الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 471الرجوع إلى "الرسالة"

Share

عالم الذرة

أن يصعد إلى النجوم قربها إليه بأجهزته وصورها وكبّر تلك الصور  ودرس الأطياف طبقاً لقوانين الحل الطيفي، تلك القوانين التي أثبتها  المختبر، والتي ندين لها بكل التقدم العجيب في علم الفلك الحديث.

ورواية هذا العلم الجديد - أعني علم الحل الطيفي - ممتعة  مدهشة. وسأذكر بإيجاز أشخاص المسرحية وملخص أدوارهم:

أول ما يظهر على المسرح نيوتن الخالد الذي كانت اكتشافاته  ولا تزال العامل المشترك الأعلى في جميع العلوم. ظهر على المسرح  فأدهش الناس حين عرض عليهم نور الشمس وقد تحلل إلى ألوانه  البديعة السبعة، تلك الألوان التي تبديها الطبيعة في أجمل مناظرها:

قوس قزح. وتلاه في التمثيل العالم ولستن فأثبت أن لكل غاز  طيفاً خاصاً وخطوطاً خاصة يتميز بها عن غيره من الغازات. هنا  عرفنا أن بعض العناصر الموجودة على الأرض موجودة في السماء.

ولعل الدور الحاسم كان دور فرنهوفر فقد دخل المسرح والناس  قد اشرأبت أعناقهم لتتبع أحداث الرواية اللذيذة فاكتشف خطوط  فرنهوفر التي تظهر في طيف الشمس وهي خطوط سوداء لا تتغير  مواضعها، وسببها - كما عللها العالم الإنجليزي ستوكس - أن الغازات  الموجودة في الشمس تمتص الأشعة الخاصة بها، فبدل أن تبدو  خطوطها لامعة كما في طيفها المستقل تبدوا أماكن تلك الخطوط  مظلمة سوداء. وهكذا تسنى للعالم كيرشوف أن يدرس الشمس في  المختبر بعد الآن. وماذا كان عليه إلا أن يحلل النور القادم على متن  الأثير ويقيس الأمواج ويقارنها بالأمواج التي يحصل عليها في المختبر  من الشرارات الكهربائية والقوس الكهربائي والأنابيب المضيئة.

ومن هنا أمكن كلا من العالمين (لُكير)  و (جونسون)   أن يكتشفا في وقت واحد غازاً جديداً في الشمس أسمياه باسمها    (الهليوم) ، وأثبتت الأيام صحة دعواهم فاكتشف الكيميائي  رمزي غاز الهليوم على الأرض، وتبين أن له نفس الخواص  الطيفية التي تنبأ العالمان لكير وجونسون من قبل باتصافه بها

بعدئذ أو بعد منتف القرن التاسع عشر إذا أردنا أن نعرف  أين نحن من مر السنين، بدأت دراسة أطياف النجوم والأجرام  السماوية دراسة واسعة النطاق. فقد فحص الأب أنجلو سيشي F.Angelo Secchi ما يقرب من أربعة آلاف نجم. وأحسن  الدراسات الحديثة لأطياف النجوم وأعمقها وأكثرها شمولاً  تمت على يدي الآنسة آني كانون Annie Cannon فقد صنفت  نحو ربع مليون نجم بحسب ترتيب خواصها الطيفية. وقد أسفر

هذا التصنيف بكثير عن الحقائق عن تركيب النجوم ونشوئها.  ولا يتسع لي المقام لبحث هذه النتائج، ولكنني بإيجاز أورد هنا  خط التصنيف من دون تعليق:

لا بد لما من معرفة بسيطة لتركيب الذرة لما لأبحاث الذرة  الجديدة من علاقة وثيقة بعلم الفلك على وجه العموم، وقلوب  النجوم على وجه الخصوص

عالم الذرة الذي انحصر في أصغر جزء من المادة عالم زاخر  مملوء بالرؤى والأخيلة الواسعة. وهو معقد بشكل لا نستطيع  معه أن نلم بدقائقه فلنرسم لهذا العالم صورة خاطفة سريعة لتفي  بغرضنا الذي نتوخاه

الذرة نظام شمسي، النواة فيها تقوم مقام الشمس، والكهارب    (الإلكترونات)  تمثل دور السيارات، فتدور حول النواة بسرعة  غريبة جداً، وتدور كالسارات في أفلاك أهلجية وربما في أفلاك  دائرية، ولكن لا ضابط لهذا الدوران، فأنت لا تستطيع أن  تعرف مكان الكهيرب وسرعته في آن واحد، كما تستطيع أن  تحسب مكان الأرض مثلاً وسرعتها بحيث تتنبأ بوقت خسوف  أو كسوف لأقل من عشر الثانية. أقول لا تستطيع أن تعرف  سرعة الكهيرب ومكانه في آن واحد؛ فإن عرفت السرعة تعذر  تعيين المكان، وإن عرفت المكان تعذر تعيين السرعة. ومن هنا

اشترك في نشرتنا البريدية