الأدب المجري الحديث
خواصه ومميزاته
نشرت (مجلة المجر الجديدة) مقالاً عن دور الشباب في تطور الأدب المجري المعاصر، فوصفت الخواص التي يتميز بها أدب الشباب سواء في الشعر أوالنثر؛ وقالت إن الأدب المجري الحديث يرجع إلى أواخر القرن الماضي، ويمتاز قبل كل شيء بالخروج عن النزعة (الغربية) التي بلغت ذروتها بالشاعر الكبير (آدي) أعظم شعراء المجر في القرن الماضي؛ كما أنه يمتاز بالإغراق في المظاهر الشعبية، والتعلق بالأصول الشقية للروح المجرية، والتأثر بالحياة الريفية.
ومع ذلك فإن أساس التطور الحديث في الأدب المجري، هو شعر(آدي) ؛ ومن المحقق ان الأدب المجري المعاصر، إذا راعينا أكابر الشعراء مثل يوسف أرديلي، ويوليا الياس، وآتيلا يوزيف، ولوران زابو وأكابر القصصيين مثل آرون تمازي ويوسف نييرو، يجوز مرحلة عود على البدء. وإنها لظاهرة جديدة فقط أن تتجه الأفكار إلى استكمال الأساطير القوية الجديدة، وإلى اعتبارات الجنس والأرض والتاريخ في نوع من المظاهر الشعبية الجديدة؛ والجيل الحاضر ينظر إلى التطور القديم بهذه الروح بينما يعمل على إحياء النزعة التي أشرنا إليها، ومن ثم كانت أعظم مصادر وحيه، السياسة والمجتمع؛ وكثير من شعراء العصر يرددون قول الشاعر يوتوتوس: (إن الشاعر الذي لا تهزه عواطف عصره، يمزق أعصاب غنائه)
وفي مقدمة شعراء هذه الطبقة يوسف أرديلي ويوليا إلياس. ومن يقرأ أرديلي في قصيدته الشهيرة (بلا صلاح) أو قصيدته (النجم الفريد) يشعر بأثر الرسالة التي يقول الجيل الشاب إنه يقوم بها. وليوليا إلياس قصة شعرية ظهرت أخيراً عنوانها (شباب) ، وهي تفيض بالجمال الابتداعي والنزعة الغنائية، ومن نظمه أيضاً (ثلاثة شيوخ) . وهو أشد من يمثل نزعة
الجيل الجديد من حيث النزعة الغنائية والفردية، والطموح إلى استكمال التقاليد والتعلق بالتراث الشعبي.
ومعظم هؤلاء الشبان لا يعني بالشكل، وينكرون في نوع من التحدي أناقة اللفظ أو ضخامته؛ وكثير منهم يجنح إلى القديم الساذج، وإلى الرو الشعبي، وشعرهم ينضح على العموم عن لون قومي قوي، وهم في الواقع (أبناء الشعب) ينشئون في مهاد (الفقر العذب) ، وينزعون إلى بساطة اللفظ، وإلى التقاليد وإلى الأساطير وإلى كنوز الخيال الشعبي.
وأما النثر، فمن أقطابه يوسف نييرو القصصي الكبير؛ وهو كاتب ذو نزعة دينية إنسانية ترجع إلى تربيته الكنسية، فقد نشأ قساً، ثم حمله تيار الأدب. وهو ريفي النزعة من حيث المادة والوصف يصور لك الوطن المجري، ولا سيما وطنه (ترانسلفانيا) في صور قوية مؤثرة، ومن أشهر قصصه (تحت نير الله) وهي في الواقع قصة حياته الكهنوتية عرضت في قالب قصصي مؤثر؛ وله مجموعة أقاصيص شهيرة من أبدع ما أخرج الأدب المجري المعاصر
ومن أقطابه آرون تمازي، وهو قصصي بارع ينزع إلى المأساة، ويلزم الطابع القومي العميق، وله مجموعة قصص تفيض سحراً وإنسانية عنوانها (كواكب ترسلفلنيا) ، ومجموعة أخرى عنوانها (عصفور الصباح) يدعو فيها إلى المثل الأعلى. ومنهم جان كودولاني، وهو مصور بارع لمناظر القرية ومجتمعها. وكذلك زولتان ستنيا، فهو يصف في قصصه نجتمع الأعيان المنحل؛ وبول زابو، وهو كاتب ريفي محض وافر الطرافة والقوة.
والفرق قوي واضح بين ذلك الجيل وبين الجيل المنصرم الذي كانت تغلبه النزعة (الغربية) . وليس الفرق متعلقاُ بالشكل فقط، بل هنالك ثمة صورتان مختلفتان، تمثل كل منهما ناحية من الروح المجرية؛ وإلى الأولى ينتمي أبناء الأعيان والموظفين الذين متى اضطروا إلى نبذ ترف هذه الحياة، لجئوا إلى عالم الكتب ليتخذوا منه سداً بينهم وبين حياتهم المسكينة، وينتمي
إلى الثانية أبناء الفلاحين وطبقة الأعيان الريفية التي تقرب منهم والساخطون على هذا المجتمع، وهم الذين يزعمون أنهم رسل الإصلاح الاجتماعي، وعلى العموم فان البون شاسع بين الكتاب الجدد وبين الجيل القديم سواء من حيث النظر إلى العالم وإلى الحياة.

