( هذه قصيدة من الشعر للانتصارات الباهرة التي أحرزها الملك المصري مرنبتاح من عهد الأسرة ١٩ في السنة الخامسة من حكمه على الشعوب والقبائل التي اغارت على مصر شرقا وغربا من ليبيا وفلسطين .
وتعتبر هذه القصيدة وثيقة هامة جدا وفريدة ، نظرا لأنها أول وأقدم نص في الأدب المصري القديم والأدب السعري أيضا ورد في لفظ إسرائيل ، وقد وردت هزيمة إسرائيل موجزة جدا ولكن صريحة للغاية على حد تعبير العلامة برستد ، وذلك في خاتمة النص ولفظ إسرائيل كما ورد هنا مخصص برجل وامرأة وثلاثة خطوط هي علامة الجماعة فهو لهذا يعني قبيلة أو اناسا ولا يعني بأي حال من الأحوال أرضا أو وطنا ، وهو ما قصد إليه الكاتب تماما وقد قمنا بترجمة هذه القصيدة عن نصها الهيروغليفي المنشور " بالدليل العام ، ولفت نظرنا إلي دراستها الأستاذ الفاضل الدكتور أحمد بدوي وقام ببعض التوجيهات والتفسيرات في أسطرها الأولى كما استعين أيضا بتراجم كل من العلماء برستند وإرمرمان وجوالشيف ، وروعيت حرفية الترجمة ) .
التاريخ والمقدمة :
في اليوم الثالث ، من الشهر الثالث ، من فصل الحصاد ، في السنة الخامسة من عهد صاحب الجلالة حورس رع ، الثور القوي ، الذي يغتبط للصدق ، ملك مصر العليا والسفلي ( بان رع مري امون ) بن رع ( مرنبتاح حتب حر معات ) المزيد القوة ، والمعلي سيف حورس رع الثور القوي ، الذي حطم ذوي الأقواس التسعة ( ١ ) وجعل لاسمه الخلود دائما وإلى الأبد .
نجدة مرنبتاح لمصر :
من طبقت أخبار انتصاراته في كل الآقاليم آفاق الأرض ، ومن العمل الصالح مظهر من مظاهر بطولته ، ملك مصر العليا والسفلي ( بان رع مري آمون ) بن رع ( مرنبتاح
حتب حر معات ) الثور المفترس ؛ سيد القوي ؛ الذابح أعداءه ؛ الجميل في ميدان معركة النصر ؛ الذي ضربته تظهر في الحق
من تصد العاصفة التي تلبدت في سماء مصر ، وجعل أرض النيل تري أشعة الشمس ؟ من أزاح جبلا من نحاس من فوق أعناق الناس ، وأعطي النسيم لأولئك الذين غشيهم اليأس .
من جعل أفئدة أهل منف تتشفى من أعدائها ، ومكن آلهة منف الثانين من الانتصار على الثائرين عليها . من فتح أبواب منف على مصارعها بعد أن كانت مغلقة ، ووهب معابدها ما كانت تناله من أنصبة ؛ ملك الصعيد والدلنا ( بان رع مري آمون ) بن رع ( مرنبتاح حتب حر معات ) . الوحيد ، الذي ثبت القلوب ، وقلوب مائة ألف نسمة ، والذي أمام بصره دخل الهواء أنوفهم ( ١ )
هزيمة الليبيين :
من شق بلاد التبعحو إبان حياته ، وبث الهلع في قلوب المشاوشة ( ٢ ) ، وجعل الليبين الذي وطأوا أرض مصر يرتدون على أعقابهم وفي قلوبهم رعب عظيم من مصر . لقد خلفوا طوابيرهم التي في المقدمة وراء ظهورهم . ولم تستطع أقدامهم الثبات ، بل ولت مدبرة بعد أن ألقي رجال القسي أقواسهم ، وقلب جيشهم الفار كان متعبا من السير ، وقرب الماء التي معهم نزعت ورميت ( ٣ ) ، وحقائبهم مزقت وألقيت ( 4 ) .
فرار زعيم ليبيا :
هرب زعيم ليبا الحسبس الساقط تحت ستار الليل وحيدا ، وقد زالت عنه ريشته من فوفي رأسه ( ١ ) ، وغاصت قدماه في الرمال ، وسبيت نساؤه أمام بصره ، وسلب دقيق مؤنه ، ولم يعد عنده ماء في قربة يمكنه من الحياة .
لقد كان وجه إخوته متجهما لحد قتله ( ٢ ) وكل كان يقاتل رفيقه من بين قواده ، وقد احترق معسكرهم ؟ وصارت خيامهم رمادا ، وكل ما يملك صار نهبا لجنوده .
ولما وصل وطنه صار محزرا على الدوام في أرضه ، خجلا محنيا يتقبل الجزاء على حظه التعس الذي أزال عنه ريشته ( ٣ )
الجميع يتكلمون عنه في بلده يقولون : لقد أصبح في قبضة آلهة منف جميعهم ، الذين جعلوا ملك مصر يلعن اسمه ( مربوي ) ملمون منف ، أبدا بعد ابن في أسرته حتى الأبد .
إن ( بان رع مرى آمون ) وراء نفيه ، و ( مرنبتاح حتب حر معات ) سوف يجعله يلقى حتفه .
الحالة في ليبيا :
لقد أصبح مضرب المثل عند الليبين ، وكل فئة من الفئة تقول للفئة الأخرى : " لم يقع لنا ما وقع منذ عهد رع ، وكل رجل مسن يقول لولده : " وأسفاه على ليبيا " .
لقد انعدمت عن الليبين الحياة في مظهرها الجميل حين كانوا يخطرون وسط الحقول فانقطع خطاهم في يوم واحد ، بينما احترق النحو في عام .
الإله سوتخ قد ولى ظهره لزعيمهم ، فهجرت بيوتهم بأمره ، ولم يعد هناك عمل لأحمال في هذه الأيام . صار الاختفاء أمنا ، واصبحت الطمأنينة داخل الكهوف . إنه ملك مصر المعظم الذي يقبض على القوة والسلطان ،
من الذي يحاربه وهو يعرف سطوته ؟ أحمق هذا الذي سوف يلقاه ! إنه لن يعرف مطلع الصبح هذا الذي يطأ حدود مملكته .
حماية مرنبتاح لمصر :
إنهم يقولون عن مصر : منذ بدء الآلهة وهي البنت الوحيدة للاله رع ، وإنه ابن رع الذي يتربع على عرش الإله شو ( ١ ) لا يوجد عقل ( ٢ ) يفكر في الاعتداء علي شعبه ، لأن عين كل إله تطارد من يعتدي عليها ؛ إنها تقبض على نواصي أعدائها .
إن ( الفلكبين ) ( ٣ ) يقولون عن نجومهم ، وذوي الفكر عند ما يتطلعون للربح : " لقد حدثت معجزة لمصر جعلت كل من يعتدى عليها سجينا طول حياته مدى الدهى ، بأمر الملك القدوس المنتصر على أعدائه أمام رع .
لقد اندحر مربوي فاعل الشر وباعث الفتنة ، الملعون من كل إله في منف ، وحوكم على يد الملك في هليوبوليس حيث قرر الآلهة التسعة أنه مذنب لأجل جرائمه .
الآداب تتوج مرنبتاح :
قال رب الآلهة : أعط السيف لولدي ، القوي القلب ، الطبيب ذي الرحمة ( أن رع مري امون ) بطل منف ، المتحدث عن هليوبوليس الذي يفتح المدن المغلقة ليفك سراح الجماهير المكبلة في الأسر في كل بلد ؛ ويمنح القرابين للمعابد ؛ ويدع البخور يدخل على الآلهة ، ويمكن الأمراء من ان يستعيدوا أملاكهم ، ويعيد البؤساء إلى مدنهم .
ثناء هليوبوليس :
بم يتحدثون في حضرة عظمائهم في هلبوبوليس عن ابنهم ( مرنبتاح حتب حر معات ) قائلين : هبه البقاء مثل رع ، ودعه يدافع عن كل معتدي عليه من أي بلد اجنبي . مصر قد صارت من قسمته للأبد وقوته في شعبه .
تأمل ؛ من يعش في عهد هذا البطل تأت إليه أنفاس الحياة سراعا ، والرخاء يتدفق على كل من كان على حق . أما الشرير فلن يستطيع أن يحتفظ بغنمه . ومن يحصل على ثراء بطريق غير مشروع سوف يؤول ثراؤه إلى آخرين لا إلى أبنائه .
قيل : إن مربوي المنهزم الحقير ، الليبي المندحر ، جاء ليطأ حوائط الإله تنن ( ١ ) الذي جعل ولده ( بان رع مري آمون ) بن رع ( مرنبتاح حتب حر معات ) يشرف على عرشه .
وقال الإله بتاح عن الليبي المغلوب : " كل جرائمه سوف تتجمع وتنصب على رأسه ، دعه يقع في يد ( مرنبتاح حتب حر معات ) حتى يجعله يطرش ما ابتلعه كالتمساح " .
تأمل ؛ إن الأسرع هو الذي يأخذ بتلابيب من كان سريعا ، فالملك سوف يقتنصه رغم ما هو معروف عن قوته . لأن آمون سوف يأخذه بيده ويسلبه إلى روحه في هرمونتيس ( ٢ ) ؛ إلى ملك الجنوب والشمال ( بان رع مري أمون ) بن رع ( مرنبتاح حتب حر معات ) .
نشوة النصر :
لقد عم مصر طرب عظيم ، والفرح يتقاطر قدما من مدن مصر ، والناس يتجاوبون الحديث عن الانتصارات التي أحرزها ( مرنبتاح حتب حر معات ) على التحنو . . يقولون : " كم هو محبوب الملك المظفر ! كم هو مبجل لدى الآلهة كم هو ذو حظ عظيم الملك القائد !
( الآن ) تستطيع أن تجلس في نشوة وتتكلم ، وتستطيع أن تمشي حرا في الطريق . لم يعد هناك وجل في قلوب الناس . الحصون تركت لذاتها ، والآبار فتحت من جديد ، الرسل تنهار تحت شرف الحوائط تستظل من الشمس حتى يستيقظ الحراس ( ٣ ) .
وجنود المآنوي ( ١ ) ترقد تغط في سبات عميق ( ٢ ) ، وحرس الحدود وسط المزارع وفق هواهم ( ٣ ) . وقطعان الماشية في الحقل تركت تمشي على رسلها بدون رعاة عابرة الجدول الفائض لم يعد هناك ارتفاع لصيحة في الليل : " قف ! تأمل شخص قادم ! شخص آت ذو لسان اجنبي ! " .
الناس تروج وتجيء تغني ، ولم يعد هناك عويل لأناس حزانى . عمرت المدن من جديد ، ومن يبذر حبا سوف يأكله . الإله رع أدار وجهه نحو مصر ، لقد ولد ليكون حاميا لها . ملك مصر العليا والسفلي ( بان رع مري آمون ) بن رع ( مرنبتاح حتب حر معات ) .
انتصار مرنبتاح بفلسطين ( 4 ) :
لقد انكفأ الزعماء على وجوههم قائلين : " السلم " ( ٥ ) ولم يعد أحد يرفع رأسه من ذوي الأقواس التسعة . خربت محنو وسكتت حبا للسلام نهبت باكنعان وذهب معها كل شر خسفت عسقلان وأخذت معها جزر اندثرت بانوعام وصارت من عدم أبيدت إسرائيل ، ولم يعد عندهم حبوب . وصارت فلسطين أرملة ( ٦ ) أمام مصر كل الأقاليم قد وجدت وعم ربوعها السلام وكل من كان تأثرا أصبح في قبضة ملك الوجهين ( بان رع مري آمون ) بن رع ( مرنبتاح حتب حرمعات ) الذي يوهب الحياة مثل رع كل يوم .

