الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 253الرجوع إلى "الرسالة"

Share

المغرب الأقصى كما هو اليوم

في الأسبوع الفائت ألقى ضيف مصر الكريم الأستاذ محمد  المكي الناصري مدير معهد الأبحاث المغربية في تطوان محاضرة  عن   (المغرب الأقصى كما هو اليوم)  بدأها بالكلام عن المغرب  قبل دخول الإسلام إليه وقال إن هذه الكلمة كانت تطلق على  الجزائر وتونس ومراكش قبل أن يفصلها الاستعمار الأوربي  بعضها عن بعض فأصبحت كلمة المغرب تطلق على مراكش فقط. ثم تكلم عن حدود البلاد ومناخها وخصب تربتها وغناها بالمعادن  ومما هو كفيل بإيجاد نهضة زراعية وصناعية كبيرة لو أتيح لها  ما تصبو إليه وتجاهد من أجله وهو نيل الاستقلال التام وإدارة  شؤونها بنفسها. ثم تكلم عن أهل البلاد وعناصرهم الأولى  قبل الإسلام وقال إن الفتح الإسلامي لما دخل هذه البلاد وحد  عناصرها المختلفة

ثم ألقى المحاضر نظرة على الأسر التي تعاقبت على الحكم في  المغرب. ثم تكلم عن عهد الاحتلال الحالي وأفاض في وصف  مطامع المستعمرين وجشعهم وقال إن فرنسا لما دخلت البلاد أدخلت  نظاماً من مقتضاه إيجاد سلطتين سلطة مغربية والأخرى فرنسية  وهما سلطتان متباينتان كثيراً ما تتغلب إحداهما على الأخرى  ولهذا قضي على الوحدة فتجزأ المغرب وأعطيت لفرنسا المنطقة  السلطانية ولأسبانيا المنطقة الخليفية واعتبرت منطقة طنجة  منطقة دولية

وتوجد بجانب كل إدارة وطنية إدارة أخرى أجنبية تهيمن  عليها وتكاد تجعلها صورية، فالسلطة التشريعية في يد الأجانب،  أما السلطة التنفيذية فيوجد في كل مدينة إلى جانب الحاكم الوطني  حاكم يطلق عليه لقب   (الباشا)  وحاكم القرية يلقب   (بالقائد)   ويلقب الحاكم في المنطقة الخليفية   (بالمراقب)  وفي المنطقة السلطانية

(بالحاكم)  وأسهب في وصف مساوئ هذه الإدارة المزدوجة  وقال إنه توجد هناك محاكم للأحوال الشخصية تصدر أحكامها  وفقاً لمذهب الإمام مالك وتوجد إلى جانبها   (محاكم القواد)   للفصل في قضايا الجنح والسرقات وغيرها. ويوجد مجلس أعلى  تستأنف إليه أحكام محاكم الجنح ومجلس شرعي تستأنف إليه  أحكام المحاكم الشرعية

ويوجد قسم كبير من الأراضي موقوف على التعليم الديني  ولكن الاحتلال وضع يده عليها فحول كثيراً منها في غير الوجهة  التي أوقفت عليها ما عدا المنطقة الخليفية فقد سلمت الأراضي  الموقوفة فيها إلى يد الخليفة. وقال إن التعليم في البلاد ينقسم إلى  ثلاثة أقسام رسمي وديني ووطني؛ فالرسمي مهمته الكبرى في  المنطقتين هي بث روح الاستعمار بين الأهالي، وقد استصدروا  أمراً في المنطقة الخليفية بتعريب التعليم فيها ولا يزال السعي مبذولاً  لتنفيذه، أما التعليم الوطني فيشمل جميع البلاد، ولكن الاستعمار  أصدر أمره في أكتوبر الماضي بأن يقتصر هذا التعليم على مادة  تحفيظ القرآن فقط، وأما التعليم الديني فنحن نطالب بتجديده  وتنظيمه وفق النظام المتبع في الأزهر الشريف في مصر

وبعد ما تكلم المحاضر عن كثرة الأحزاب في المغرب قال  إن البلاد فيها نهضة أدبية وفنية وفيها كثير من الأدباء والمثقفين  الذين يعتمد عليهم في الجهاد لتخليص بلادهم من أيدي المستعمرين.  وقد تألفت فيها كتلة العمل الوطني لهذا الغرض بزعامة الأمير  محمد بن عبد الكريم المعتقل الآن، وهي تتأثر في عملها بمصطفى  كامل وسعد زغلول وغيرهما من زعماء الشرق

وهنا قويت حماسة الخطيب البليغ فاندفع كالسيل يقول إن  ما ننتظره الآن من المشارقة ومن مصر خاصة باعتبارها زعيمة  الشرق أن يتجهوا بأبصارهم إلى بلاد المغاربة باعتبارها أوسع رقعة  في بلاد شمال أفريقية ومن أكثرها تمدناً ورقياً وأقواها جلداً  على الجهاد في سبيل رفعة شأن الإسلام

اشترك في نشرتنا البريدية