قضاة الغرام:
أرادت مجلة (الاثنين) أن تستفتي الأدباء في مشكلة من أهم المشاكل التي تشغل بال الرأي العام في هذه الأيام. . . هي مشكلة غرام! فقد ساءت العلاقة بين شاب وفتاة، وتكرر وقوع الاعتداء من أحد الطرفين على الآخر، فأصبح الأمن بذلك مهدداً في عالم الغرام. . . ولم يستعن الفتى بخبراء، ولم ينتظر قرار هيئة مستشارين، بل أسرع في كتابة العريضة ورفعها إلى (الاثنين) يقول إنه أحبها، وأحبته، وهو رقيق الحال معتز بكرامته، وهي ربيبة نعمة وجاه (وأعتدي المال على الفقر مرة واثنتين وثلاثاً، وثارت الكرامة وتطلبت الاعتذار. . . ولكن الفتاة لم تعتذر، لأنها لم تتعود الاعتذار. وإنه لفي حيرة لا يدري أيكون أكثر شقاء بالصفح والغفران، أم بالقطيعة والهجران. . .)
وتلفتت (الاثنين) _أو الاثنان_حولها، تبحث عمن ينظر القضية. ومن لها غير الأدباء؟ أليسوا أساة القلوب وقضاة الغرام؟ ومتى تلجأ إليهم إن لم يكن هذا وقتهم! وفيم تحكمهم أن لم يحكموا في هذا الأمر الجلل؟ أفي كهربة خزان أسوان ولا يتصل لمثل هذا بهم شغل؟ أم في مسائل تتصل بأدبهم ولكنها تشق على الأذهان الناعمة. . .؟
واصدر الأدباء، فلان وفلان وفلان، حكمهم، فمنهم من رأى أن كل شيء يهون إلا الشرف، ومنهم من قال: لغة الحب الضنى! ومنهم من أنشد: (ليس لمخضوب البنان يمين) وهكذا عولجت المشكلة وانتهت القضية واستتب الأمن في عالم الغرام!
ولكن هل ينبغي أن تقصر العناية على هذه المشكلة (الحيوية) ؟ وهل يصح إلا يدعي الأدباء إلى غير ذلك مما يهم الناس. . .؟
باسم أدباء العرب:
من الأنباء الأخيرة أن أحد أعضاء المؤتمر الدولي لنادي القلم
المجتمع في زيورخ، اقترح اتخاذ قرار بالثناء على الشعب اليهودي والأنحاء باللائمة على خصوم الصهيونية والرغبة في معاملة الوطن القومي لليهود على قدم المساواة مع سائر دول العالم، فقابلت كثرة المؤتمر هذا الاقتراح بالتصفيق.
غير أن الأستاذ كميل أبو صوان مندوب لبنان (وهي الدولة العربية الوحيدة الممثلة في المؤتمر) قد احتج على هذا الاقتراح باسم الأدباء العرب، مما أدى إلى نقاش عنيف بين أعضاء المؤتمر انتهى برفض الاقتراح لأن قانون المؤتمر يحرم التعرض لأية مسألة سياسية وهذا - ودون شك - عمل رائع من الأستاذ كميل أبو صوان، ومما يزيد روعته أنه أدى إلى رفض الاقتراح الذي أريد به تأييد الصهيونية.
الفنيون وتيسير الكتابة العربية:
لما كان تيسير الكتابة العربية موضوع مسابقة جائزتها ألف جنيه، وقد دخل فيه نحو مائتي متسابق بينهم فنيون وفنانون لهم قيمتهم، وهم مختلفون في منازعهم، حتى أن مجمع فؤاد الأول للغة العربية القائم ببحث هذا الموضوع، تلقى رسائل فيه من أمريكا ومن روسيا ومن الهند وغيرها من سائر الأقطار والأصقاع، ولأهمية هذا الموضوع وخطورة أثره، رأى المجمع ألا تنفرد لجنة تيسير الكتابة العربية بالحكم على هذه المشروعات،
وأن ترجئ نظرتها حتى تسمع رأي حكام فنيين في الخط وفي الطباعة، فقد يعجب اللجنة مشروع يصعب تنفيذه في العمل، فتبطل قيمته، وتنعدم جدواه، وقد يروق اللجنة مشروع من وجهته العامة ولكنه في أداء مقتضيات الكتابة العربية ناقص أو عسير التحقيق، ورأت اللجنة أن أعضائها وأن كان لهم بصر بالكتابة العربية، وسابق نظر في المشروعات والمقترحات التي بسطت للتيسير، فانهم ليسو بالفنيين المتجردين لشؤون الخط والطباعة.
لذلك كله قرر مجلس المجمع، في جلسته التي ختم بها دورته الماضية، تأليف لجنة من فنيين في الخط وفي الطباعة اختار لها المدير العام لمصلحة المساحة رئيساً، ويتكون أعضاؤها من كبير الخطاطين بمصلحة المساحة والأستاذ السيد إبراهيم الخطاط،
والشيخ محمد فخر الدين بك، ومدير المطابع والتوريدات بمصلحة السكة الحديد، ورئيس مطبعة دار الكتب، والأستاذ شفيق مترى صاحب دار المعارف. وضم إليهم الأستاذ شارل كونتز مدير المعهد الفرنسي بالقاهرة باعتباره فنياً في الخطوط السامية وأحد الذين تتبعوا تطور الكتابة العربية، ليقارن بين الخطوط المقترحة وبين الخطوط السامية.
وتعقد هذه اللجنة بدار المجمع اجتماعات أسبوعية توالي فيها النظر في المقترحات المقدمة. وينتظر أن تقدم تقريرها في هذه المهمة إلى المجمع قبل انتهاء عطلة الصيف حتى يستطيع المجمع أن ينظر فيها في مقتبل دورته القادمة. . .
