وردت هذه الحكمة بلفظها في كتب كثيرة، والغرض منها مشابهة النحو للملح في الإصلاح، وهو معنى ناصع لا غبار
عليه، وقد تعالمه الناس وتلقوه بالتسليم والقبول خلفاً عن سلف، حتى لقد بلغ من ذيوعه أن العامة في الصعيد يسمون الملح: (المصلح) فلا داعي لأن ينكره الأديب الشرباصي أو يخطئه.
وأما الرواية الأخرى: الهزل في الكلام كالملح في الطعام فلا بأس بها، وورودها لا يفيد عدم ورود الأولى، ويكون وجّه الشبه هنا القلة لا التحسين والتلميح كما ذهب إليه الأستاذ البداري
وقد نظم أحد الشعراء هذه الحكمة على الرواية الثانية مع وضع المزح موضع الهزل، فجاء اللفظ أرق وأعفّ. قال:
أفد طبعَك المكدودَ بالجِدّ راحةً
يجمّ، وعلّله بشيء من المزح
ولكن إذا أعطيته المزح فليكن
بمقدار ما يُعطَى الطّعامُ من الملح
