1بين مناضلين :
قابلنى فى آخر المساء
كان حزينا ، ضائعا
فى حزنه الطاغى ، وكان البرد
يدعونا الى مواقد الشتاء
عانقى .. كسرنى - من فرط أشواقه -
فى أحضانه الصماء
حولنى الى شظايا .. أطلق العنان للبكاء
شاركته البكاء ، فالاقدار
داست وطنى
داست مساجدا ، واشجارا ، وانهارا
وأنبياء
وهذه الأقدار قد ألقت بنا
للنفى والغربة آه يا أخى
زدنى عناقا إننى ...
مجزأ أجزاء
زدنى عناقا إننى
كريشة فى قبضة العواصف الهوجاء
* * *
سألته :
ترى خلقنا عبثا ؟
أم أنها الحياة ؟
تأخذ الشذى منا وتهدينا الى الهباء ؟!
لم يتكلم .. كان مشنوقا بحبل
الذكريات ..
قلت : هل سمعت ؟
قال بلا صوت : أنا أنتهيت !
عانقنى المسكين من جديد
وقال : قد نعود ذات عيد
ونلتقى على ذراع الوطن المكبل البعيد
ثم اختفى
وانفجرت باريس بالبكاء
وانفجرت بالمطر السماء
2 أجىء .. وقد لا أجىء :
أجىء .. وقد لا أجئ
فكل المواعيد هى احتمال
عيون الكلاب
تحاصرنى من جميع الجهات
وتجعل موعدنا مثل ...
نجم بعيد المنال
اجىء .. وقد لا أجئ
فانى المغنى
وأزع لحمى على الفقراء
وأزرع قلبى جسرا
يمر عليه رجال النضال
وقد يستحيل وصولى اليك
اذا ما اضطررت
لأزرع روحى شمسا
تنير حقول الزياتين والبرتقال
وتحرس ابطالنا فى شعاب الجبال
* * *
أجىء .. وقد لا أجىء
فكل المواعيد هى احتمال
وبينى وبينك
شعب يموت هباء
وأرض تموت هباء
فكيف أفرق بين الجهاد ؟
وبين وفائى لوعدى ؟
وشيمة قومى الوفاء
أجىء .. وقد لا أجىء
ليسقى دمى أرض شعبى
وادخل فى موكب الشهداء
اذا مت يا وردتى فأكتبى بدمائى
قصيد رثاء
ضعيه كتاج من الورد
فوق ضريحى
لعل قصيدك يبعث روحى
3 المغنى :
هو الآن يستقبل الموت
داخل سجنه .. والسجن مجد ..
وتاج المناضل
وكنا نخاف عليه
وكان يقول لنا : مرحبا بالسلاسل
* * *
مضى زمن والمغنى يغنى
لقيده فى ظلمة السجن
للارض للنهر يجرى دما ودموع
لأم تنام كقلبه بين الضلوع
يغنى
* * *
وسجنه أضيق من مشنقه
وجرحه أوسع من بلدى
ولكن صبره أجمل من زنبقه
لذلك كان يغنى
سألنا البلاد عن الموت
قالت : لقاء الأحبة
كيف اذن يا رفاقى
نعارض موت العصافير والعاشقين
وكيف لقاء الأحبة
يجعلنا نتكسر حزنا ؟
ونبكى ألوف السنين ؟
هو الآن يستقبل الموت
داخل سجنه
عيناه نهرا دموع ونور
يداه الخناجر
تنحب بين حصار السلاسل ...
قلبه قنبلة تشتهى أن تثور
وجرحه أوسع من بلدى ...
يشتهى أن يثور
ولكن سجنه أضيق من مشنقه
* * *
وصبره أجمل من زنبقه
ومات مغنى الوطن
فهل سيجود بمثله هذا الزمن ؟
