) . راجع: فهارس الكامل لابن الأثير وتاريخ مختصر الدول لابن العبري (ص٤٠٤) والحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة لابن الفوطي (ص٤٤ طبعة الدكتور مصطفى جواد) ، والبداية والنهاية في التاريخ لابن كثير (١٣: ١٣٦)
والسلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي (١: ٢٤٧ طبعة الدكتور محمد مصطفى زيادة) .
وقد قرأنا في ١: ٧٥٣ ١٠ - ١٥ ما هذا نصه: (وهناك مصنف يتعرض لأهمية إربل في تاريخ بلاد الشام (كذا) الديني قبل الإسلام، صنفه كنسي من أسقفية إربل، ونشره منجانا A.Mingana في Sourees Syriagues جـ1، ليبسك 1908 ودرسه ساخو Sachau في Abh. der Berl. Akad wissensch ص 6915 رقم 6" انتهى.
قلنا: في هذه الأسطر المنقولة أمور تحتاج إلى تعديل أو إيضاح.
فلفظة (بلاد الشام) لا معنى لها ها هنا، وهي في الأصل الفرنسى La Syrie وهي على ما يبدو لنا مصحفة عن L Aassyrie أي بلاد آثور، فهو مطابق للمطلب.
أما هذا الرجل (الكنسي) الذي صنف الكتاب المشار إليه، فقد ذهب ناشره إلى إنه (مشيحا زخا) النسطوري، ولكن بعض الباحثين من المستشرقين شكوا في صحة أدلته فلم يوافقوه على رأيه.
وأما (منجانا) فمحرف أيضاً. واسمه الصحيح القس (ثم الدكتور) ألفونس (منكنا) ، وهو امرؤ عراقي ولد في قرية شرانش من أعمال الموصل في شمالي العراق، وبعد أن أنهى دروسه في الموصل وعاش فيها مدة، نزح إلى انكلترة فلبث هنالك حتى توفى سنة ١٩٣٧.
والمصنف التاريخي المشار إليه لم ينشر في ليبسك كما ورد في الدائرة، إنما نشر (بنصه الإرمي منقولا إلى الفرنسية) في مطبعة الدومنكان بالموصل وأمره مشهور. كما أن سخو Sachau لم يدرس هذا الكتاب فحسب؛ بل نقله أيضاً إلى الألمانية بعنوان Chroniu von Arbiaأما الرقم ١٩١٥ المذكور في الفقرة المنقولة أعلاه، فلا يدل على الصفحة، إنما يدل على سنة طبع تلك الترجمة الألمانية.
(يتبع)
