الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 10الرجوع إلى "الفكر"

أصداء الفكر

Share

* الثقافة في بيان الحكومة التونسية : جاء في أول بيان ألقاه أمام نواب الشعب بمجلس الأمة الاستاد محمد مزالي الوزير الأول والأمين العام للحزب عن الثقافة ما يلى :

" وفى الميدان الثقافي قام النظام البورقيبة بسعى حثيث لتثقيف الجماهير وذلك بإحداث الهياكل المطلوبة ، وفي هذا الصدد قامت الحكومه بدور أساسى في اشاعة دمقراطية الثقافة ونشر القيم المتماشية مع أخص خصائص الشعب التونسي المتمسك باصالته وبمبادىء التفتح على العالم ،

وان ما امكن تحقيقه في هذا المجال ليعد كسبا ثمينا يتعين علينا مواصله اثرائه وتعميقه ، ذلك أنه اذا كانت الثقافة تهدف الى ضمان مناعه المجتمع بتعزير قيمته الحضارية والاخلاقية والروحية وبتمكينه من شق طريق المستقبل فان الواجب يدعو الحكومة الى تكثيف جهودها من أجل اقحام العمل الثقافى في الدورة الاقتصادية ، اذ ان ربط الاسباب بالمسببات فى هذا الميدان ، عن العلاقة الجدلية القائمة بين هذين العاملين الحضاريين لم يعد فى حاجة إلى الاثبات ، فالعمل الاقتصادى رغم اولويته ، لا يمكن له ان يضمن الرقي بمفرده .

ان الثقافة ليست عملية خلق جمالية فقط ، انها انتاج ايضا وبهذا الاعتبار نخضع الثقافة الى مقاييس القطاع الاقتصادى ومتطلباته ففي ميدان الثقافة يجوز لنا ايضا ان نتحدث عن الاستثمار واحداث مواطن الشغل وتنظيم الهياكل والتسويق ولذلك لا يمكن بحال من الاحوال ان يبقى الانتاج الثقافي نشاطا هامشيا او طفيليا ،

ان صناعة الكتاب والسنيما والموسيقى ، وكذلك الفنون التشكيلية والمسرح المعمار وغيرها من النشاطات الفنية تقتضى كلها منا ، على غرار ما قامت به الدولة في الميادين الصناعية الجديدة على مجتمعنا ، ان نوجد لها التشريع الملائم لازدهارها ،

ولا يتعلق الامر بالنسبة الينا " بتوظيف " الثقافة وتحميل ميزانية الدولة وحدها العبء كله ، بل اننا سنعمل بما نتخذه من قرارات ، على ان نحسس

المستثمرين ورجال الاعمال وعلى ان ندفعهم الى اقتحام الميدان الثقافي للنهوض به ولتنشيطه بتشجيع الدولة وارشادها . كما ان الامر لا يتعلق " بتصنيع " الثقافة وتعليبها بل اننا سنعمل على ان يجد المنتج الثقافي الظروف المواتية للخلق الفنى فى حرية تامة وبمعزل عن الضغوط المستلبة التى ربما تؤدى به الى الزيف والتنكر لقيمه الحضارية . وبهذا نكون قد وفرنا للثقافة محتوى يغذى هياكل التنشيط الثقافي ويمكن من اقرار تعاون ثقافى متوازن مع كافة البلدان ، وفي هذا الصدد يجب تدعيم تمثيلنا الثقافى فى الخارج خاصة عن طريق ملحقين ثقافيين اكفاء يستطيعون ابلاغ اصوات المبدعين من كتابنا ومفكرينا وذوى المواهب من فنانينا .

* صاحب " الفكر" الاستاذ محمد مزالي : من خلال الذكرى والحلم تحت هذا العنوان نشرت جريدة "بلادى" فى عددها الصادر بتاريخ 2 جوان 1980 ص 22 ما يلى بقلم الاديب المعروف محمد مصمولى : على هامش تكريم " اتحاد الكتاب التونسيين " للاستاذ الكبير محمد مزالى بمناسبة تعيينه أخيرا من قبل فخامة رئيس الجمهورية على رأس الحكومة والامانة العامة للحزب ليس كثيرا - على الاقل بوصفي واحدا من المعترفين بفضل صاحب " الفكر " - ان اسجل بعض الخواطر والانطباعات التى فجرتها فى نفسى هذه المناسبة .

صعب جدا أن يمدح الانسان نفسه أو أن يتقدم اليها بالتهنئة العلانية  أقول هذا لاعتقادى ككاتب بأن الشرف الذي خص به فخامة رئيس الجمهورية أديبنا الكبير الاستاذ محمد مزالى هو - فى واقع الامر - شرف لكل الادباء والكتاب الواعين . لذلك فان التهنئة للاستاذ محمد مزالى هى تهنئة لكل الادباء المؤمنين بأهمية دورهم فى البناء والتأسيس وفي خدمة الوطن والحضارة وتحريك التاريخ والدخول فى معركة "بالسلاح الابيض" ضد القالبية والجمود وسوء الفهم ... والتخلف ... والدونية ... والنقص ...

اذا انطلقنا من هذا الاساس من الترادف ، وسمح لى الاستاذ الكبير بتجنب عملية التهنئة للذات بالتهنئة لسيادته ، فانه يصبح من المعقول - بعد ذلك - ان نرفع هذه التهنئة الصادقة الى مركز " رئاسة الحكومة " الذي حظى لاول مرة على صعيد العالم العربى (كما علق بعضهم ) ... بأديب من طراز الاستاذ الكبير محمد مزالى الذى جمع فى شخصه الى جانب الرصانة والفاعلية وبعد النظر والممارسة الواعية للديمقراطية بين "الفكر" و" الفعل " ... وبين القول الصادق والعمل المخلص ... ما معنى هذا ؟ معناه أن فخامة رئيس الجمهورية بتعيينه على رأس الحكومة لكاتب من

السادة النواب ، الى أول بيان يعرضه عليهم السيد محمد مزالى بوصفه وزيرا أول كانت فعلا ، جلسة مشهودة لسببين اثنين : 1) لان السيد محمد مزال قدم بيانا هاما يعتبره الملاحظون ميثاقا جديدا متفتحا على المقتضيات الجديدة لحياتنا اليومية بمختلف اوجهها ( سياسيا اقتصاديا واجتماعيا ،، ) بحيث اننا انصتنا اليه وهو يتحدث عن الكثير من همومنا وآمالنا وطموحاتنا ...

2) لاننا شعرنا ان قاعة المجلس تخلصت ، امس ، من " جو الهيلمانات " والابهة ،، واحاط الوزير الاول الجلسة بهالة من الرصانة والتواضع والاتزان الوضوح الحقيقي فجاء بيانه كبيرا ، وكانما كان يتكلم بالنيابة عن 6 ملايين من البشر فردا فردا ، ومن القلب الى القلب وهذا يعنى ، فى كلمة مختصرة اننا بدأنا ندخل فى عصر اسلوب جديد قريب منا ، كأشد ما يكون القرب ويبعث فى النفوس الامل والاطمئنان .

بطبيعة الحال لا يمكن ان نصفق بحرارة على بيان الوزير الاول أمس ، ونحن مطمئنون على اننا قد صفقنا له بقلوبنا وعقولنا ،، وما اقل البيانات في بلادنا ، التى تنزع التصفيق لها بالقلوب والعقول ،، وما اكثر البيانات التى تثير "زوابع" من التصفيق الموزع جزافا بدون حساب وبدون جدوى واضحة !!

* الشخصية التونسية :

تحت هذا العنوان كتب الاديب المعروف الاستاذ : رجاء النقاش فى جريدة " الراية " القطرية اليومية بتاريخ 31 / 5 / 1980 يقول :

كلما التقيت بصديقي الفنان الانسان المثقف عبد الرزاق شطا سفير تونس فى الدوحة ، وقضيت معه ساعة أو بعض الساعة ، شعرت بسعادة غامرة تملأ قلبى وعقلي ، وشعرت بذلك العطر الحلو البديع ، للشخصية التونسية التى أحبها ، وأجد فيها نموذجا حيا أصيلا للجانب المتحضر الراقي من الشخصية العربية . وما من مرة التقيت فيها بعبد الرزاق شطا ، الا وارتفع بى هذا الصديق التونسي الكبير الى مستوى من التفكير والشعور والحوار العالي في الثقافة والادب والفن . فهو قليل الحديث ، ولكن حديثه القليل انفذ الى القلب والعقل من مئات المجلدات ، لأنه يختار كلماته ، ويعيش دنياه كلها بقلبه وعقله ، وحماسه لكل ما هو جميل وهو يملك تلك اليقظة الوجدانية الرفيعة التى تجعل منه " قطعة من الموسيقى الانسانية " الصادقة وصدقونى اننى لا أجامل هذا الرجل ، فليس بينى وبينه ما يدعو للمجاملة ، فلا عندى له شىء أقدمه ، وأنا كاتب لا يملك الا أوراقه وأقلامه وقوت يومه ، وليس عنده

لى شىء أطلبه منه غير هذه الصداقة الكريمة التى أعتبرها نعمة انعم الله بها على قلبي ، فملأته بالراحة والسكينة ، بعد ان جئت الى الدوحة لأعيش فيها فترة من فترات عمري وتجربتى الصحفية والفكرية والانسانية .

وعبد الرزاق شطا ، أحد الامثلة الحية للشخصية التونسية الرقيقة المتحضرة ، وهي الشخصية العربية التى احتكت بالغرب فأخذت أفضل ما فيه ، وحافظت على اصالتها العربية ، فكان هذا المزيج المتميز بعطره الخاص ، واثره الجميل ، وشغفه العميق بالتطور والتقدم .

ولقد كان المدخل بالنسبة لى لمعرفة الشخصية التونسية هو الشعر . شعر ابي القاسم الشابى . وشعر بيرم التونسى . ورغم ما بين الشاعرين من خلاف فى طريقة التعبير فهناك تشابه بينهما فى القيمة الفنية والفكرية وتشابه فى المستوى العالى الذي يرتفعان اليه كشاعرين من الدرجة الاولى فى عصرهما وفي كل العصور . والغريب ان الشاعرين التونسيين الكبيرين قد وجدوا شهرتهما الاولى والاساسية فى مصر . ففي مصر اشتهر شعرهما ، وأصبح الشابى ، عن طريق مجلة " أبوللو " نجما من نجوم الشعر العربي في الثلاثينات . أما بيرم فقد ولد فى الاسكندرية وكان أبوه تونسيا مهاجرا الى مصر . أو بالاحرى منتقلا الى مصر . لأن مصر كانت على مر التاريخ الاسلامي تستقبل باستمرار أهل المغرب العربي وتفتح لهم صدرها وتعطيهم كل الحب والتقدير وتعتبرهم مواطنين من أعز أبنائها وأقربهم الى القلب .

لقد أحببت الشخصية التونسية منذ صباى الاول من خلال اشعار الشابى . وسجلت في مذكراتى وأنا طالب صغير أننى أتمنى أن أكون كاتبا . وانني اتمنى أن أؤلف أول كتاب لى عن أبى القاسم الشابى . وهذا ما كان منى ، فقد اصدرت كتابي الاول وكان مجموعة من المقالات ، فلم أعتبره كتابا ، وإنما اعتبرته تجميعا لمقالات متفرقة ، أما الكتاب الاول فعلا فقد كان كتابا صغيرا عن أبي القاسم الشابي ، وقد كتبت هذا الكتاب كأنني أكتب رسالة " غرامية" لحبيبة غالية بعيدة ، ذلك لانني كنت أعشق شعر الشابي ، وأعشق تونس - بشرا وطبيعة - من خلال كلماته الحلوة العذبة الجميلة . وفي الشابى وجدت صفات رئيسية هى فى رأيي ما يميز الشخصية التونسية كلها ، ففي شعره عذوبة ورقة ، وفيه ثورة ورغبة عميقة فى تجديد الفن والحياة ، وفي شعر الشابى احساس حضاري دقيق ، فهو يرفض الجمود العقلي والروحى ، ويتطلع الى نور الحضارة تطلعا صادقا أمينا ، وفى شعر الشابى ما يمكن ان نسمية بالانضباط والتوازن الحضارى السليم ، فلا هو انفصل عن تراثه العربى واندمج فى الغرب حتى ذاب فيه ، مثل بعض الاخوان من كتاب لبنان وغيرهم من البلاد

العربية ، ولا هو رفض الغرب نهائيا ورفض حضارته ، وأصبح صورة تقليدية تكرارية من التراث العربي القديم ، لقد حقق التوازن الفنى والفكرى والحضارى الجميل .

هذه هي صفات الشابي الرئيسية ، وهذه هي صفات الشخصية التونسية ، فالتونسيون من اكثر العرب تحضرا ، فى حديثهم ، وأزيائهم وتطلعهم للجديد والتطور ، ومع ذلك فأنت معهم ، لا تحس انك فقدت عروبتك أو ابتعدت عن تراثك الحضاري والثقافي . ومن هذا المزيج البديع خرجت الشخصية التونسية الى الحياة العربية وقد منحت الطبيعة تونس جمالا واخضرارا بديعا ولكن تونس لم تحصل على مصادر للغني السريع . ولذلك فالشخصية التونسية ، لا تبهرك بما تملك من أشياء مادية ، وانما تبهرك بذوقها وثقافتها واناقتها وحلاوة حديثها وما تملك من عقل ووجدان وغنى انسانى أكبر من كل الاشياء المادية في هذه الدنيا . الأزياء التونسية فن وليست ترفا متراكما لا معنى له . وما من مرة شعرت ان التونسي يريد أن يبهرك بشئ خارجى ، بل يحاول أن يقترب منك دائما بالروح والعقل والاناقة والذوق الرفيع ، وعندما زرت مدينة تونس في ديسمبر الماضي أسرنى طراز المبانى العربية الاندلسية المنتشر فى المدينة ، وأسرني جمال المدينة ونظافتها وما فيها من نظام ، والمدن هي صورة من الناس ، فان كان الانسان جميلا كانت المدن جميلة ، وقد حرصت على أن استمع للغناء في تونس ، فوجدت أصواتا جميلة ، بديعة ليست معروفة لنا ، هم يغنون غناء عربيا أصيلا ، ويرددون الاندلسيات والمقامات العربية ، كل ألوان الغناء العربي القديم باصالته وروعته ، ولم أجد فى تونس ما يزعجني الا بعض الكلمات الفرنسية المنتشرة فى الاحاديث اليومية ، فقد أحسست أن هذه الكلمات تمثل جرعة أكبر من اللازم ، ولكنها على أى حال مسألة شكلية تزول مع الزمن ومع تدفق تيار العروبة أولا وقبل كل شىء من قلوب أهل تونس أنفسهم .

هذه بعض الخواطر عن الشخصية التونسية ، وقد اثارتها فى نفسى لقاءات متفرقة لا يجود بها ازدحام حياتنا بالعمل هنا في الدوحة الا قليلا ، تلك هى اللقاءات التى تتاح لى مع صديقى المثقف الفنان الانسان عبد الرزاق شطا سفير تونس في الدوحة ، وهو قطعة حية من الشخصية التونسية المهذبة الراقية الرقيقة ، وقطعة من الامل المشرق الذي نريد له أن يتكرر في حياتنا العربية وبتوالد كما تتوالد الازهار في الحديقة حتى تصبح هذه الحديقة فتنة للناظرين . فتحية لك يا عبد الرزاق شطا ، وتحية للشخصية التونسية

العربية ، وتحية لكل جميل ونبيل على الارض العربية يحمل الهم ويحلم بأيام قادمة يعطي فيها العرب للدنيا كل ما يستطيعون بغير تبريد أو ضياع .

* محمد مزالي ظاهرة جديدة فى السياسة العربية : تحت هذا العنوان كتب الاستاذ راضى صدوق فى جريد "البلاد" السعودية فى عددها الصادر فى 12 ماي 1980 ما يلى : عندما اختار الرئيس بورقيبة الاستاذ محمد مزالي وزيرا أول ( رئيس وزراء باصطلاح المشارقة ) شعر الكثيرون من أهل الفكر والادب والثقافة بالغبطة والارتياح .. ذلك ان الاستاذ مزالى مفكر اديب من طراز رفيع ، يتمتع بثقافة عميقة واسعة تجمع فى اطارها بين احترام التراث والانفتاح على الجديد الحديث المعاصر ، بالتزام واع مسؤول قادر على التفريق بين البريق الحاد والاصيل النافع ، من مذاهب الفكر والفلسفات الغربية والشرقية سواء بسواء.. والاستاذ محمد مزالي من رواد التعريب فى القطر التونسى الشقيق ، بالاضافة إلى انه منشئ مجلة ( الفكر ) التى ما تزال تحمل مشعل الثقافة الاصيلة العميقة الهادفة الخالصة من مظاهر التعصب والاقليمية والغوغائية منذ ربع قرن من الزمان . لقد خاض سلسلة من المعارك الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية الضاربة ، بصدق وشجاعة ، من أجل أن يحرر الذات التونسية ، مع غيره من ذوى النزعة العربية والاتجاه الاسلامي ، من الاخلاط والشوائب التى طرأت على صفائها بفعل مخططات المستعمر وضغوطه واغراءاته ... وكان من رأيه دائما أن تونس عربية اللغة والثقافة والمصير فى اطار عقيدتها الاسلامية ، وان المحافظة على هذه الهوية ، انتسابا ومنزعا وثقافة وحضارة ومصيرا هى الصمود الحقيقى فى وجه الاستعمار الفرنسي الذي كان يحط اثقاله على الوطن التونسي ، أرضا وانسانا ..

وقد عمل محمد مزالي ، من خلال مجلته ( الفكر ) على وجه الخصوص ، للقضاء على العزلة الثقافية بين عرب المشرق وعرب المغرب ، تلك العزلة التى عانت من سلبياتها أمتنا العربية الاسلامية قرونا من الزمان ! وزاد في احكام حلقاتها نفر من دعاة الاقليمية والشعوبية هنا وهناك حتى كادت تصبح هى الحقيقة والقاعدة .

ويمكن للقارئ التعرف الى شخصية مزالى الثقافية واتجاهه الفكرى من خلال موقفه إزاء قضية الاصالة والتجديد حيث يقول : ( المسألة تنحصر فى التوفيق بين التراث والمعاصرة أى بين القديم والجديد . بين الماضى والمستقبل .. فاذا تمسكنا بلغتنا العربية وطورناها ، وجعلناها تعبر عن كل

المفاهيم والمصطلحات العصرية ، واذا تمسكنا بديننا الاسلامي الحنيف من حيث يوم عقيدة وحضارة في آن واحد ، وعرفنا كيف نستوحى من تراتنا القدره على التلاؤم مع عصرنا من ثقة فى النفس وتفاؤل بالمستقبل وتبات عزيمة ، وروح عمل جماعية وتضامن .. اذا استطعنا ان نستوحى هذه القيم من تراتنا المجيد على ما علينا الوقوف في عالمنا المعاصر على اقدامنا ، واستطعنا كذلك ان نقتبس العالم المتقدم اسباب القوة الكامنة فى العلم والتبحر فيه والاحاطة بالتكنلوجيا ، واستطعنا ايضا ان نضع مناهج عصرية علمية فى تعليمنا فى كل الاقطار العربية ، بحيث نكون اجيالا تتكلم لغة واحدة ، وترنو الى افاق واحدة ، وتهتدى الى طرائق عمل واحدة ، وتعى الوعى المتبصر مسؤولياتها القومية ) .

وهذا الكلام العميق الواعي لابعاد الازمة العربية فى مواجهة العصر والمستقبل ، تزداد أهميته لكونه صادرا عن رجل فى المغرب العربى الذى كان  الى وقت قريب يكاد ينتزع من الخارطة العربية ليلصق عنوة وقسر بالخارطة الاوربية كتاب لها ... وتزداد أهميته أكثر عندما يكون صاحب هذا الراي المسؤول الثاني في تونس الشقيقة ، بمعنى انه فى موضع الفعل ، ويملك من مكانه ومكانته ما يتيح له ان يترجم الرأى الى موقف ، والكلمة الى فعل ، والنظرية الى منهج عمل وتطبيق .

ولعله من حسن الحظ ان يكون رجل فى هذا المستوى الناضج العميق ، فكرا . وثقافة وتجربة ، فى موقع المسؤولية الاولى فى بلد عربي افريقي اصبح الان له دوره الفاعل المؤثر فى قلب الوطن العربي ...

* محمد مزالي في جريدة الرياض السعودية : أجرى مراسل الرياض السيد الحبيب بن الحاج نصر حوارا مع الاستاذ محمد مزالي هذا نصه :

للسيد محمد مزالى رئيس الوزراء التونسي اكثر من وجه واكثر من شخصية .. فهو رجل السياسة المحنك الذي تقلب فى المناصب الحكومية منذ فجر الاستقلال فكان المسؤول الاول عن قطاعات خطيرة كالدفاع الوطني والتربية القومية والصحة العمومية والشباب والرياضة الى جانب حضوره الدائم في المراكز القيادية بالحزب الاشتراكى الدستورى التونسي . .. وهو المفكر الاديب الذي اثرى الحياة الفكرية التونسية بانتاج خصب واقدم على انشاء مجلة اديبة فى وقت كانت تعتبر فيه مثل هذه البادرة مغامرة ، لكن المغامرة نجحت وها هي (الفكر) تحتفل بعيد ميلادها الخامس والعشرين وتساهم فى تنشيط الحياة الأدبية بتونس

..وهو الرياضى قولا وفعلا وتشهد على ذلك تمارينه الصباحية الدورية التى يقطع خلالها عشرات الكيلومترات ركضا على الاقدام ، وهذا ليس بغريب من رجل تجاوزت شهرته الرياضية حدود تونس فانتخب رئيسا للجنة العاب البحر الابيض المتوسط ونائبا لرئيس اللجنة الاولبية الدولية والذي يجمع بين كل هذه الوجوه هو اعتدال الرجل وسموه عن الصراعات الهامشية وبشاشته وتواضعه الطبيعي وكذلك شعوره العميق بالانتماء الى الحضارة العربية الاسلامية اذ كان من العاملين على ارساء التعريب وترسيخ معالم الشخصية العربية الاسلامية فى برامج التعليم التونسي ولقد عرف قراء (الرياض) بعضا من جوانب السيد محمد مزالي عندما كان ضيف جريدتنا فى ملحق (ادب وادباء) يوم 3 فبراير 1980 م فاطلعوا عل شئ من اراء الرجل بصفته وزيرا للتربية القومية واديبا مفكرا . اما اليوم فهو يحدثنا من موقع رئيس الوزراء أى المسؤول الثاني عن الحياة السياسية بتونس بعد الرئيس الحبيب بورقيبة ، ومن حديثه تستشف استعدادا لاعطاء دفع جديد للحياة السياسية بالبلاد بعد الرجة التى احدثتها عملية قفصة كما نستنتج عزما صادقا على توسيع دائرة الحوار مع القوى الحية المتواجدة بالبلاد وعلى اعطاء القطاع الثقافي المكانة التى يستحقها فى اطار التنمية الشاملة . الرياض - هل سيكون برنامجكم السياسي والاقتصادى كرئيس للوزراء متابعة ومواصلة سياسية السيد الهادى نويره .. ام ستكون له ميزته الخاصة ؟ وما هى الملامح الكبرى لهذا البرنامج بصفة عامة ؟

محمد مزالي : ان البرنامج السياسي والاقتصادى لرئيس الوزراء فى تونس انما هو تطبيق للتوجيهات العامة والاختيارات الجوهرية التى يضبطها رئيس الجمهورية حسب صريح نص الدستور عندنا ، وحسب طبيعة نظامنا وتقاليدنا السياسية .

اما ان تكون لهذه السياسة مميزات خاصة فان ذلك من طبيعة الاشياء اعتبارا لكون عمل الحكومة هو عمل جماعي متناسق ومنسجم ولكون اعضاء الحكومة الحالية لم يكونوا ضمن التشكيلة الحكومية السابقة .

وبما ان لكل شخص خصائصه المميزة ولكل وزير آراءه الشخصية رغم ما يتفق عليه الجميع فى مستوى الاتجاهات العامة فانه من المنطق ان تبرز بعض الملامح والخصائص اكثر من غيرها وان كانت ستقع متابعة الخط السياسي العام للحكومة الذى ضبطه رئيس الجمهورية مع ادخال التحويرات والتعديلات التى تفرضها الاحداث او يتطلبها تطور واقع الاشياء وراء مزيد من النجاعة وتوفيرا لاسباب الرقى والتقدم الاقتصادى والاجتماعى للشعب التونسى .

إلا انه علاوة على هذه المسلمات فانى أتصور انه ينبغى التأكيد على العمق التربوي والاخلاقي في المجتمع ذلك ان نجاح برامج التنمية الاقتصادية رهن لمدى وعي الجماهير بواجبتها وحرصها على صيانة المصلحة الوطنية العليا وباختصار لمدى عمق حسها الوطني ولتفانيها فى خدمة الصالح العام فالبعد الحضاري في كل عمل تنموى وكل حركة سياسية وكل بناء اجتماعى له من التأثير والاهمية ما يجعله الدافع الرئيسى للحركية التاريخية التى تعيشها الشعوب التى تقذف بها فى متاهات الانحلال أو ترتقى بها الى قمم التقدم العلمي والرقي الاجتماعى والعطاء الفكرى المثمر والازدهار الاقتصادى والاشعاع الثقافي والابداع الفنى والنبوغ البشرى .

الرياض - سيادة رئيس الوزراء يرى الملاحظون ان حكومة 24 افريل الماضي التى تسيرونها تجمع وزراء عائدين للحكومة ووزراء لم يغادروا الحكومة ، فهل لهذه العودة معني خاص فى نظركم ؟

محمد مزالي : ليست هذه المرة الاولى التى يغادر فيها وزراء الحكومة ثم يعودون لان هذا الصنف من المسؤولية معروف فى جميع بلدان العالم بطابع التداول .. منذ الاستقلال عود الرئيس ابناءه من المسؤولين الكبار بسنة التداول على المسؤولية حسب ما تقتضيه النجاعة ونوع الكفاءة اللذان يقتضيها الظرف ، ولهذا تجدون من الوزراء من لم يغادر الحكومة ومنهم من عاد اليها فليس اذن من معنى خاص فى هذا التداول الا تمكين اكثر ما يمكن من الطاقات والكفاءات من جميع الفئات والانتماءات من المسؤولية طلبا للنجاعة وعملا بمبدأ الوحدة القومية الذى هو مبدأ اساسي فى الحكم فى تونس .

الرياض - يرى الملاحظون انكم كنتم دائما فوق الخلافات والصراعات السياسية ، فهل ستحاولون من موقعكم الجديد ان توحدوا بين الصفوف وان تساعدوا على تلاحم كل القوى بما فيها ما يسمى بالمعارضة ؟

محمد مزالى : - لقد اعتقدت دائما واعتقد إلى الان ان ليس هناك فروق كبيرة عميقة بين القوى الحية الغالبة الموجودة فى البلاد لان المجتمع التونسى هو معروف بما سميناه المجتمع الوسط الذى لا يقول بحتمية الصراع الطبقى ولم يعرف اقطاعية ولا برجوازية كما عرفتها بلدان اخرى ، ولهذا فالخلافات ليست عميقة جدا وانما هي دائما تصور خاص لما يجب ان يكون عليه المجتمع فى الحاضر والمستقبل . . فى هذا التصور قاسم مشترك ينبني على مبادئ قارة كالوحدة القومية وما قاربها كالمضى فى تجسيم الدمقراطية والتعلق بالاشتراكية .

هذه الارضية تجمع غالب القوى الحية فى البلاد وهي كفيلة بان تجعل كل الطاقات مساهمة المساهمة الفعالة فى بناء الوطن وتشيد المستقبل . ولهذا فاننى بقيت دائما فى معزل عما قد نسميه بالتسيس الذي يؤول الى التسايس الركيك اى عن المصلحة العامة وخدمة الجماهير والاهتمام بالحسابات الشخصية اكثر من المبادىء وبالخلافات السطحية اكثر من الاهتمام بما ينفع الناس وانكببت على العمل البناء المتواضع الموضوعي معتبرا ان لكل التونسيين العاملين الصالحين حقا فى هذا الوطن ولا يعير فى شىء ان يكون لهم رأي مخالف اذا كانت غايته هى نفس الغاية وهي بناء الوطن وحمايته . ولهذا فان طريقتى فى مباشرة شؤون البلاد ستبقى بورقيبية اى انها ستخضع لنفس التمشى ونفس النسق حتى نجمع اكثر ما يمكن من الكفاءات والطاقات والتيارات حولنا وامل ان تجد جميعها المجال للعمل والمساهمة المجدية فى النهضة بالبلاد .

الرياض - يعيش الحزب الاشتراكي الدستورى مرحلة حاسمة من حياته النضالية وقد تسلمتم الأمانة العامة بعد تدرجكم فى المسؤولية الحزبية ، فما هو الدور الذى ترونه لهذا الحزب العريق فى معركة الانطلاق السياسي والاقتصادى والاستقلال الثقافي ؟

محمد مزالي : تعرفون ان الحزب الاشتراكى الدستورى اسسه الرئيس بورقيبة منذ سنة 1934 وهو الذى قاد الكفاح التحريرى وجمع كل فئات الشعب التونسى فى بوتقة واحدة عمالا ومزارعين وصناعيين ومثقفين شيبا وشبابا نساء ورجالا ، بحيث كان تجمعا اكثر مما هو حزب بالمعنى المتعارف عليه يمثل كل اصناف الشعب فاكتسب بذلك شرعية تاريخية لا ينازعه فيها احد واصبح القوة الضاربة التى تصدت للاستعمار ولنظام الحماية فدكته دكا وهذه القوة متمثلة فيما نسميه بالوحدة القومية .

وكان الحزب في مؤتمراته العديدة التى عقدها أثناء الفترة الاستعمارية  فكرة واضحة فى كل المواضيع المتعلقة بالعمل السياسي والاقتصادى والثقافى ، فلما تم الاستقلال تصدى هذا الحزب وهو التجمع الشعبى الواسع العريض ومن ورائه رجاله الذين اخذوا مقاليد الحكم عن طريق الانتخابات الحرة التى انتظمت بصورة دورية الى العمل التنموى فى مجالاته العديدة .

وبطبيعة الحال فان تطور المجتمع التونسي وتقدم الحياة وارتفاع مستوى الجماهير التونسية ماديا وثقافيا والتفتح الكبير على ما يدور فى العالم احدث الهزات الايجابية التى مكنتنا فى كل مرة من مراجعة خط السير وتجنب الاخطار المحدقة بالبلدان المتنامية . وسنحرص دائما على ان يكون الحزب مع المنظمات

القومية وكل الهيئات والطاقات الخلافة الموجودة فى البلاد المحرك للحياة السياسية والاقتصادية والثقافية المتفتح على كل التيارات والفئات المتجاوب مع الكهول والشباب القابل للحوار الدائم .. ان حرصنا سيتواصل فى جميع المستويات سواء القومية منها أو الجهوية أو المحلية حتى تكون الاطار دائما فى مستوى مسؤولياتها من حيث الكفاءة والاخلاص والاستقامة والأشعاع لان العبرة ليست بالهياكل فقط بل بالرجال الذين يعمرون هذه الهيا كل ويبعثون فيها الحركة والحيوية .

الرياض - بعد تعيينكم رئيسا للوزراء كيف ستوقفون بين ما يتطلبه المنصب الجديد من جهود متواصلة وبين انشطتكم الثقافية ، خاصة اشرافكم على مجلة " الفكر " ورئاستكم لاتحاد الكتاب التونسيين ؟

محمد مزالى -انا متعود على الاضطلاع بعديد المسؤوليات السياسية والتربوية والثقافية والرياضية وقد وفقت الى حد الان الى التوفيق بينها جميعا اذ سعيت إلى ايجاد قاسم مشترك لها هو ترابط اسباب النهضة الشاملة ، واعتقد ان مسؤولياتي الثقيلة الجديدة ستمكننى من بناء رؤية متكاملة لكل عوامل التنمية والدفع الحضاري ، ثم ان مجلة " الفكر " فى سنتها الخامسة والعشرين قد بلغت أشدها بما يجعلها قادرة على الاستمرار وعلى ان تكون اداة ثقافية اكثر فعالية .. أما اتحاد الكتاب التونسيين الذي انتخبنى على رأسه زملاء القلم بالاجماع فانني عازم بمعية رفقائى اعضاء الهيئة المديرة على ترسيخ اقدامه وتطوير نشاطه تبعا للثقة التى قلدت اياها وباعتبار هذه المنظمة ترجمان ضمير الشعب وقلبه النابض ، وساعمل فى سبيل ذلك بكل ما اوتيت من قوة من دون ان اواصل رئاسة اتحاد الكتاب بالضرورة .

الرياض - المعروف انكم رجل فكر وثقافة ، فهل تعتقدون بعد توليكم المسؤولية الجديدة ان الميدان الثقافي يحتاج الى مساعدات اكبر وميزانية اضخم ، حتى يحتل الادب والثقافة عموما المكانة اللائقة بهما فى مجتمع يصبو الى التقدم المتكامل ؟

محمد مزال لقد كنت دائما من مختلف مواقع المسؤولية التى مررت بها أنادي باحلال الثقافة المكانة اللائقة بها لتمكين رجالاتها من الاسهام فى تحقيق التنمية ، وقد حرصت المرار العديدة بان الابداع الثقافي لا يقل اهمية عن خلق مواطن الشغل وبناء الجسور ومد الطرقات وبان الانتاج الثقافى لا ينفصل عن حركة الانتاج فى المطلق ، بل اؤمن بان هناك علاقه جدلية بين مختلف قطاعات الانتاج حتى لو استعصى تقييم المردود الثقافي بالأرقام

والاحصاء ، ولذلك فانه من الضرورى تقديم مزيد من المساعدات المادية لخلق المناخ الملائم للابداع . وهذا ما ستعمل الحكومة على تحقيقه بحيث لن تبخل على الكتاب والفنانين بالتشجيع اللازم قدر ما تسمح به امكاناتنا ، فالانسان آخر الامر ليس مطالبا بالمستحيل أو بما هو فوق الطاقة .

الرياض - لقد عرفتم فى الاوساط التونسية والعربية بعملكم الرائد فى مجال تعريب التعليم وبمناصرتكم لجملة من المبادئ ابرزها التربية المتأصلة والتعريب الهادف وارادة التاثير في الواقع ، فهل ستمتد هذه المبادئ الى كافة الهيئات والهياكل الادارية والمؤسسات الحكومية بالبلاد ؟ وهل تتوقعون للتعريب آفاقا جديدة لا على مستوى وزارة التربية فقط بل على جميع المستويات الاخرى ؟

محمد مزالي : - ان ما اود ان اطمئن به اخواننا هو ان الادارة والمؤسسات الحكومية قد شملها التعريب عدا ما يتصل منها بالخارج او بالشؤون التقنية البحتة فالعدلية والامن مثلا وقع تعريبهما منذ الاستقلال ، أما في المجال التربوى فقد عربنا إلى حد الان كافة العلوم الانسانية من تاريخ وجغرافيا وفلسفة بيد اننا ابقينا على تعليم العلوم الصحيحة باللغة الفرنسية لسببين اثنين هما عدم توفر الاساتذة القادرين على تدريس تلك العلوم بالعربية فى الوقت الحاضر ، والسبب الثاني هو حرصنا على الاتصال بالعلوم العصرية مباشرة اى بدون وساطة المترجم . ومهما يكن من امر فان قضية التعريب ليست في نظرنا مسألة عاطفية بل هى خاضعة للعقل والمصلحة ولذلك فانه من الضرورى ان نتدرج بالتعريب شيئا فشيئا لضمان جودة التكوين والحفاظ على المستوى المطلوب ، ونحن لا نشعر فى ذلك باى مركب ، فتونس كانت ولم تزل متمسكة بانتمائها الى الحضارة العربية الاسلامية ، بل قد ركز فخامة الرئيس الحبيب بورقيبة كفاحه الطويل ضد الاستعمار على كون تونس اول قلعة من قلاع العروبة والاسلام فى شمال الصحراء .

* الاستاذ محمد مزالي وجريدة الميثاق الوطني المغربية : أوردت جريدة الميثاق الوطني المغربية الصادر بتاريخ 27 ماي 1980 حديثا لصديقنا الاستاذ مصطفى القصرى بمناسبة زيارة الاستاذ محمد مزالي الوزير الاول والامين العام للحزب الى المغرب الشقيق ونحن ننشره بحذافيره شاكرين للاستاذ الصديق مصطفى القصرى عواطفه الطيبة الاخوية نحونا . ونحن نذكر جيدا مشاركته فى مجلة الفكر وقدرته الفائقة على فهم شاعر صعب كسان جون

بيرس وتعريبة له فى لغة رقيقة شاعرية ونذكر ايضا طيب معشره وحسن اخلاقه عندما كان مقيما بيننا . فشكرا للاستاذ وهذا نص الحديث : الضيف الكبير الذي يزور المغرب ابتداء من نهار الامس ، شخصية غنية عن التعريف ، وعلما مرموقا من اعلام الثقافة والفكر فى المغرب العربى وقد ارتابنا ، وعلى هامش النشاط السياسى والاتصالات الدبلوماسية التى سيركز عليها الاستاذ محمد مزالى الوزير التونسى الاول ان نلقى الاضواء على الجانب الثقافي والفكرى والادبى من شخصيته .

فاتصلنا لهذه الغاية بصديقنا الاستاذ مصطفى القصرى الكاتب العام لوزارة الاعلام ليتحدث الينا عن محمد مزالي الأديب ، وقد تعرف عليه عندما كان الاخ القصرى كاتبا عاما للجنة الدائمة الاستشارية للمغرب العربى التى كان مركزها اذذاك بتونس العاصمة .

ومعلوم ان الاستاذ محمد مزالي كان قد كتب تقديما قيما لترجمة مصطفى القصرى لمقاطع من شعر جون بيرس وجاء تقديم الاستاذ محمد مزالي لكتاب " الفلك ضيقة " بمثابة دراسة تحليلية لادب الشاعر الفرنسي الكبير ، سنوافى قراء "الميثاق الوطني" بنصها الكامل ابتداء من عدد الغد ان شاء الله .

وفيما يلى نص الحديث الذي ادلى لنا به مشكورا الاخ مصطفى القصرى . س - الاستاذ محمد مزالى الوزير الاول علاوة على نشاطاته السياسية النضالية رجل فكر والادب ، وله فى هذين المجالين جولات معروفة ، وتحركات يشهد له بها الجميع ، فهل تتفضل فتعطى قراء " الميثاق الوطني" نظرة ولو موجزة عن الاستاذ محمد مزالي المفكر والاديب ؟ وأولا كيف تعرفت به ؟ ج - تعرفت على الاستاذ محمد مزالى بتونس عندما كنت كاتبا عاما للجنة الاستشارية الدائمة للمغرب العربى تعرفت عليه اولا عن طريق كتاباته فى مجلة " الفكر " التى يديرها ثم بصفة مباشرة حينما استقبلنى فى منزله ومكتبه ، وزودني بنصائحه الثمينة عندما كنت اترجم قصيدة سان جون بيرس " الفلك ضيقة " اذ شرفني دائما مشكورا بتقديم تلك الترجمة الى القارىء العربى

س - وماذا عن مكانته الفكرية والأدبية ؟ ج - الاستاذ مزالى تتجاوز شهرته الحدود التونسية فهو من كبار مفكرى المغرب العربي خصوصا والعالم العربى على وجه العموم ، وجميع المثقفين يعرفون كتاباته القيمة التى كان ينشرها فى مجلة " الفكر " منذ سنوات عديدة . وتتناول قضايا الفكر العربي والنهضة العربية ومختلف اوجه الثقافية العربية ، وهو زيادة على ثقافته العربية الواسعة ، فانه يستفيد من ثقافته الغربية ومعرفته الواسعة للغة العربية ليثرى ثقافتنا ويوسع آفاقها بلقاح الثقافة

الانسانية الرفيعة التى اطلع عليها وهضمها واطلع عليها العالم العربي والاسلامى

س - كلمة عن اهتماماته الدائمة والقضايا التى يحب ان يعالجها ،،، ج - ان الاستاذ محمد مزالي يعالج قضايا الساعة سواء على مستوى الانسان العربى او الانسان بصفة شاملة كمسألة النمو والتخلف ومسالة التغذية والصحة والنمو الدموغرافي والتحرر الاجتماعى وغيرها ، يعالج هذه القضايا متوخيا من وراء هذه المعالجة رفع مستوى الانسان العربي وتوسيع افاقه واثراء أفكاره ومداركه حتى يكون فى مستوى أخيه الانسان الغربي ثقافة وعلما وحضارة ، فالاستاذ مزالى من هذا المنظار رجل وعي ورجل توعية ،

س - لا بد وان للاستاذ محمد مزالي اسلوبا خاصا فى معالجة هذه القضايا ،،، ج - اسلوب الاستاذ محمد مزالي يتميز بالسلاسة والوضوح وحسين الاداء والدقة فى التعبير فكتاباته من نوع السهل الممتنع ، يحسبه المرء انه من السهل تقليد هذه الكتابة ثم يتبين له من بعد بأن لها بنية متينة مركبة احسن تركيب وادقه ،

س - قلت ان الاستاذ مزالي عرب كثيرا من الاثار الغربية ، فما هى مترجماته ؟ ج - اما من حيث الترجمة فان الاستاذ مزالى اثرى الخزانة العربية ( بمساعدة الاستاذ البشير بن سلامة ) بتعريب كتاب تاريخ افريقيا الشمالية لصديق المغرب المؤرخ الفرنسى شارل اندرى جوليان ، وناهيك باهمية هذا الكتاب الذي يعد من اتقن واوسع واضبط المراحل في تاريخ هذا الركن من العالم ،

وهذا الكتاب فى جزئه الاول يعالج تاريخ تونس والجزائر والمغرب الاقصى من البدء الى الفتح الاسلامى وفى جزئه الثاني من الفتح الاسلامي الى 1830. وتجدر الاشارة إلى اهمية الفصول الاولى للجزء الاول التى تعالج الجغرافيا وتضاريس ارض شمال افريقيا والمناخ والحياة النباتية والحيوانية وتقسيم السكان وغير ذلك وناهيك بصعوبة ترجمته أو نقول : تعريب الجانب العلمي في الكتاب التعريب العلمي الدقيق ، فنحن كما قلت : ندين بهذا العمل الجبار للاستاذ محمد مزالي وصديقه الاستاذ البشير بن سلامة ، س - قدم الاستاذ مزالي منذ سنوات لترجمة "الفلك ضيقة " فما هى انطباعتك عن هذا التقديم ؟

ج - اما فيما يخص التقديم الكريم الذي حظيت به ترجمتى لسان جون بيرس فاترككم تتناولونه ، على ان لى ان ابقى معترفا للاستاذ مزالي بالمنة الكبرى خصوصا انه لم يقتصر على تقديم كتاب وانما تناوله بالدرس العميق والتحليل وتناول خصوصا شاعرية سان جون بيرس تحليل العالم المدقق والخبير الواسع الافق ، وتوسع في تحليل دور الشعر كعامل أساسي انارة غمض من اسرار الوجود .

* اتحاد الكتاب التونسيين يكرم الاستاذ محمد مزالي : أقام اتحاد الكتاب التونسيين يوم 27 ماي 1980 بمقره حفل تكريم للاستاذ محمد مزالى بمناسبة تعيينه وزيرا أول وأمينا عاما للحزب . وحضر هذا الحفل السيد رئيس مجلس الامة وعدد من الوزراء واعضاء اتحاد الكتاب وثله من اهل الثقافة والفكر .

وفي أول الحفل زار الاستاذ محمد مزالي معرضا أقيم بهذه المناسبة ضم مؤلفات المحتفى به . وضم أيضا مؤلفات أعضاء الاتحاد الذين صدرت لهم كتب سنتى 1978 - 1979. ذلك أن الاستاذ محمد مزالى ابى ألا ان يكرم معه كل الذين انتجوا فى هذه الفترة على حسب السنة التى درج عليها الاتحاد كل سنة فى تكريمه للاعضاء المنتجين . ثم اجتمع الحاضرون في قاعة المحاضرات والقى الاستاذ محمد العروسي المطوى كلمة قال فيها بالخصوص :

"الاعز الاستاذ محمد مزالي الوزير الاول والامين العام للحزب والرئيس المؤسس لاتحاد الكتاب التونسيين . هذا الحفل المعنون بحفل تكريم ليس فى اعتقادى من انماط حفلات التكريم التى تقام بمناسبة أو بأخرى . واذا كانت حفلات التكريم تعد فيها المناقب فان مناقب الاخ محمد مزالي قد يصعب على تعدادها ويكفيه انه صاحب " الفكر " بالمعنيين منذ ربع قرن . ذلك انه منذ بزوغ العدد الاول من مجلة الفكر حدد المسؤولية التى يشعر بها نحو امته ونحو العروبة ونحو الاسلام والاصالة بصفة عامة ومنذ ذلك اليوم وهو دؤوب لا ينى لم يتوقف ولم يعرف السكون ، دأبه دأب الفكر الدؤوب .

فهو الرجل الذي آمن ككاتب ومفكر بأن له رسالة يؤديها فى الحياة وفي المجتمع وهو من ذلك الرعيل الاول الذي لا يعتبر الكتابة رفاهة او ترفيها بل عنده الكتابة مسؤولية . ولو طالعتم العدد الاول من مجلة الفكر لرأيتم تحديدا لتلك المسؤولية ولرأيتم انه لم يحد عن ذلك منذ أكتوبر 1955 "

وقال أيضا : " ان الاستاذ محمد مزالى كان له مع رفقة من اخوانه شرف تأسيس هذا الاتحاد وجمع شمل الادباء والكتاب فى أول منظمة عمرها الآن عشر سنوات

ولقد سادت هذه المنظمة روح من الاخوة والانسجام والدمقراطية بفضل رئيسه محمد مزالى ولا غرو فى ذلك فأول انتاج لمحمد مزالى كان عن الدمقراطية وانى لموقن ان الفكر والدمقراطية لا الكتابين هنا سينالان الحظ الذى كنا نؤمله من زمان بعيد فى عهد الاخ محمد مزالي بعد ان تحمل هذه المسؤولية التى تتجافى بعيدا عما كان يقال فى الزمان القديم من ان العلماء ابعد الناس عن السياسة وعكس ما قال فقيهنا وهو يريد ان يبتعد عن خطة القضاء : كم عسى ان يسبح من يدخل فى البحر ذلك ان محمد مزالي رياضى قبل كل شئ وسباح"

وختم قائلا : واسمح لى يا أخي وأنا اشعر بشىء من الحرج عندما أتكلم وأحلل مناقبك المعروفة لدى الجميع انما سأستعير كلمة وردت فيما كتبه رجاء النقاش فى جريدة الراية بالدوحة وهو بعيد عنا آلاف الاميال لا مجاملة ولا محاباة عندما قال : ان تعيين محمد مزالى رئيسا للحكومة تهنئة لكل المفكرين العرب ونوه بأن الكاتب الفيلسوف والمفكر التونسى وصل الى رئاسة الوزارة عن طريق الاقلام لا عن طريق السلاح وتلك مفخرة جديدة تكتب لهذا القطر التونسى اذ استطاعت عبقرية بورقيبة ان تجعل أنموذجا لتولى الحكم غير الذى عرف فى كثير من البلدان وان يتحمل رجل الفكر والاستاذ مسؤولية السياسة وتسيير دواليب الحكم . "

ثم ألقى بعد ذلك الشاعر الصادق شرف قصيدة وتلاه جمال الدين حمدى وأخيرا أخذ الكلمة الاستاذ محمد مزالى ( تجدون نص الكلمة ضمن هذا العدد) .

* الاستاذ محمد مزالي يتخلى عن رئاسة الاتحاد : تلقى اتحاد الكتاب التونسيين الرسالة التالية من الاستاذ محمد مزالي بعد تعيينه وزيرا أول وأمينا عاما للحزب هذا نصها : الى هيئة اتحاد الكتاب التونسيين الى " كافة زملائى اعضاء الاتحاد" تحية طيبة ،

أما بعد ، فلقد عملت منذ تسع سنوات في صلب الاتحاد معكم وقد لقيت منكم التاييد الكامل والتعاون الايجابي لنقوم معا بما التزمنا به من اشاعة للادب والفكر التونسيين ورعاية للكتاب والادباء .

وقد اثلج صدرى وامتع نفسى ما كان من اجماعكم فى الجلسة العامة الاخيرة لانتخابى على رأس الاتحاد رغم مشاغلى الكثيرة وتعبيري عن وجوب تخلى عن رئاسة الاتحاد وقبلت ذلك اعتقادا منى اننى بمسؤولياتى آنذاك يمكن لى ان استمر فى العمل معكم مسخرا فى ذلك كل طاقاتى .

غير ان تعييني وزيرا اول وامينا عاما للحزب الاشتراكى الدستورى ، وما يفرضه ذلك على من ثقيل المسؤوليات ، يدفعني مكرها الى ان اتخلى عن رئاسة الاتحاد واطلب من اخوتكم ان تتفهموا موقفى . على أننى سابقى دائما الى جانبكم ومعكم ساعيا ما امكن ذلك الى تحقيق ما التزمنا به عند تاسيس اتحادنا . وختاما ، تقبلوا اخلص مشاعر الود والتحية ، مع تمنياتى بنجاحكم في رسالتكم .

واثر وصول هذه الرسالة اجتمعت هيئة اتحاد الكتاب التونسيين وأصدرت البلاغ التالي : اجتمعت الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين يوم الثلاثاء 10 جوان 1980 ، وسجلت بكل اعتزاز تسمية الاستاذ محمد مزالي وزيرا اول وامينا عاما للحزب الاشتراكي الدستورى من قبل فخامة الرئيس الحبيب بورقيبه واكدت على ان هذا الشرف ينال كافة الأعضاء بالاتحاد ، وكل الذين ينتسبون الى الفكر فى تونس وفي الوطن العربي .

وبهذه المناسبة تلقت الهيئة من الاستاذ محمد مزالي رسالة يبين فيها ما "يفرضه عليه هذا التعيين من ثقيل المسؤوليات" مما يدفعه الى " التخلى عن رئاسة الاتحاد " مع البقاء دائما معه ومع اعضائه فى سبيل تحقيق ما التزم به الجميع ما امكن ذلك "

وان هيئة الاتحاد التى - لا يسعها الا ان تتفهم هذا الموقف - عازمة على ان تبقى دائما باتصال مع الاستاذ محمد مزالي عاملة على خدمة نفس المبادىء وساعية إلى مؤازرته فى مواقفه المناضلة من أجل عزة تونس الاصيلة المتفتحة . ولهذا قررت الهيئة ان تضفي على الاستاذ محمد مزالي لقب " الرئيس المؤسس للاتحاد" نظرا لما قام به منذ تاسيس هذه المنظمة من اعمال تشرف الكلمة وانصارها .

وتسجيلا لتخلى رئيس الاتحاد أجرت الهيئة المديرة طبقا لما يخوله لها القانون الاساسي تحويرا فى توزيع المسؤوليات على النحو التالي :

- رئيس             : محمد العروسي المطوى - نائب رئيس       : مصطفى الفارسي كاتب عام           : البشير بن سلامة - مساعد كاتب عام : محمد مواعدة - امين مال          :  محمد فنطر - امين مال مساعد  : عبد العزيز قاسم

- اعضاء   :   " الميدانى بن صالح - احمد القديدى ، نور الدين                     صمود ، عمر بن سالم ."

* تحية عراقية لمحمد مزالي : طالعنا في جريدة الصباح التونسية بتاريخ الجمعة 13 جوان 1980 كلمة لصديقنا الاستاذ قاسم خطاط يحيى فيها الاستاذ محمد مزالى بمناسبة تعيينه وزيرا أول وأمينا عاما للحزب . والاستاذ قاسم خطاط هو مدير لمعهد المخطوطات فى ظل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم . وله مؤلفات عديدة منها رواية الملكة الكادحة . فشكرا جزيلا للاستاذ على عواطفه النبيلة وهذا نص كلمته :

كنت أريد أن اتوجه بهذه التحية فى الحفل الذى أقامه اتحاد الكتاب التونسيين يوم الثلاثاء 27 ماى 1980 لرئيس الاتحاد الاستاذ محمد مزالي الوزير الاول والامين العام للحزب ، لكنني احسست ان اسرة الاتحاد التونسى احق مني بعميدها ورئيسها ، رغم شعورى بالانتساب الى هذه الاسرة ، أسرة التعليم والفكر والادب ، لانني من اعضاء اتحاد المؤلفين والكتاب العراقيين ، شقيق الاتحاد التونسى .

كنت اجلس فى القاعة الكبيرة بمقر اتحاد الكتاب التونسيين الخاصة باهل القلم والفكر ، وتطلعت الى المنصة التى يجلس عليها الاخ الكريم الاستاذ محمد مزالى والى جانبه أخي وصديقى الاستاذ محمد العروسي المطوى ، نائب رئيس الاتحاد ، وتذكرت القصيدة التى القاها الشاعر العراقي الاستاذ حافظ جميل فى مؤتمر الادباء العرب الخامس ببغداد عام 1965 يحيى بها ضيوف بغداد " اضياف بغداد هذا وجه بغداد " لقد قال فى تلك القصيدة :

رب القيادة خلف الطرس مقعده لا فوق دبابة أو فوق طراد واسعدني غاية السعادة ان يتحقق ما قاله الشاعر العراقي وها هو الاستاذ محمد مزالي صاحب الطرس والقلم يتولى منصب الوزير الاول والامين العام للحزب فى هذا البلد العريق ، وها هم اهل الفكر والطرس والقلم يحتفون بعميدهم ورئيس اتحادهم ويحتفلون بوجوده فى مكان المسؤولية ، باسم الفكر والطرس والقلم ،

والاستاذ محمد مزالي واحد من اعظم تلاميذ مدرسة المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة أبو المجاهدين وعميد المناضلين دون منازع . التقيت به أول مرة على صفحات مجلة " الفكر " منذ الخمسينات ، وبمرور الايام صار يذكرني باولئك الاعلام الذين صنعوا التراث العربى العظيم ، كان الواحد منهم فقيها وطبيبا وفلكيا وشاعرا ومحدثا فى وقت واحد وهكذا رأيت

محمد مزالي يكتب ، ويجيد الكتابة ، فى موضوع وكأنه من المتخصصين فيه ، فى التربية ، فى الاجتماع ، فى التاريخ ، فى الادب ، فى الشعر ، بل وفي الرياضة ايضا ،

قال عبد الحميد الكاتب : " على الاديب ان يلم من كل فن بطرف" لكنني وجدت الاستاذ محمد مزالي يلم من كل فن باطراف كثيرة وجئت الى تونس الخضراء الحبيبة فى يناير (جانفى) و 1979 لحضور اجتماعات المجلس التنفيذى للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وكنت مشوقا الى مقابلة هذا الرجل الاسطورة ، الذى احببته على البعد قبل ان اراه ، احببته من خلال كتاباته وأحببته مما سمعته عنه ممن قابلوه وعرفوه ، واخذني اليه اخي وصديقى الاستاذ ابو القاسم محمد كرو وتذكرت وانا جالس في مكتبه اتحدث اليه ، تذكرت قول الشاعر العربى :

كانت مساءلة الركبان تخبرني      عن أحمد بن سعيد أطيب الخبر

حتى التقينا فلا والله ما سمعت    اذنى باحسن مما قد رأي بصرى

ودار الحديث مع الاستاذ محمد مزالي عن التراث وعن مجلة الفكر وعن الشعر والثقافة ، وعن معهد المخطوطات العربية ومشاريعه وتطلعاته من اجل جمع تراث هذه الامة ،

وبعد دقائق أحسست وكأنني أعرف هذا الرجل منذ عشرات السنين ، كان حديثه المتدفق بسلاسة وبساطة يصل إلى القلوب ثم الى العقول ، مثل اسلوبه الساحر فى الكتابة ، السهل الممتنع ، تندفع حروفه الى القلوب ، ثم تأخذ طريقها الى العقول حاملة رايات القلوب الخفاقة المؤمنة بكل حرف المؤيدة لكل فكرة عبر عنها الحرف .

وهنا عرفت لماذا وضع المجاهد الاكبر راية التعريب فى هذه اليد القوية الامينة ، يد محمد مزالي ، ولماذا ابقاه في وزارة التربية القومية اكثر من ثلاث عشر سنة ، ان المجاهد الاكبر اعرف الناس بمعادن الرجال ، واعظم صانع للرجال فى تاريخنا المعاصر ، لقد أوكل الى هذا الرجل القوى الأمين مهمة صنع الاجيال الطالعة التى ستتسلم الراية وتصنع مستقبل تونس العربية المسلمة الاصيلة ، تونس الجديدة التى اخرجها المجاهد الاكبر من الظلمات الى النور ، وسار بها الشعب بقيادته الى البناء والتقدم والازدهار

وعرفت لماذا أوكل اليه شؤون الاذاعة والتلفزة ، وشؤون الشباب ، ووزارة الدفاع ، ووزارة الصحة اضافة إلى اعبائه فى الحزب ، وفي عضوية الديوان السياسى خاصة .

لقد كان المجاهد الاكبر يعرف المعدن الاصيل النادر لهذا الرجل الاديب المفكر المتواضع صاحب الشخصية الساحرة ، فكان يعده لهذا اليوم العظيم

الذي يضع فيه على عاتقه هذه المسؤولية الكبرى ، فى هذه المرحلة الحاسمة فى تاريخ تونس ، مرحلة الاستعداد لدخول القرن الخامس عشر الهجرى ، بكل ما يمثله من تراث هذه الامة العتيقة العريقة العظيمة واصالتها ، والقرن الحادى والعشرين الميلادى ، بكل ما يمثله من تقدم فى الفنون والعلوم والتقنية ، ومن تصرف بالذرة ، ومن نفاذ الى افلاك السماوات والارض ،

هنيئا للمجاهد الاكبر بساعده الايمن وخريج مدرسته العتيدة التى صنعت الفادة لتونس الحبيبة ولمنظمات الامة العربية والاسلامية ، ومن بين هؤلاء الخريجين الاستاذ الشاذلى القليبـى الامين العام لجامعة الدول العربية ، والاستاذ الحبيب الشطى الامين العام لمؤتمر الدول الاسلامية ، وغيرهما ...

وهنيئا للاستاذ محمد مزالي بثقة المجاهد الاكبر ،،، ومن ورائه شعب تونس كله ، وبتقدير ومحبة ابناء امته العربية التى تعتز وتفخر وهنيئا لتونس الحبيبة بوزيرها الاول والامين العام لحزبها ، هذا الرجل الذى تملؤنى الثقة فى انه ، مثل استاذه وزعيمه المجاهد الاكبر سيترك في تاريخ تونس والوطن العربى الكبير صفحات مضيئة متألقة ، وهنيئا للامة العربية بابنها البار محمد مزالي ، رجل الفكر ورجل الدولة

* الثعالبي : ناقدا وأديبا : هذا عنوان المؤلف الضخم الذي وضعه الاستاذ د . محمود عبد الله الجادر ونشرته دار الرسالة للطباعة ببغداد فى 622 صفحة من القطع الكبير وقد ساعدت جامعة بغداد على نشره .

والكتاب عبارة عن مرجع هام لحياة وآثار وثقافة رجل من أعلام النقد العربى عاصر الحصرى القيروانى هو أبو منصور عبد الملك بن محمد بن اسماعيل الثعالبى النيسابورى الناقد والاديب الذى أمد الثقافة العربية بكتب لا يكاد يستغنى باحث عنها فى دراسة أى جانب من جوانب أدب القرنين الثالث والرابع الهجريين .

وقد اعتمد الدكتور محمود عبد الله الجادر فى تأليفه على مراجع شتى وهوامش كثيرة ذكرها فى آخر الكتاب كلها حتى انها احتلت من الكتاب 110 صفحة بين مراجع عربية وأخرى أجنبية . وقد قسمه الى ثلاثة أبواب كل باب يحتوى على فصلين معنونة كما يلى :

الباب الأول : حياة الثعالبى وثقافته . الباب الثاني : نقده المفصل الى : المنهج الاقليمي والمنهج الفنى . الباب الثالث : أدبه . المفصل الى نثره وخصائصه : شعر وأغراضه . نبارك للدكتور هذا المجهود المبذول ونشكره على النسخة التى أهدانا من كتابه الثمين ، ونرجو له إطراد العطاء الادبي لصنع الاضافة المعاصرة.

* هذه بنزرت : كتاب جديد للاديب : رشيد الذوادى وهو بحث تاريخي عن أصول نشأة هذه المدينة وموقعها وتخطيطها القديم ، كما تجد فيه أضواء على جهاد أبنائها وعن عاداتهم وعن انطباعات الرحالين وعن قصة الصراع بين حكام المدينة والأهالى عبر عصور التاريخ .

* الموت في قرية رمادية : هذه الحلقة السابعة من السلسلة التى تصدرها مطبعة الرسالة بالرباط . المغرب . وتتمثل فى مجموعة شعرية تحمل عنوان " الموت ... فى قرية رمادية " للشاعر عبد العلي الودغيرى . وتضم 22 قصيدة موزعة على 112 ص من القطع المتوسط .

والملاحظ أن القصائد ذات إيقاع عربى مموسق يشد القارىء ويفتح عليه مداخل للعبور من تصوراته الى تصورات الشاعر عبر ممرات الواقع العربي الذي ينتظر التغيير فى اتجاه العمل الاضافة لمستقبل الحضارة . نشكر الشاعر على النسخة التى وصلتنا هدية منه ، ونرجو لديوانه الرواج ولانتاجه التواصل فى هذا الدفع الشعرى من داخل المعاناة كأصل الى الخارج كرؤية متفتحة تخدم ديوان الشعر العربى .

* مسافر إلى الله : تحت هذا العنوان أصدر الشاعر الصديق : أحمد فضل شبلول ( الاسكندرية ) باكورة أعماله الشعرية من نشر " جماعة فاروس الأدبية " والمجموعة رغم صغر حجمها مضغوطة بالاضاءات الفنية الرائقة . فالشعر عنده " ضياء ينبع من أضواء الروح وأضواء الكلمات " ... " ويكون طريقا نحو الدفء ومعراجا نحو الله " .

شكرا للصديق شبلول على النسخة التى وصلتنا هدية منه لنا وكلنا رجاء أن يتواصل عطاؤه الابداعى غامرا بالضوء والتطلع للجمال .

* أقنعة من زجاج : هذا عنوان المجموعة القصصية التى نشرتها مكتبة الكندى بحلب فى اخراج ممتاز للاديب الاستاذ نادر السباعي وتحتوى المجموعة على ثمانى قصص ومن العناوين التى تحملها : لوحة تبحث عن ألوانها - ذات الوجه الآخر - وأخيرا توارى القصر .

نشكر الصديق نادر على النسخة التى وصلتنا منه ونرجو له التوفيق فى أعماله الادبية وتواصل هذا المد الفني الجميل .

* ندوة موضوعها الأمة : تحت هذا العنوان أقام اتحاد الكتاب التونسيين ندوة ثقافية وذلك بمقره بدار الثقافة بباب العسل مساء يوم 23 ماي 1980 وقد قدم الموضوع الاستاذ العروسى المطوى ثم ألقى الاستاذ الشاعر الميدانى بن صالح محاضرة فى الموضوع تلتها نقاشات واسعة شارك فيها اعضاء الاتحاد الحاضرون خاصة الدكتور : محمد فاضل الجمالى والاساتذة : البشير بن سلامة ومصطفى الفارسي ومحمد مواعده والحبيب المخ وأحمد الشرفى وغيرهم وقد خصصت مجلة " العلم والتعليم " لهذه المناسبة ولهذا الموضوع ملفا يضم كل ما دار فى هذه الندوة من حوار نشرته فى عددها الصادر فى جوان 1980 تحت رقم : 45 .

* مؤسسة الكويت للتقدم العلمي تعلن عن مسابقة سنوية : تمشيا مع أهداف مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وتحقيقا لأغراضها في تدعيم الانتاج العلمى وتشجيع العلماء والباحثين ستقوم المؤسسة المذكورة بتخصيص جوائز فى مجالات العلوم والآداب والفنون وفقا لبرامجها السنوية وخططها على المدى البعيد والقريب .

ومن خلال هذه الجوائز تسجل المؤسسة اعترافها بالاجازات الفكرية المتميزة التى تخدم التقدم العلمي وتساعد على النهوض بالمجهودات المبذولة لرفع المستوى الحضارى فى مختلف الميادين .

أ - على مستوى الوطن العربي بما فيه الكويت : تمنح المؤسسة فى كل من الحقول الخمسة الآتية : 1 - العلوم الاساسية : في مجال العلوم البيولوجية . 2 - العلوم التطبيقية : فى مجال الهندسة المدنية . 3 - الفنون والآداب : في الشعر الغنائى العربى . 4 - احياء التراث العربي والاسلامي : فى تاريخ الرياضيات عند العرب . 5 - العلوم الاقتصادية والاجتماعية : فى مجال التغيير الاجتماعى فى الوطن العربى خلال العقدين الماضيين .

جائزة سنوية قدرها خمسة آلاف دينار كويتى ( 5.000 د . ك . ) لكل من ( واحد أو أكثر ) أسهم بصورة رئيسية وقدم اضافات جديدة فى الحقل . ب ) - على مستوى دولة الكويت : تمنح المؤسسة فى كل من الحقول آنفة الذكر جائزة سنوية قدرها خمسة آلاف دينار كويتى ( 5.000 د . ك . ) لكل كويتى ( واحد أو أكثر ) أسهم بصورة رئيسية وقدم اضافات جديدة فى الحقل .

ويشترط فيمن يحصل على جائزة المؤسسة :  (1) أن يكون انتاجه مبتكرا وذا أهمية بالغة بالنسبة الى الحقل المقدم فيه خلال العشر سنوات الماضية . (2) أن يكون المرشح من أبناء الأقطار العربية . (3) تقبل المؤسسات طلبات المتقدمين وترشيحات الجامعات والهيئات العلمية كما يحق للأفراد الحاصلين على هذه الجائزة ترشح من يرونه مؤهلا لنيلها ولا تقبل ترشيحات الهيئات السياسية .

(4) يتضمن الترشيح السجل العلمي للمرشح ونبذة مختصرة عن حياته وانتاجه العلمي ومبررات ترشيحه لنيل هذه الجائزة . (5) لا يعاد الانتاج المقدم الى مرسله فاز المرشح أو لم يفز . (6) لا تقبل الاعتراضات على قرار المؤسسة بشأن منح الجوائز للفائزين . (7) على الفائز أن يقدم محاضرة عن الانتاج الذى نال الجائزة عنه . (8) تقبل الترشيحات ابتداء من 1 - 3 - 1980 الى 31 - 10 - 1980 . (9) ترفق مع الترشيحات أربع نسخ من الانتاج المقدم وترسل على العنوان التالي : السيد : مدير مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ص ب : 25263 - الصفاة - الكويت .

وتقوم المؤسسة باعلان عن هذه الجوائز كما تقوم بارسال دعوات الى الجامعات والهيئة العلمية . كما تقدم المؤسسة مع الجائزة النقدية ميدالية تقديرية وشهادة خاصة تبين مميزات الانتاج وأهميته بصورة مقتضبة .

* الحريق .. حتى الاخضرار ! : صدر العدد التاسع من مجلة "الأخلاء" فى سنتها الثانية يحمل لنا كالعادة مجموعة شعرية اسمها : " الحريق .. حتى الاخضرار " للشاعر حميده الصولى الذى صدرت له قبل هذه المجموعة مجموعتان : " صوتى مقلوع الأظافر " التى تحصلت مع شواطىء العطش" لأبي وجدان على جائزة الدولة التشجيعية لهذه السنة . " الحضور في زمن الغياب " وهذه المجموعة الثانية لحميده الصولى صدرت فى العراق .

وفي كلمة " الأخلاء " التى يكتبها الشاعر الصادق شرف المدير المؤسس لمجلة " الأخلاء ". نقرأ قوله عن مجموعة " الحريق .. حتى الاخضرار " : " حيث تكون ( حتى ) غائية ... يكون عنوان المجموعة ... يعبر فى هدوء صادق عن امتزاج رؤية الشاعر بمنظورات واقعه ، وعن تأثره بكل تفاعلات مجتمعه اقتصادية كانت أو سياسية أو ثقافية أو غيرها . ... وبذلك يكون الشعر احد عناصر تشييد المجتمع حسب التوقع الفاضل

حينا ، وحسب الحلم المثالي احيانا ... . . وفي هذا تنقيح للآتي ، وزخرفة عربية لرؤية حضارية تكون جزءا من ذلك الآتى المتكئ على الحاضر النضالي من أجل الصعود الى جبلة الإبداع في جميع ميادين الحياة ". وهكذا تواصل مجلة " الأخلاء " - بامكانياتها المتواضعة جدا - اثراء المكتبة العربية بالمجموعات الشعرية والقصصية التونسية ايمانا منها بالكلمة العربية الأصيلة .

* الوزير الاول يستقبل مدير دار سندباد للنشر : استقبل السيد محمد مزالى الوزير الاول صباح أمس السيد بيار برنار مدير دار سندباد الفرنسية للنشر الذى أدلى عقب المقابلة بالتصريح التالي : " كنت سعيدا جدا بمقابلة السيد محمد مزال الذى هو فى نفس الوقت رجل ثقافة وعمل ، وانى لوائق ان العلاقات بين تونس والغرب ستزداد بفضل رعايته ثراء وتكسب بعدا حضاريا جديدا واننا سنتوصل الى تنمية المبادلات فى الميادين التى تشكل فيها النزعة الانسانية العنصر الاساسي ومصدر كل المبادلات الاخرى المثمرة .

واننا نعلم جميعا ان قضية المستقبل سيكون محورها التفاهم وتقاسم التراث الثقافي الانسانى وان الاقتصاد والتقنية اللذين يسودان فى عصرنا سسيلكان حتما نفس المنهج وان افضل ربط للمصير المشترك للشعوب المتوسطة يكون على يد رجال مثل السيد محمد مزالي مؤسس واحدة من احسن المجلات الفكرية فى العالم العربى ".

* مزالي عضو فى المجلس الاستشارى لهيئة الموسوعة الفلسطينية : عين مؤخرا الاستاذ محمد مزالي الوزير الاول والامين العام للحزب الاشتراكى الدستورى التونسى عضوا فى المجلس الاستشارى لهيئة الموسوعة الفسطينية .

ويضم هذا المجلس ثلة من المفكرين والعلماء العرب من الذين يعملون بكل تفان واخلاص وتجرد من أجل اعلاء كلمة الشعب الفلسطيني والنضال في سبيل حريته واستقلاله وتعتبر الموسوعة الفلسطينية انجازا حضاريا ذا بال ويتمثل دورها فى توثيق الصلة بين الشعب الفلسطيني وأمته العربية المجيدة . ونحن نهنئ الاستاذ محمد مزالى بهذا التقدير لشخصيته العربية النضالية التى يعترف بها العالم العربى فى كل الميادين .

* مسرحية " المستحيل " تأليف حكم بلعاوى : أصدرت الدار التونسية للنشر أخيرا للمناضل الفلسطيني حكم بلعاوى مسرحيه بعنوان : " المستحيل " هذه الكلمة التى تجسم رؤية جيل الرفض والتحدى .

بهذه الكلمة الصغيرة الكبيرة واجه الرجل الفلسطيني طابور التخدير ، وجحافل الاستسلام ، وآليات المحق منشدا : (مستحيل أن ينام الثار في صدري وان بقاه ) . . " مستحيل أيها الأبطال أن لا تنبثق شمس ساطعة من زوايا كهوفنا وخيامنا وتشردنا " . مستحيل أن ينام " ابناء أمة لا تنام على جرح " . لها أبطال يقولون : " قلوبنا لا يسكن فيها الا الثورة " .

والمسرحية عبارة عن ملحمة نضالية ذات مراحل تمثل محطات العبور إلى الارض - التى مر بها الشعب الفلسطيني - محطة التشرد والضياع ومحطة الكهوف الباردة وما فيها من سل واستلال وموت بطئ ومفاجئ . ثم محطة التحول من كهف الى خيمة من هارب مختبئ الى لاجئ على طريق صنع العودة . ثم تأتي محطة " الصنع " ولا يمكن أن يتجسد المصنوع دون جهد ومجاهدين وجهاد يصنع التاريخ ويخضع ما كان يبدو " المستحيل " - فى نيل الشعب الفلسطيني حقه المشروع - الى منطق التحصحص العالمي شيئا فشيئا أمام اصرار صاحب الحق على الوصول الى حقه وإدمان الغاصب المستبد على فرض الواقع بقوة النار والحديد ، ومن هنا تكون معادلة الايمان بالحق فى مسرحية " المستحيل " في أسلوب تبلغ رائعات التعبير فيه حد الشعر حيث يقول :

أموت اشتياقا . / أموت احتراقا . / وشنقا أموت .. / وذبحا أموت .. / ولكنني لا أقول : مضي .. / حبنا وانقضى .. / حبنا لن يموت ...

* صورة تونس في الأدب الفرنسي ابتداء من سنة 1880 : هذه أطروحة أعدها السيد " فى دوفا " Guy Dugas وهي باللغة الفرنسية L' image de la Tunisie dans les Lettres Francais قدمها هذا الاستاذ  كأطروحة وهي عبارة عن دراسة تكاد تكون شاملة لما كتب باللغة الفرنسية عن تونس وهي تندرج في نطاق التحليل الايديولوجى لنظرة الحضارات بعضها لبعض ولا سيما نظرة الغرب للحضارات غير الغربية .

وتقع هذه الاطروحة فى جزأين فيما يقرب من الستمائة صفحة مرقونه . وهو عمل هام ننظر نشره لنوافي القراء بعرض شامل له إن شاء الله شاكرين دار الكتب الوطنية والسفارة الفرنسية اللتين عملتا على سحب هذا العمل وتوزيعه .

* نادى الآداب بدار المعلمات بالمرسي : أصدر أخيرا نادى الآداب بدار المعلمات بالمرسى باشراف الاستاذ الشاب المنصف حشيشة العدد الاول من مجلة مدرسية تحمل عنوان : " الحصاد : وقد افتتحت مديرة الدار السيدة نبيهة الطرابلسى المجلة بكلمة نوهت فيها بالمحاولات الادبية الطيبة التى جادت بها أقلام بنات الدار .

ونحن إذ نشكر نادى الآداب على النسخة التى جاءتنا منه ، نرحب بهذه الظاهرة ونبارك جهود المشرفين عليها ، وندعو لتواصل تشجيع المواهب .

اشترك في نشرتنا البريدية